كيف تحصل على الجنسية الأمريكية خلال 90 دقيقة
كتبت - اميرة بهاء الدين
ضغطة زر ثم تركيز لمدة 90 دقيقة، والنتيجة هي التحول من عربي أوروبي آسيوي إلى أمريكي الجنسية.. هكذا تسلط الأفلام الأمريكية مجهودها لجذب تعاطف الجميع ومن ثم تقمص الأدوار كأنك أمريكي الأصل، وبالأخص بعالمنا العربي.
وهذا ما سوف تلاحظه بحوالي 60% من الأفلام الأمريكية التي تناقش جوانب سياسية أو تتعلق بالأمن القومي للولايات المتحدة الأمريكية، فقد استطاع الإنتاج السينيمائي الأمريكي أن يجعل من العربي المناضل الكاره لأمريكا لكونها مدعم رئيسي لدولة اسرائيل ومروج للحريات الزائفة أن يعيش ما يقرب من 90 دقيقة حالة من التعاطف الشديد مع الأمريكان عقب تعرضهم للقتل أو الاضطهاد من قبل الجماعات الارهابية، ليصل إلى درجة عالية من التفاعل مع الأحداث ثم يقول سرًا: أنا حاسس اني بقيت امريكي!
وعلى المدى الطويل يمكن ان يتحول هذا التعاطف الوقتي إلى ثوابت راسخة و محاباة للولايات المتحدة وهو ما تحمله بواطن الأفلام خاصة في ظل عدم وعي وجهل من المشاهدين والمستوردين للأفلام الأمريكية بالوطن العربي، والفكرة هنا تكمن في إعلاء تعاطف المشاهد مع الجنسية الأمريكية وليس مع بطل الفيلم.
انتشرت الأفلام الأمريكة بالسينمات المصرية بصورة مرعبة بالفترة الاخيرة نظرًا لكم الأفلام التي يتم تصديرها لمصر، فأصبحت الأفلام الأجنبية تعتلي بوسترات صالات العرض بعدد أكبر من الأفلام العربية بالكثير من السينمات حتى وصلت لسينمات الأماكن الفقيرة والعشوائية أيضًا.
ونستعرض خلال الفقرات القادمة أفلامًا أثبتت هذه الأفكار التي تحاول الولايات المتحدة زرعها بعقول العرب:
olympus has fallen
إذا كنت من محبي الإسكتلندي جيرارد بتلر فغالبًا قد تكون شاهدت فيلمي Olympus has fallen من إنتاج 2013 وLondon has fallen من إنتاج 2016 باعتبارهم من أقوى أفلام جيرارد على مستوى الإنتاج وأحداث الفيلمين وتحقيق الإيرادات.
تدور أحداث Olympus has fallen حول هجوم على البيت الأبيض والاستيلاء عليه بالكامل من قبل جماعة إرهابية كورية مهددين حياة الرئيس الأمريكي والوزراء، ومطالبين بسحب الأسطول الأمريكي من مياة اليابان وكوريا الجنوبية حتى يتم الإفراج عن الرهائن، ويقوم جيرارد الحارس السابق للرئيس بإنقاذ حياة الرهائن وإفشال خطة الجماعة المسلحة، ويتخلل الفيلم أحداث مثيرة حول إنقاذ الرئيس.
اعتمد المخرج على فكرة الإرهاب الذي تتعرض له أمريكا، واللعب على وتر العاطفة وكسب تعاطف المشاهدين من خلال التعايش مع الأحداث ونشر مشاعر الخوف على أرواح الأمريكان وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي.
ومع مشهد النهاية تكاد تقوم بالتصفيق لإنقاذ الرئيس - وهو نفس الشخص الذي يقوم بالتصقيف مع اشتعال أي أزمة بالبيت الأبيض على أرض الواقع - بالفعل يجب أن نصفق ولكن لمخرج الفيلم "أنطوان فوكوا" على تحقيق هذه المعادلة الصعبة.
London has fallen
يعتبر هذا الفيلم بمثابة جزء ثانٍ واستكمال لنفس فكرة "سقوط البيت الأبيض" وهو من إخراج باباك النجيفي، وتدور أحداثه حول محاولة من جماعة إرهابية عربية بمساعدات باكستانية تحاول الاستيلاء على لندن ومن ثم الولايات المتحدة ثم محاولة السيطرة على العالم، حيث تبدأ الأحداث بتعرض لندن لمؤامرة كبيرة خلال جنازة رئيس الوزراء البريطاني، الذي توفي في ظروف غامضة، ومحاولة قتل كل زعماء العالم الحاضرين في هذه الجنازة، إضافة إلى تدمير معالم العاصمة البريطانية، ومطاردة الرئيس الأمريكي طوال أحداث الفيلم باعتباره زعيم أهم دولة بالعالم.
