السبت 20 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

"دشلوط" مدينة صناعية في طي النسيان

دشلوط مدينة صناعية
"دشلوط" مدينة صناعية في طي النسيان
أسيوط - علي عبد الرحيم

منذ عقود، ترتفع الأصوات المنادية بالاهتمام بالصعيد وتوطين الصناعات به، لإيجاد فرص عمل للشباب، ومنع هجرتهم للقاهرة والوجه البحري، وفي التسعينات تم التفكير فى إنشاء منطقة صناعية بأسيوط، وتحديداً بمنطقة دشلوط قريبة من الطرق الرئيسية، خاصة الطريق الصحراوي الغربي، ولتكون نواة لسلسلة مناطق صناعية بمحافظات الصعيد، والتي ما إن بدأت حتى اعتراها الإهمال، وتقع المنطقة الصناعية بدشلوط بمركز ديروط شمال محافظة أسيوط، وتعاني المنطقة من عدة مشكلات، تسببت فى طرد المستثمرين من المنطقة، ليبحثوا عن منطقة ثانية تتوافر فيها خدمة وبنية تحتية، تم إنشاؤها طبقا لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 254 لسنة 1997، وتبلغ مساحتها الكلية 457380 مترا مربعا، على أن تقسم هذه المساحة إلى50 في المائة للمشروعات، و7,10 في المائة للخدمات، و3,39 في المائة للطرق والمساحات الخضراء داخل المدينة، وتم تقسيمها إلى 207 قطع بصورة تتوافق مع احتياجات المستثمرين وسلامة البيئة.

واستبشر كثير من المستثمرين وصغار الصناع خيراً، بقرار إنشاء المناطق الصناعية الجديدة وتخصيص أراضى بالمجان، ولكن ما إن يفكر المستثمر في التوجه للاستثمار في المناطق الصناعية الجديدة بالصعيد، حتى يُصيب المستثمر حالة من الإحباط، لأن تخصيص الأراضي يحتاج لمعجزة للموافقة عليه من قبل هيئة التنمية الصناعية.

والمنطقة الصناعية بدشلوط، خير مثال وبالرغم من  احتلال أسيوط للمرتبة الأولى في الفقر، ومع كل تغيير حكومي ومناسبة رسمية يأتي على الفور ذكر الصناعة والتنمية والاهتمام بالمناطق الصناعية فى صعيد مصر، ولكن بعد انتهاء اللقاء تتبخر التصريحات كبخار الماء ، وتعود مشكلات المستثمرين مع الروتين والقوانين المعقدة لتكبلهم وتمنعهم من التطور والنمو،  وبعد المعاناة على الترخيص والحصول على الأرض ، تأتى المعاناة  والخدمات بالمنطقة حيث يعانى أصحاب المصانع من مشكلات كثيرة إبرزها المياه حيث ترتفع ملوحة المياة بنسبة كبيرة، وفرض الضرائب العقارية بشكل عشوائى، وكذلك الضرائب العامة وضرائب المبيعات وارتفاع فاتورة الكهرباء ورسوم النظافة للوحدة المحلية، وارتفاع فوائد القروض، مما أعجز الكثيرين عن السداد وأصبحت هذه المصانع مهدده بالغلق او سجن أصحابها.

كما تعاني المنطقة من عدم وجود الصرف الصحي والصناعي، وعدم وجود شبكة طرق صالحة حيث لم يتم رصف شوارع المنطقة الداخلية منذ انشاء المدينة، والمخاوف من تهديد المصانع وتدميرها إثر أي حريق لا قدر الله  قائم نتيجة عدم تشغيل نقطة الإطفاء الوحيدة بالمنطقة التى يوجد بها  40 مصنعا تعمل بصفة منتظمة أبرزها  مطاحن الدقيق، ومصانع الأعلاف والمكرونة، والأخشاب، والبلاط والرخام.

"بوابة روزاليوسف" تجولت داخل المدينة الصناعية لتقف على أهم المشكلات التي يعاني منها المستثمرون وأصحاب المصانع.

"مياه مالحة"

يقول محمد سيد، صاحب مصنع مكرونة: نعاني بشدة من ارتفاع الأملاح بالمياه مما يتسبب فى ضعف جودة الإنتاج، وكذلك إصابة العمال بامراض كثيرة، مما يضطرنا لإستخدام المياة المعدنية للشرب وقت العمل وهذا يعد تكاليف إضافية يتحملها المستثمر، وتسبب مشكلة المياه فى التاثير عن الجودة  المنتجات مما يعرضنا لخسائر لأنه بعد الإنتاج وبعد إرسال العينات للصحة وهيئة الغذاء تخبرنا بأنها غير صالحة رغم استخدامنا للخامات الجديدة والمعدات الجديدة والنظافة الشاملة والأيدى العاملة المهارة والمتدربة بشكل جيد ويتضح أن السبب فى ذلك هو المياه التى تحتوى على نسبة عالية من الأملاح.

