السبت 20 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

الفضاء الإلكتروني الصيني تحت المراقبة

الفضاء الإلكتروني
الفضاء الإلكتروني الصيني تحت المراقبة
كتب - عبد الحليم حفينة

منذ نشأة الكون، والتواصل بين البشر أمر ملازم لتطور الحياة وتقدمها، وتعددت وسائل التواصل خلال مسيرة الحضارة الإنسانية، وأخذت في التطور إلى أن أصبح التواصل بين البشر أمر في غاية اليسر، بفضل الإنترنت، فاليوم يمكنك أن تقف أمام هاتفك لتخاطب صديقك الذي يسكن في الطرف الآخر من الكرة الأرضية بالصوت والصورة، وفي نفس اللحظة، وربما كان لهذا التطور المهول مردود سلبي لدي بعض الحكومات؛ الأمر الذي يوضح أسباب حصار ومراقبة شبكة الإنترنت في دول عديدة، أبرزها على الإطلاق جمهورية الصين الشعبية.

وكانت تقارير صحفية قد أعادت تسليط الضوء مؤخرًا، على وضع الإنترنت في الصين ، بعدما تحدثت عن إغلاق  13000 موقعًا إلكترونيًا، أو إلغاء تراخيصهم، منذ عام 2015، وحسب وكالة شينخوا الصينية الرسمية، فقد اغلقت الحكومة أيضًا نحو 10 ملايين حساب في الإنترنت بسبب "انتهاك بروتوكول الخدمة"، في  إشارة واضحة إلى مواقع التواصل الاجتماعي، والمتابع لوضع الإنترنت في الصين يعرف أن مساحة الحركة داخل الفضاء الإلكتروني هناك مقيدة إلى حد كبير؛ خصوصًا فيما يتعلق بالمنصات والمواقع الأجنبية.

الدرع الذهبي

 

 

تعتبر الصين أكبر دولة من حيث عدد مستخدمي الشبكة العنكبوتية؛ حيث يصل عددهم إلى 731 مليون مستخدم من أصل 4.3 مليار، يستخدمون الإنترنت حول العالم، وفقًا لبيانات المركز الصيني لمعلومات الإنترنت، وبالعودة إلى بدايات دخول خدمة الإنترنت إلى الصين عام 1994، نجد  أن الخدمة كانت تتمتع بحرية نسبية حينها عما هي عليه اليوم؛  تماشيًا مع سياسة الباب المفتوح التي كُرست في ذلك الوقت للإستفادة من المعرفة الغربية، ورغم أن الصين حاولت أن تستفيد من معارف الغرب، إلا أنها كانت تعلن عن قلقها من بعض الأفكار الغريبة التي تصاحب الإنفتاح، وقد عبر الزعيم السابق دينج شياو بينج مهندس الإنفتاح والنهضة عن توخفاته من الآثار الجانبية للإنفتاح، حين قال في مطلع الثمانينيات: "إذا فتحت النافذة سعياً وراء الهواء المنعش، لا بدَّ أن تتوقَّع دخول بعض الذبابات"، ومع تزايد شعبية الشبكة العنكبوتية داخل الصين، رأت السلطات ضرورة طرد الذباب، فدشنت في عام 2000 مشروع "جدار الصين الناري العظيم" " Great Firewall of China" والمعروف أيضًا بالدرع الذهبي، والذي تشغله وزارة الأمن العام بشكل رسمي، وحسب وكالة بلومبرج توظف الحكومة ما لا يقل عن 50 ألف شخص لفرض الرقابة وتصفية المحتوى الضار من محركات البحث، بالإضافة إلى أن هناك أيضًا جيش من المؤثرين في وسائل الإعلام الاجتماعية، الذين يمكنهم إضافة 500 مليون من  التعليقات الموالية للحكومة كل عام.

قواعد صارمة

 

 

 

 

تتخذ الحكومة الصينية تدابير عديدة للحيلولة دون فك الحصار حول مستخدمي الإنترنت في البلاد؛ وفي نهايات عام 2012 أقرَّت اللجنة الدائمة في مؤتمر الشعب الوطني (البرلمان( لائحة تنظيمية لمستخدمي الإنترنت  تفرض  عليهم التعريف بأنفسهم لمقدمي الخدمة، وقد بررت هذه الخطوة في حينها بدعوى حماية المعلومات الشخصية على الإنترنت وحماية المصالح العامة.

