"قاصرات" المنيا... زواج وأطفال بدون أوراق رسمية
كتبت - علا الحينى
لا يدركون أنهم يعرضون أنفسهم للخطر، جميعهم مقتنع بما فعل وفقا لعادات القرى التي يعيشون بها، بأن الزواج "عفة وسترة"، والبنت مهما تتعلم ملهاش غير بيت العدَل، والغريب اللهجة التي يتحدث بها البعض في تلك القرى، أن فلانة دفع لزيجتها كام ألف وتعرض على أهل العريس كالسلعة التي تُشترى، ليحدد كم سيدفع مهرًا.
كل تلك الحكايات سمعناها في بعض قرى المنيا، إحدى المحافظات التي تعاني من ارتفاع معدلات الفقر، وزيادة نسبة الريف عن المدن، حيث يعيش 80 % من سكانها بالريف، الذي يعد واحدا من أكثر المناطق التي تسجل ارتفاع نسب زواج القاصرات، غير معترفين بأن هناك ارتفاعا لسن الزواج، خاصة أن أكثر سن تصل إليه الفتاة هناك، ويجب أن تتزوج هو نهاية المرحلة الإعدادية، والقليل منهم ينتظر لنهاية المرحلة الثانوية، إذا كانت الفتاة ملتحقة بالتعليم.
بعض القرى ترى أن البنت إذا تأخرت عن الزواج عن هذا التوقيت، فإن لعنة العنوسة أصابتها، والأزمة الكبرى هي، أن الطفلة الصغيرة التي تتزوج تصبح أما لطفل وهي تجهل التعامل معه، وتجهل تربيته الصحيحة، ويكون الجميع أسيرًا لمعتقدات سائدة، بأن البنت مالهاش غير الجواز وبيتها، ولا فائدة من بقائها بمنزل والدها.
وخلال الحملة التي قام بها المجلس القومي للمرأة، والتي رصدت عددًا كبيرًا من حالات الزواج للقاصرات، أكدت الدكتورة نجاح التلاوي، مقرر عام فرع المجلس بالمنيا، بأن قرية دلجا بديرمواس، من أكثر القرى التي ينتشر بها زواج القاصرات، وقرى أخرى مثل دير أبو حنس وكوم اللوفي، وغيرهما من القري التي تم المرور عليها.
"غادة ومنى نادي" شقيقتان من قرية دفش بالمنيا، الفرحة تعم على وجه والداتهما، لأن ابنتيها تزوجتا مبكرا عن مثيلاتهما بالقرية وكل واحدة منهما أصبحت أما لطفل ولا تعرفان كيف تتصرفان معهما.
تقول "غادة" إن البنت في القرية من سن 12عاما ويبدأ يتردد العرسان على المنزل، وعلينا أن نختار سريعا حتى لا يحسب علينا أننا نرفض.
تقول: إنني تزوجت خارج قريتي عندما شاهدني زوجي وأنا أذهب يوميا للدرس في المرحلة الإعدادية، وتركت المدرسة بسبب ظروف الحمل.
أما "منى" فتقول، تزوجت أحد أفراد أسرة والدي وأعيش معهم في غرفة داخل المنزل، لأن زوجي يعمل على باب الله لتوفير نفقاتي أنا وابنه، خاصة أنني وضعت منذ عدة أشهر.
وحول قسيمة الزواج وإثبات الأطفال، تقول، كلنا في البلد بهذا الشكل، وأغلب الأطفال يتم تسجيلهم بعد ولادتهم بسنوات، فهناك أطفال عمرها في الشهادة أقل من السن الحقيقي، أو يزيد، والبعض يستغل أوراقًا ثبوتية لأطفال متوفين لأبنائهم.
أما "نورا خليفة"، فهي فتاة تزوجت في عمر الـ15 عامًا، وأصبحت أرملة بعد 3 أعوام من الزواج، وتزوجت بآخر ولديها 5 أطفال، 4 بنات وولد، تقول: أنا تزوجت وعمري 15 عاما مثلي مثل باقي البنات، وحملت وأنجبت طفلة صغيرة، ثم مرض زوجي وتوفي وتزوجت مرة أخرى من ابن خالتي، وأنجبت منه خلال 4 سنوات 4 أطفال، والخمسة أطفال أنهكوني، خاصة وأنهم يتعرضون للمرض سريعا، وزوجي يسافر كل فترة للأردن أو ليبيا، حتى يستطيع توفير نفقات المعيشة لنا.