ومن جانبه يقول صاحب  أحد المصانع والذى طلب عدم ذكر اسمه: إننا نقوم بشراء المياه بسبب تلوث مياه المنطقة لأنها مالحة للغاية وإن مشكلة المياه تعد سببا من أسباب فساد المنتجات، حيث تم إنشاء محطة مياه المنطقة الصناعية بدق البير على بعمق 70 مترا فقط والمياه الصالحة والعذبة على عمق 130 مترا، لذلك لن يتم حل مشكلة المياه إلا بعد تعميق الآبار لـ130 مترا، وأكد المصدر أن المحطة يوجد بها 8 طلمبات للمياه، 6 معطلة منذ فترة، ويعمل 2 فقط !.

"البنية التحتية مهلهلة"

تعاني المنطقة من عدم وجود بنية تحتية تشجع المستثمر على إنشاء مصانع كبرى، حيث لم يتم توصيل الصرف الصحى والصناعى حتى الآن، وكذلك تعانى من عدم وجود شبكة جيدة للطرق الرئيسة والداخلية بالمنطقة الصناعية، حيث يعانى أصحاب المصانع من تلف سيارتهم بسبب التربة الزلطية وعدم رصف الرصف.

ويقول حسن سيد، صاحب مطحن النيل، نعانى من مشكلة رصف الطرق، حيث يمتنع الكثير من التجار من دخول المنطقة بسبب التربة الزلطية وعدم تمهيد الطرق بالمنطقة، مما يتسبب من تلف السيارات وتعطلها، الأمر الذى يتسبب فى تلوث الجو بالأتربة الرملية، مما يؤثر على سير العمل والانتاج، مطالباً بضرورة رصف طرق المدينة لتذليل العقبات وتشجيع المستثمرين على الاستثمار.

"ضرائب عقارية مجحفة"

يعانى أصحاب المصانع من فرض الضرائب العقارية، وبالرغم من التسهيلات التى تعلن عنها الحكومة دائماً لحماية المستثمر وجذب مستثمرين، تفرض إيضا على أصحاب المصانع ضرائب عقارية على إرض ملك للدولة، حيث يتم التخصيص للمستثمر بحق الانتفاع وفى حالة عدم الجدية والتشغيل تقوم المحافظة والتنمية الصناعية بسحب قطعة الأرض وطرحها من جديد.

ويقول محمود سيد، صاحب مصنع رخام ، فرضت الضرائب العقارية 22 الف سنوياً، على مساحة مصنعى 1000 متر، متسائلاً كيف ندفع ضرائب عقارية ونحن لسنا ملاك للمصنع بل هو حق انتفاع، مطالباً بضرورة إعفاء الضرائب العقارية.

مضيفاً أن ضرائب المبيعات  فرضت علينا 58 ألفا رسوم عامين تشغيل، متسائلاً: على اى اساس يتم فرض ضريبة مبيعات، وعلى أي أساس يتم تقدير القيمة.

كما يعانى محمود من فرض الوحدة المحلية لمركز ديروط، لرسوم النظافة شهريا رغم عدم وجود نظافة بالمنطقة، وصرح بانة يورد رسوم رخصة 350 جنية سنويا للوحدة المحلية، وفى نهاية كلامه قال محمود فى حالة تراجع الحكومة عن فرض الضرائب سنغلق مصانعنا.

"مخاوف من الحرائق"

توجد نقطة إطفاء وحماية مدنية لا تعمل، على الرغم من إهميتها لحماية المصانع فى حدوث حدوث حريق، وطالب مجدى صبحى، بضرورة تشغيل نقطة الإطفاء لحماية المصانع فى حالة حدوث حريق وخاصة تبعد اقرب نقطة إطفاء لأكثر من 6 كيلو الخاصة بنقطة دشلوط الصحراوية.

"الكهرباء"

رغم توافر الكهرباء بالمنطقة، ودعمها بمكثفات جديدة بمليون جنية منذ شهور لتصل الجهد الكهربائى لاكثر من 420 بالمصانع، ولكن تعانى المنطقة من عدم توافر الأكشاك بكثرة، مما يواجة المستثمر عقبة بعد صدور قرار التخصيص له من قبل التنمية الصناعية مشكلة تكلفة توصيل الكهرباء، تقوم الدولة بتوفير كشك الكهرباء على نفقتها طبقاً للنص ويقوم المستثمر بتوصيل الكهرباء من الكشك لمصنعه على نفقتة الخاصة، ولكن ما يحدث من قبل الكهرباء يقول يتم فرض رسوم 600 جنية رسم انتفاع الحصان الواحد، بالاضافة لمقايسة المصنع من الكشك الاقرب له بتكلفة تصل المتر لـ400 جنيه، تتحمل الشركة 20 حصان ويتحمل المستثمر باقي التكلفة.