يرتكز الفيلم أيضًا على بعض الأفكار ونفس طريقة التقديم التي اعتمد عليها الجزء الأول وتنتهي كالعادة بإنقاذ الرئيس الأمريكي وإفساد المخطط وانتصار أمريكا وهو ما سنراه بمعظم الأفلام الامريكية تحت شعار "أمريكا لا تُهزم".
No escape
يعد الفيلم من أقوى الأفلام التي تم إنتاجها عام 2015، والذي تدور أحداثه حول شخص أمريكي يعمل بإحدى شركات المياة يصطحب عائلته في مهمة عمل بأحد دول آسيا، الواقعة على حدود فيتنام، وتتحول أجازة الأسرة إلى كابوس مرعب، في ظل نشوب حالة إنقلاب تشهدها البلاد اعتراضًا على بعض قرارات الحكومة، وظهر ذلك عبر مجموعة من المطاردات التي تجعل تلك الأسرة البريئة هدفاً يسعى الانقلابيين لقتلهم، لكون رب الأسرة الذي يقوم بدوره " أوين ويلسون" يعمل في شركة المياة التي ستوقع اتفاقية مع الدولة الآسيوية وهو ما يراه الانقلابيون تفريطًا في حصتهم من المياة، ومن هنا يبدأ استهداف جميع الأمريكان بالبلد.
من المفترض أنه تم التصوير بتايلاند ولكن ظهر ذكاء المخرج منذ اللحظة الأولى بأحداث الفيلم حيث لم يتم الإعلان عن اسم الدولة التي دارت بها الاحداث، وإذا كنت من محبي البحث وحاولت الوصول للدولة من خلال العلم الذي ظهر بأحداث الفيلم فاطمئن لن تكون أكثر ذكاءًا من مخرج الفيلم!
فتحاول الأفلام الامريكية دائمًا محاولة التشويش على ما يشيرون له ولكن سيظل الهدف واحد و واضح أمام من يريد معرفة الحقيقة.
ولم يعتمد المخرج هنا على قوة أو تاريخ الممثلين، ولكن الأحداث التي تجعلك تكتم أنفاسك كانت هي سيد الموقف، وظهر ذلك ما بين الدقيقة 42 و 44 بالفيلم، في مشهد يعتبره الكثير من أقوى مشاهد الإثارة بالسينما الأمريكية طبقًا لآراء الغالبية على الصفحات المهتمة بالدراما الأمريكية على فيسبوك.
فبالرغم من أنك تتوقع ما سيحدث لكن المشهد صُنع باحترافية عن طريق مبدأ "السهل الممتنع" فقد اعتمد المخرج على تصوير بسيط ولم يستخدم تقنيات أو جرافيك بالحجم المتوقع الذي يتماشى مع كم المشاعر التي صدرها للمشاهد في ذلك المشهد.
واعتمد المخرج "جان إيرك دويدل" على جذب انتباه المشاهد طوال أحداث الفيلم وحبس الأنفاس في ظل المطاردات التي تعرضت لها العائلة الأمريكية، والتي تشعر بأنك أحد أفراد هذه العائلة منذ الدقيقة الأولى، وقد أبرز فكرة "الإرهاب" الذي يغزو العالم والذي تعاني منه أمريكا بالتحديد، وهو ما يراه الكثير معاكسًا للواقع الفعلي.
وبالقياس على هذه النوعية من الأفلام فإننا سنجد الكثير والكثير كأفلام: Under Siege – captain Phillips - - Fair game
وأفلام الحرب الأمريكية مثل فيلم hacksaw ridge – Fury American Sniper - - We Were Soldiers – The wall – وغيرهم كثيرًا.
أصبح المغزى ليس محض صدفة ولكنها نتاج دراسات أمريكية ومخطط ليس هو الأول أو الأخير من نوعه من خلال هوليوود، التي تعتبر مصدر قوة هائل للولايات المتحدة، فلم تعتمد أمريكا فقط على تشكيل الصورة الذهنية والوجدانية لدى المواطن الغربي عن العرب والمسلمين والذي بدأ بعد أحداث سبتمبر ومازال مستمرًا حتى الآن، ولكنها اعتمدت على الاستحواذ على الأسواق العربية ومن ثم التأثير على صورة العرب عن الغرب .
المعادلة ليست بسيطة وليست مجرد مشاهد تنتهي مع نهاية أحداث الفيلم، وتصدير أمريكا لأفكارها لم ولن يتوقف، وسيظل باطن الإنتاج السينمائي الأمريكي يحمل الكثير من الأفكار والخفايا ولذلك يجب عليك أن تنتبه وتعي جيدًا أيها العربي ما وراء هذه الدقائق!