ووفقًا لخطة الإصلاح والتطوير الثقافية التي نشرها الحزب الحاكم  ومجلس الوزارء في مايو الماضي، سيتم تطبيق نظام لتقييم أهلية من يعملون في مواقع الأخبار على الإنترنت، وبحسب وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا(، أن الخطة تمتد لخمس سنوات، وتدعو إلى إتمام العمل على قوانين وقواعد متعلقة بالإنترنت لحد ”الكمال“.

المحظورات

يعد المجتمع الصيني أحد المجتمعات الشرقية المحافظة، التي تخشى العولمة، والتي تفرض الحكومة عليه قيودًا للحفاظ على الأخلاق العامة، وحظيت الشبكة العنكبوتية بنصيب كبير من تلك القيود، فإلى جانب حجب كل  المواقع الأجنبية التي لا يمكن السيطرة على محتواها مثل الفيس بوك وتويتر وجوجل، وغيرها، تحظر السلطات الصينية كل محتوى يتناول الإفراط في شرب الكحول أو المقامرة، أو التي تسخر من قادة الثورة، أو الأعضاء الحاليين في الجيش والشرطة والقضاء، أو أي محتوى ينشر "الحياة الفاخرة"، أو عرض قيم زوجية غير صحية، بالإضافة إلى أي محتوى متعلق بالتحرر الجنسي، وبالطبع لم تخلُ قوائم المنع من المحتوى السياسي في بلد الحزب الأوحد.

 

منصات بديلة

لم تغلق الحكومة الصينية الفضاء الإلكتروني بشكل كامل، ويوجد بالصين مواقع تواصل اجتماعي، تقدم محتوى مماثل للمواقع العالمية، ولكنها تخضع بشكل كامل للرقابة الحكومية، وأهم تلك المواقع:

"بايدو"

 بديل موقع جوجل، والذي أسسه الصينيان روبن لي وإريك تشو في يناير عام 2000، ويمكن البحث عبر هذا الموقع في أكثر من 57 تصنيف مختلف، منها الصور، الفيديو، الأخبار والوثائق وغيرها الكثير.

"يوكو"

موقع مشابه لـ "يوتيوب"، أسسه "فيكتور كوو" في يونيو عام 2006، ويعتمد على مشاركة مقاطع الفيديو، وأُدرج الموقع في قائمة التسجيل ببورصة نيويورك عام 2010، وتعني الترجمة الحرفية لأسم الموقع "الممتاز والرائع".

"رن رن"

شبيه موقع "فيس بوك"، وأسس في عام 2005، وكان يسمى سابقًا شياوني، ويعني فناء المدرسة، وأستخدم في البداية كمنصة لربط أصدقاء الدراسة مثل فيس بوك، ويبلغ عدد مستخدمي رن رن حوالي 150 مليون مستخدم مسجل، و 31 مليون مستخدم نشط شهريًا.

"وي شات"

تطبيق للهواتف المحمولة يشبه "واتس آب"، ويقدم خدمة المراسلة بالنص والصور والفيديو، ويستخدمه نحو 100 مليون شخص.

"​​سينا ويبو"

ويبو كلمة صينية تعني "التدوينات الصغيرة" ويعرف الموقع أيضًا بـ "تويتر الصين"، والمدهش أن سينا ويبو يمتلك أكثر من ضعف مستخدمي تويتر؛ حيث يستخدمه ما يقرب من 22% من مستخدمي الخدمة في الصين، الأمر الذي دفع مشاهير عالميين لمخاطبة الجمهور الصيني عبر سينا ويبو، مثل لاعبي كرة السلة الأمريكيين "ليبرون جيمس" و "كوبي براينت"، وهما من المشاهير العالميين الأكثر تأثيرًا في وسائل التواصل الاجتماعي الصينية.

 

تم نسخ الرابط