"بوابة روزاليوسف" تعيش ساعتين داخل كابينة سائق المترو (فيديو)
تحقيق - سامى عبد الرحمن
تصوير- عمرو شرف
قرابة الساعتين عاشتها "بوابة روزاليوسف" في رحلة ذهابًا وإيابًا بالخط الأول للمترو (حلوان- المرج) اصطحبنا فيها "عم إبراهيم– أحد سائقي المترو"، داخل كابينة القطار. اصطحبنا قائد القطار في رحلة بدأت من محطة السيدة زينب وحتى محطة المرج نهاية الخط ثم العودة مرة أخرى من المرج وحتى محطة جمال عبد الناصر في اتجاه حلوان، كشف لنا خلالها الكثير من المفاجآت.
بداية الرحلة
رحلة رافقنا خلالها السائق إبراهيم السيد إبراهيم 55 عامًا الذي يعمل بالمترو منذ تدشينه في منتصف الثمانينيات، خلال الرحلة رصدنا عددًا الإيجابيات والسلبيات لرحلة مكونة من قطار ومحطة ورصيف، لكن الراكب هو المختلف.
"عم إبراهيم"- كما يحلو له أن يطلق عليه- بادرنا بأن الركاب مش زي بعضها، راكب المرج يختلف عن راكب المعادي عن عزبة النخل عن حلوان.. (الراكب) يتم الحكم عليه من سلوكه، وتواجدي في المترو لساعات طويلة على مدار اليوم جعلني احفظ تصرفات الراكب، خاصة خلال أوقات الذروة الصباحية، التي تبدأ من السادسة وحتى التاسعة والنصف صباحًا، ثم فترة الذروة المسائية التي تبدأ من الثانية وحتى الخامسة مساءً.
معاناة من سلوكيات الركاب
وعلى مدار سنوات طويلة نجد سلوك الراكب تغير من راكب ينتظر قدوم القطار ويصعد فيه ويتعامل مع كبار السن والسيدات بشكل محترم إلى راكب يقوم بسحب الأبواب بالقوة لدخول القطار وشد بلف الطوارئ وتعطيل حركة القطارات، وآخر صيحات الركاب في تعطيل الرحلة الحديث مع السائق في القطارات الحديثة المكيفة باستخدام مايك العربة المتواجد داخل القطار والمتصل مباشرة بالسائق.. ويبدأ الشاب في استعراض خفة ظله بأن يقول "عايز واحد شاي" أو "اتأخر في الوقوف المحطة القادمة عشان صاحبي يركب" والعديد من المواقف السلبية.
ملوك وأمراء الدول العربية استخدموا المترو
عم إبراهيم يصمت لحظات ثم يقول: في بداية تشغيل المترو في الثمانينيات كانت مصر من أولى الدول العربية في دخول المترو إليها، وكان ضيوف الرئيس الأسبق مبارك يستخدمونه من سراي القبة، حيث مقر ضيافتهم بقصر القبة إلى التحرير لحضور اجتماعات جامعة الدول العربية أو تفقد منطقة وسط العاصمة، وأذكر من بينهم الملك فهد والرئيس السابق علي عبد الله صالح وصدام حسين والقذافي حيث كانوا يعشقون مصر لكن الوضع الآن أصبح مختلفًا نجد ركاب يوجهون لنا السباب والشتائم ونسمع ذلك بآذاننا ولا نستطيع الرد وأحيانا تصل لقذفنا بالطوب والحجارة وهناك سائقون فقدوا أعينهم بسبب السلوك الشائن.
إشارات معطلة تُربك السائقين
ولا بد أن يكون السائق يقظًا ولديه قدر كبير من التركيز حتى لا يقع في أخطاء تعرض حياة الركاب للخطر لكن ما نعانيه أن بعض الإشارات" السيمافورات" معطلة فجأة تضيء أصفر أو أحمر خلال السير بسرعة محددة واجد القطار توقف "ربط مكانه" ونضطر إلى تهدئة السرعة كلما اقتربنا من سيمافور.
محطات مزدحمة
وخلال رحلتنا كان يشير إلينا عم إبراهيم للمحطات المكتظة بالركاب مثل محطات عين شمس وعزبة النخل وجمال عبد الناصر والمرج.
ما تعرضنا له خلال مشوارنا مع المترو شيء وما حدث لنا خلال ثورة يناير شيء آخر عايز أقولك إن المترو وسيلة المواصلات الوحيدة في مصر التي لم تتوقف عن العمل طيلة أحداث الثورة حتى بعد حدوث الانفلات الأمني كان لنا عدد ساعات عمل على مدار اليوم قبل بدء حظر التجوال.
مواقف خلال ثورة يناير
أذكر أنني كنت أتعرض للموت مرتين ونطقت الشهادتين، الأولى في محطة كوسيكا فوجئت بعدة أشخاص اقتحموا المحطة وكسروا ماكينات التذاكر وغرف الصرافين ودخلوا على السكة ووقفوا أمام القطار بالعصي والأسلحة البيضاء وتهكموا على بالألفاظ الشائنة والسباب إلا أن هناك بعض العقلاء تدخلوا وقالوا لهم سيبوه يمشى ده غلبان وانطلقت بالقطار وأنا غير مصدق أنني نجوت من الموت بأعجوبة وكنت أخشى أيضا الدخول على الركاب وسرقتهم أو تعرضهم لسوء وكانت تبقى كارثة.
والمرة الثانية في محطة المعصرة وكان مقررًا لنا خلال أحداث الانفلات الأمني عدم الوقوف بها وفوجئت بسيدة على كرسي متحرك تستنجد بي للركوب وأتوقف لتصعد وعندما توقفت لصعود السيدة المسنة فوجئت بعدة أشخاص يشهرون الأسلحة البيضاء في وجهي وإطلاق أعيرة نارية من حولي إلا أن عناية الله شغلتهم عني ودخلت الكابينة وانطلقت بالقطار بعد نجاتي من الموت للمرة الثانية خلال أسبوع.
حقيقة رواتب السائقين
عم إبراهيم سائق القطار يؤكد أنه لا يوجد سائق يحصل على 11 ألف جنيه كراتب وأن متوسط أجورنا من 5 إلى 6 آلاف جنيه شهريًا وأحيانا نعمل دون الحصول على إجازة وعلى سبيل المثال أنا أعمل منذ عامين دون إجازة لوجود عجز في السائقين خلال السنوات الأخيرة.



