إنذار المتظاهرين لرجال الدين في إيران.. سقوط نظام الملالي
كتب - مصطفى سيف
تخطت الشعارات التي كان يرددها المتظاهرون الإيرانيون من "عيش حرية كرامة اجتماعية" إلى رجال نظام الملالي الإيرانيين حتى وصل إلى المرشد للثورة الإيرانية "خامنئي".
الخاسر الأكبر من المعركة التي تدور في إيران حاليًا هو الرئيس حسن روحاني، ولكن هناك قلقا من أن تصل هذه الاحتجاجات إلى المؤسسة الدينية المعزولة عن طبقات المجتمع.
هذا القلق في محله خصوصًا بعد إضرام متظاهرين إيرانيين النار في 4 مراقد لأبناء أئمة كبار في مدينة سوادكوه شمال طهران.
عدد من المسؤولين البارزين في إيران صرّحوا بأن هناك قلقا من أن يطول أمد الاضطرابات، خاصة أنَّه كلهم طال أمدها صار القلق أكبر على شرعية الزعماء الدينيين في البلاد ونفوذهم.
بعض خبراء الرأي المهتمين بالشأن الإيراني يقولون إن الاحتجاجات الحالية إذا لم تؤثر على "خامنئي بشكل مباشر" فستعود لصالحه خاصة أنَّ "روحاني" هو الذي يقف بوجه المتظاهرين، مشيرين إلى أنَّ "روحاني سيكون رئيسًا ضعيفًا للغاية وستكون لخامنئي سلطة أكبر".
غضب المحتجين على ما أخفق روحاني وحكومته في تحقيقه جاء في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية خاصة وأنَّه كانت توجد وعود بتحقيق ازدهار اقتصادي بعد الاتفاق المُبرم في 2015 الذي قيد برنامج إيران النووي المتنازع عليه في مقابل رفع القوى العالمية عقوبات عن طهران.
مع الشعور بالإحباط والكارثة التي وقعت فيها إيران بشأن تدهور الاقتصاد وارتفاع معدل البطالة طالت شعاراتهم المناهضة جميع زعماء إيران، بمن فيهم النخبة الدينية، وهاجموا مركبات للشرطة وبنوكًا ومساجد مع اتساع نطاق الاحتجاجات.
وتنتشر التصريحات المعارضة لروحاني في بعض من المنظمات الحقوقية التي تسعى لتقويض الشرعية التي يمتلكها نظام الملالي، التي تشير إلى أن استمرار الاحتجاجات سيؤدي إلى أزمة تتعلق بالشرعية.
وطالب بعض المحافظين بنهج متشدد رغم أن إراقة الدماء يمكن أن تؤجج الاحتجاجات في أكبر موجة من المظاهرات منذ الاضطرابات التي عمت البلاد في 2009.
وقال مسؤول إيراني سابق ينتمي إلى المعسكر الإصلاحي "لم تحاول قوات الأمن حتى الآن منع المظاهرات، لكن هذا سيتغير إذ دعا (خامنئي) إلى إنهاء احتجاجات الشوارع وتحدى المتظاهرون دعوته".
وحتى إذا تم قمع الاضطرابات، من المستبعد أن تتبدد مطالب عشرات الآلاف من شباب الطبقة العاملة الغاضبين الذين نزلوا إلى الشوارع.
وتحدث خامنئي علنًا للمرة الأولى بخصوص الأزمة يوم الثلاثاء واتهم أعداء الجمهورية الإسلامية بإثارة الاضطرابات دون أن يقول المزيد، وقال بيان على موقعه الإلكتروني إنه سيلقي كلمة بشأن الأحداث "في الوقت المناسب".
على الرغم من أنَّ نظر الشعب الإيراني إلى روحاني على أنَّه أكثر براجماتية وعلى خلاف مع المتشددين دائمًا في إيران إلا أنَّه الأكثر عرضة للمخاطر، علاوة على مواجهته معارضة مع تنامي الاستياء بسبب ارتفاع الأسعار واتهامات الفساد.
إلا أنَّ السلطة المحدودة لروحاني في نظام الملالي لن تمكّنه من حل المعضلة الاقتصادية التي قامت من أجلها الاحتجاجات، خصوصًا وأنَّ الوعود التي من المتوقع أن يطلقها لإبطال مفعول الاحتجاجات لن تجدي نفعًا.
غير أن حكومته تراجعت أيضا عن زيادات كانت مزمعة في أسعار الوقود ووعدت بتوفير مزيد من الوظائف، وربما يكون روحاني بحاجة لإنفاق مزيد من الأموال لخلق وظائف من أجل تهدئة الاستياء وقد يجازف أيضا باستعداء أصحاب نفوذ أقوياء إذا ما حاول التصدي لما يتردد عن الفساد.
المرحلة الحالية السياسية في إيران هي الأشد خطورة من تلك التي اندلعت في 2009، لأن الأمر أصبح واضحًا للجميع أن هناك أمر ما في الكواليس لا يعلم عنه المتظاهرون شيئًا، ربما يكون أمرًا يتعلق بالخلاف بين الأصوليين والمعتدلين.
وفي تقريره نشره المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية كشف أنَّ الاحتجاجات التي تشهدها إيران منذ 5 أيام أضرت بكل قطاع من قطاعات اقتصاد البلاد، وتهدد أمن النظام.
ويظهر التقرير المسرب خشية القادة الإيرانيين من تحول مطالب المتظاهرين من اقتصادية إلى سياسية، لا سيما مع رفع المتظاهرين شعارات سياسية من بينها "الموت للديكتاتور" في إشارة إلى خامنئي.
وأشار التقرير إلى أن المتظاهرين "بدأوا يرددون شعارات سياسية منذ اليوم الأول للاحتجاجات. وفي طهران ردد الناس شعارات ضد خامنئي، وكانت الشعارات التي استخدمت في مدن أخرى ضد خامنئي".
ويقول محمد محدثين، رئيس لجنة شؤون الخارجية للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، إن الرسالة التي أطلقها المتظاهرون هي سقوط نظام الملالي، والشعب عازم على الإطاحة به.
وأشار إلى أن "الانتفاضة صحيح أنها انطلقت بدافع الاحتجاج على الغلاء، وضد البطالة والفقر والفساد الحكومي، ولكن سرعان ما أدرك الشعب الإيراني، أن الحل الوحيد لهذه المشكلات والمسائل، هو إسقاط نظام الملالي".



