"علشان ابن أمه.. الزوجة طلعت من البيت على المحكمة!"
ستة أشهر فقط كانت كافية ليبدأ الحلم الكبير في الانكسار، حين بدأت سلمى وكريم رحلتهما الزوجية التي كانت قائمة على نية الستر وبداية جديدة. لم تكن سلمى تطمح للقصور أو السفر، كل ما أرادته كان شقة صغيرة وهدوء وحياة يمكنها فيها اتخاذ قراراتها وسماع صوتها.
لكن الواقع لم يكن كما تمنّت. دخلت سلمى بيت العائلة المليء بالذكريات القديمة، أم فقدت زوجها منذ سنوات، وتعلقت بابنها الوحيد كأنه كل ما تبقى لها في الحياة. كريم، الذي نشأ بين يديها منذ كان عمره سبع سنوات، ظل يقدّم رضا والدته فوق أي اعتبار، حتى فوق حق زوجته في حياة مستقلة.
حاولت سلمى في البداية التكيف، تقول لنفسها إن غدًا سيكون أفضل، لكن الغد لم يأتِ أبدًا. كل كلمة على الطعام، كل ملاحظة على اللبس، كل تعليق على أسلوب الكلام، أصبح عبئًا يمر عبر بوابة رضا الأم. وعندما طالبت بالخصوصية والعيش في بيت منفصل، اشتعلت الخلافات.
وفي ليلة لا تُنسى، خرج الخلاف عن السيطرة، تصاعدت الإهانات والأصوات العالية، وتحطم قلب سلمى أكثر من أي شيء آخر. رحلت حاملة وجعها وحدها، وورق الدعوى بدل الذكريات.
في اليوم التالي، ذهبت سلمى إلى محكمة الأسرة بمدينة نصر، ورفعت دعوى طلاق للضرر بمساعدة المحامية نهى الجندي، التي لخصت الموقف بعبارة واحدة: "مش كل البيوت بتنهدم بالخيانة، بعض البيوت بتسقط من زيادة السيطرة."
وصل كريم إلى الجلسة وعينيه مليئتان بالندم، لكن صوته عاجز عن التعبير. كانت والدته تقف بجانبه، ممسكة يده وكأنها تحاول الحفاظ على طفل لم يصبح رجلاً بعد. عرض العودة والعيش في بيت منفصل، لكنها أجابت بهدوء أقوى من أي صراخ: "رجوعي قرار، مش منحة."
وفي النهاية، أصدر القاضي حكمه، ليس لصالح طرف على الآخر، بل ليتيح لكل منهما حمل وجعه والمضي قدمًا دون أن يضيع ذاته. خرجوا من المحكمة دون موسيقى حزينة أو نهاية رومانسية، لأن الحقيقة كانت واضحة، الطلاق لم يكن بسبب قلة الحب، بل بسبب عدم وجود خصوصية يمكن أن يعيش فيها أي بيت.
وعلق الجيران كما يفعلون دائمًا: "نصيب.. والبيوت أسرار."





