في البحيرة: "سترة البنات" كلمة السر.. والأب المتهم الأول
البحيرة - محمد البربرى
لازلنا ونحن في الألفية الثالثة، تتردد في وادينا الطيب عبارات من نوعية: "زواج البنات سترة" و"البنت مالهاش غير الجواز" و"عايزين نجوزها قبل ما يفوتها القطر وتعنس"، لازلنا ونحن في 2017 نجد أعدادا كبيرة في قرى ريف وصعيد مصر، فتيات قاصرات يتم تزويجهن بين سن الـ12 والـ15 عاما، وللأسف من يقفون وراء هذه الجريمة هم الآباء، الذين يظنون وكل ظنهم إثم أنهم يعملون لصالح بناتهم.
طرقت "بوابة روزاليوسف" الأبواب، وتجولت داخل القرى، تكشف الستار عن الزواج المبكر الذي يختطف طفولة البنت، ويضيع حقوقها فى أغلب الحالات، لتقف على العديد من الأسباب التى ترجع إلى الانحراف الأخلاقى، الذى يدفع الآباء إلى تزويج البنات مبكرا، خوفا من الفضائح، وأيضا زواج البنات الريفيات من أصحاب الأموال، الذين يسعون للزواج من فتيات صغيرات، ودفع مبالغ كبيرة للآباء لمباركة الزيجة، والمشكلة هنا عند إبرام وثيقة الزواج.
فالأمر لا يخلوا من التلاعب بالقوانين، الذي يكون المأذون في حالات كثيرة شريك بها، فالفتاة التي لم تتجاوز الـ18 عاما لا يمكن توثيق عقد زواجها رسميا، ويتم التحايل على هذا الشرط، بأن يقوم المأذون بكتابة العقد من ثلاثة نسخ، نسخة للعريس ونسخة للعروس، ويحتفظ هو بالنسخه الثالثة التى يجب أن يتم توثيقها من المحكمة، مقابل مبلغا ماليا كبيرا، أما في حالة رغبة أهل الفتاة في توثيق العقد، فيقوم المأذون بتزوير عمر الفتاة مستخدما قلم حبر جاف يمكنه محوه، وذلك بأن يكتب تاريخ ميلاد غير صحيح ليصبح سنها 18 عامًا وقت الزواج، وفى حالة الطلاق فإن الحقوق القانونية للزوجة تضيع.
قصص من الواقع
حكت لنا "راندا" صاحبة الـ 16 عاما، عن زواجها من "محمد" 22 سنة، منذ حوالى سنتين، وكان الزواج على يد محام، وكان زوجها لا يعمل ويعيش هو وزوجته على نفقة والده، إلى أن انتهى الزواج بالطلاق، دون أن تنجب أطفالا لأسباب رفضت ذكرها.
وتعلن والدة "راندا" ندمها على زواج ابنتها فى سن مبكرة، ملقية باللوم والعتاب على أبيها، وتنصح الأمهات بعدم الوقوع في الخطأ الذي وقعت فيه، وقبول زواج بناتهن القاصرات، لأنه يضيع حقوقهن.
قصة أخرى ترويها "شيماء" قائلة: إنها تزوجت عندما كان عمرها 14 سنة من رجل عمرة 27 عاما، بعقد عرفى، لأن المأذون لم يوافق أن يعقد رسميا، لعدم وصولها للسن القانونية، وكانت النتيجة الطلاق، لعدم التوافق بينهما.
رأي الرجل في القضية كان صادما... فيقول "أبو مجدى": إن لديه حفيدة متزوجة منذ عامين فى سن 14 عاما، ولديها من الأطفال ولد، معللا أن زواج البنت "سترة" ووالدها ظروفه المعيشية صعبة ولدية 5 بنات، ولديه حفيدة أخرى تبلغ من العمر 14 عاما مخطوبة منذ شهر، وسيتم زفافها بعد عام.
جمال خطاب، رئيس لجنة الحريات بنقابة المحامين بالبحيرة
رأي القانون
حذر جمال خطاب، رئيس لجنة الحريات بنقابة المحامين بالبحيرة، من هذا الزواج الذى يهدر حقوق الزوجة، مؤكدا أن تلك الزيجات يقوم فيها البعض بعقد القران بشكل غير موثق، ويوقع الزوج على إيصالات لحفظ حقوق الزوجة، وهذا مخالف للقانون ويهدر حقوق الزوجة.
مضيفا، أن هذا الزواج لا يضر بأحد إلا الزوجة، التى لا تتمكن من المطالبة بأقل حقوقها الشرعية، التى يحفظها لها الزواج الرسمى، وغالبا لا توجد قضايا بوجود عقد مزيف لأسباب كثيرة، أهمها تحدى الأهالى للقانون، رغبة فى سترة بناتهم، فأصبحت النيابة العامة تحفظ التحقيقات.
وأكد رئيس لجنة الحريات، على ضرورة الحفاظ على القاصرات من ظاهرة الزواج المبكر، متعجبا: إزاى نحملها مسئولية زواج وبيت!
زكية رشاد
المجلس القومي للمرأة
حذرت أيضا المهندسة زكية رشاد، رئيس فرع المجلس القومى للمرأة بالبحيرة، من الأضرار الناتجة عن زواج القاصرات الذى يسبب ضررا نفسيا ومعنويا، مؤكدة أن فرع المجلس ينظم ندوات توعية بالقرى والنجوع للتوعية بهذة المخاطر قبل الزواج، ومحاولة إقناع من تزوجت بالفعل منهن بعدم الحمل فى مثل هذه السن من 14 إلى 18 سنة، الذى يمثل خطورة على صحة الزوجة.
وتضيف رئيس المجلس القومى للمرأة بالبحيرة، نتلقى شكاوى عديدة من الفتيات بضغوط الوالد على قبول الزواج فى سن مبكرة لرجل ميسور الحال، لافتة إلى أنه فى مثل هذه الحالات نحاول نوصل للأب لإقناعه بعدم زواجها، ونشرح له الأضرار التي ستنتج عن هذه الزيجة، منهم من يستجيب ومنهم من يزوجها بحجة "زواج البنات سترة".
التعليم ودور الجامعة
ومن جانبه أكد الدكتور عبيد عبدالعاطى صالح، رئيس جامعة دمنهور، على ضرورة التصدى لظاهرة زواج القاصرات بتعليم الفتيات قائلا: لو تعلمت البنت وعملت، لن تكون عبئا على الأسرة، ولن يجبرها أحد على الزواج.
وأضاف رئيس جامعة دمنهور: يتم تنظيم دورات تدريبية للتوعية بمخاطر الزواج المبكر، وطرق التغلب على هذه الظاهرة، في إطار الدور المجتمعي للجامعة، وننظم ندوة فى شهر أكتوبر بحضور أساتذة الاجتماع، ودعوة الآباء وجمعيات المجتمع المدنى والمجلس القومى للمرأة للتوعية بمخاطر زواج القاصرات.