"مصانع مهجورة وديون للبنوك"

بعد إنشاء المنطقة الصناعية عام 1997 كان التخصيص من قبل المحليات والمحافظة وقتها، وتمكن رجال الحزب الوطنى فى ذلك الوقت من تخصيص قطع الأراضى بالمنطقة الصناعية، وذلك لسيطرة الحزب الوطنى وقتها خضعت الجهات التنفيذية لمطالبهم، وتم تخصيص الأراضى بالمدن الصناعية بملاليم من الدولة لقيادات الحزب لتسقيعها وبيعها بملايين لصغار المستثمرين.

وتبين أن هذه المصانع يسكنها أشباح ومصانع مهجورة،واخرى مغلقة بالاقفال لتسقيع المصنع ثم بيعه، وأخرى تعمل بطاقة انتاجية ضعيفة وكثيرة من المصانع معطلة الماكينات، كما تعانى عدد من المصانع من الديون وتعسر سداد القروض لدى البنوك، حيث يمول البنك بفائدة 14%  ومع ثالث قسط مطلوب سدادة يعجز المستثمر عن السداد ويصبح مشتت ما بين السداد للبنك والإنتاج.

"قرار التخصيص حبر على ورق"

رغم جهود الحكومة لدعم المستثمرين والقضاء على البيروقراطية والروتين، تم إسناد قرارات التخصيص لهيئة التنمية الصناعية كجهة مستقلة بعيداً عن المحليات والمحافظين، ولكن قرارات التخصيص قليلة للغاية مقارنة للطلبات المقدمة، حيث تقدم مئات الشباب والمستثمرين بطلبات للهيئة ولكن خصصت التنمية الصناعية 9 مستثمرين خلال عام 2017، لصناعات الخفاضات والمناديل الورقية، والاسلاك الكهربائية المعزولة، وخراطيم الكهرباء، والاخشاب، ولوحات ضغط، حسب مدير المنطقة.

والمهندس إبراهيم حسين محمد مدير المنطقة الصناعية بدشلوط، أكد رداً على هذه المشكلات أن المنطقة الصناعية بدشلوط، تعتبر منطقة واعدة لقربها من الصحراوى الغربى، ولقربها من المنطقة السكنية، لكن نحتاج لتدعم المنطقة بالأكشاك الكهربائية لعدم وجود اكشاك كافية، وعن مشكلة المياة اكد بأن منطقة دشلوط تعد افوى مياة بمناطق اسيوط وصرح بأن مشكلة المياه يسال عليها المحلل الفنى التابع لشركة المياة بأسيوط، وعن نقطة الأطفاء قال تحتاج لتشغيلها، وعن مشكلة الطرق قال مثبتة التربة الزلطية ولكن التنمية الصناعية هى الجهة المختصة الآن.

وأكد أبراهيم أنه يعاني من عدم وجود سيارة لمبنى الإدارة الخاص بالمنطقة، وصرح بأنه تولى إدارة المنطقة منذ 2008 ويطالب بسيارة للمنطقة لسرعة وسهولة التنقل لمتابعة مشكلات المستثمرين، وقال إنه يذهب للمدينة يوميا بمواصلات خاصة مما يعد تكلفة كبيرة عليه، وكيف يتحرك فى حالة حدوث مشكلة بالمنطقة ليلاً ولا يوجد سيارة ينتقل بها، مطالباً بضرورة تخصيص سيارة للمنطقة لسرعة التحرك داخل المنطقة للصالح العام.

وطالب إبراهيم ببناء سور من الجهات ال4 للمنطقة، وعن قرارات التخصيص طبقا للقانون الجديد قال انه تم تخصيص 9 قطع لمستثمرين وقاموا بإنشاء السور وتوصيل الكهرباء.

ومن جانبه قال المهندس مدحت محمد، مدير إدارة الاستثمار بأسيوط، إنه بناء على قانون رقم 15 لسنة 2017 الخاص بتراخيص المصانع والورش الصناعية بالإضافة إلى ما جاء بالقانون رقم 83 لسنة 2016 الذي يشير إلى تولي الهيئة العامة للتنمية الصناعية جميع التصرفات في الأراضي التي تخصص لأغراض التنمية الصناعية، وأكد أن المنطقة الصناعية بدشلوط مؤمنة بالكامل وبذلك لأن نقطة شرطة دشلوط مكلفة بعمل دوريات مستمرة بالمنطقة ومتابعة، واكد بان دشلوط تعد من افضل المدن الصناعية بأسيوط لموقعها الجعرافى بقرية دشلوط وتوفير الايدى العاملة بمرتبات بسيطة، واكد بأن الرئيس والحكومة والمحافظ يعملون بكل جد لتنمية المناطق الصناعية فى اسيوط وتذليل العقبات للمستثمرين.

 

(أعمال ناتجة عن التدريب في دورة الصحفي الشامل النسخة 6)

تم نسخ الرابط