هل يتحول إقليم كردستان لتل أبيب جديدة؟
كتب - مصطفى سيف
بالعودة إلى الوراء كثيرًا؛ وتحديدًا في عام 1948، حين أعلن الكيان الصهيوني عن إنشاء دولته على الأرض الفلسطينية المُحتلة حاليًّا، ثم دعوته لجميع اليهود بأنحاء العالم للهجرة إلى "أرض الميعاد" على حسب مزاعم الدولة العبرية.
فما أشبه الليلة بالبارحة؛ حيث إن رئيس الإقليم- الذي يعتبر جزءًا لا يتجزأ من الأراضي العراقية- مسعود بارزاني يصر على السير في هذا النهج.
بداية الأمر تعود إلى السبعينات من القرن العشرين، حين منح العراق وفقًا لاتفاقية وُقّعِتْ بين الرئيس العراقي، عبد الرحمن عارف الظاهر، والزعيم الكردي الملا مصطفى البارزاني، حكمًا ذاتيًّا واعترافًا باللغة الكردية كلغةٍ رسميةٍ للإقليم.
إلا أنّ إحساس الإقليم بقوته زادت؛ بعد أن حاربت قوات البيشمركة ضد "داعش" واستطاعت الانتصار عليها؛ ولكن ذلك كان بدعم لوجستي من أمريكا، التي ترفض إجراء هذا الاستفتاء حاليًّا.
على هذا النهج يسير رئيس إقليم كردستان، مسعود بارزاني، الذي يصر على إقامة الاستفتاء اليوم في موعده على الرغم من معارضة مصر، وتركيا، وإيران، وسوريا، والعراق، والولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا.
الأكراد هم أُناس يعيشون في المنطقة الجبلية الممتدة على حدود تركيا، والعراق، وسوريا، وإيران، وأرمينيا، ويترواح عددهم ما بين 20 لـ30 مليونًا، ويُعَّدون رابع أكبر مجموعة عرقية في الشرق الأوسط.
في العقود الأخيرة زاد تأثير الأكراد في التطورات الإقليمية، إذ قاتلوا من أجل الحكم الذاتي في تركيا، ولعبوا دورًا هامًا في الصراعات في العراق وسوريا، آخرها المشاركة في مقاومة تقدم تنظيم "داعش".
في سوريا؛ يمثل الأكراد ما بين سبعة وعشرة في المئة من تعداد السوريين، ويعيش معظمهم في دمشق وحلب، وفي ثلاث مناطق متفرقة حول عين العرب، وبلدة أفرين، وبلدة قامشلي، وفي تركيا يمثل الأكراد حوالي 15 أو 20 % من السكان.
أمَّا في العراق؛ يمثل الأكراد حوالي 15 أو 20 في المئة من السكان العراقيين، واستطاعوا الحصول على امتيازات لم يستطع غيرهم الحصول عليها في الدول الأخرى.
وفي مصر أيضًا؛ التي تتخذ موقفًا معارضًا لانفصال الإقليم عن العراق، يعيش الكثير من الكرد اليوم فيها، وهم منتشرون في أماكن مختلفة تمتد من الإسكندرية شمالاً إلى أسوان جنوباً.
على نفس النسق؛ كان اليهود منتشرون في أنحاء شتى من العالم؛ وبمجرد إقامة دولتهم على أراضٍ فلسطينية، دعوا جميع يهود العالم للهجرة إليها؛ لذلك من المتوقع أيضًا أنّه في حالة نجح الاستفتاء وانفصل الإقليم أن يكون أول تصريحات "بارزاني" دعوة كل أكراد العالم للهجرة إلى الإقليم الجديد، فهل سيتحول الإقليم إلى تل أبيب جديدة؟ هذا ما ستستفر عنه الأيام القليلة المقبلة.



