السبت 20 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

ننشر الأعمال الفائزة بجائزة التميز الصحفى بنقابة الصحفيين "التعليم الفنى"..الحوار

ننشر الأعمال الفائزة
ننشر الأعمال الفائزة بجائزة التميز الصحفى بنقابة الصحفيين "ا

 

المركز الاول جائزة الحوار

علاء حجاب

جريد الاخبار

 

 

 
د. أحمد الجيوشي نائب وزير التعليم في حوار عن التعليم الفني:

 

5% فقط من مدارسنا وفق المعايير الدولية وسنحقق طفرة تعليمية خلال 5 سنوات

٤٠٪ من ميزانية تطوير التعليم الفني تعود إلي خزانة الدولة.. لهذه الأسباب
معلم بالشرقية حقق مليون جنيه لمدرسته وقريبا وظائف للمدرسين بالمحافظات
مركزية الامتحان »ضياع وقت وفلوس» ..ومقياس البنك الدولي وضعنا في المستوي الناشيء
نظام جديد للتعليم الفني يتحدث»لغة العالم» وتطبيقه العام القادم
مازال التعليم الفني في مصر، حلقة مفقودة نحتاج إعادتها إلي المسار الصحيح، لتتناسب مع عجلة التنمية التي تدور بقوة علي أرض الوطن حاليا وتحتاج لعمالة فنية ماهرة، واثبتت كل الدول التي نهضت باقتصادها، أن البداية جاءت من اصلاح التعليم الفني وعلي رأسها التجربة الألمانية في النهضة الصناعية، لتوفير القوي العاملة المؤهلة، إلا أن واقعنا المصري يحتاج المزيد من التطوير، وكشف تصنيف البنك الدولي لجودة التعليم الفني وهو الأهم علي مستوي العالم، والمعروف بمؤشر تأهيل القوي العاملة، تراجع أدائنا، ليضعنا في بداية التصنيف الثاني كدولة ناشئة تحتاج الكثير من الجهد، لنرتقي إلي التصنيف الثالث »المستقر» في تأهيل العمالة العاملة، بعد أن سبقتنا إليه تونس والمغرب، وداخليا يشتكي قطاع الصناعة من ضعف كفاءة الخريجين، والمدارس أكثر من نصف معداتها متهالكة، و2 مليون طالب تائهون في منظومة التعليم الفني بلا مهارات حقيقية، إلا أن عجلة التطوير بدأت مؤخرا مع د. أحمد الجيوشي نائب وزير التربية والتعليم للتعليم الفني، الذي بحث عن الخلل، ووضع لأول مرة خطة واضحة المعالم لتطوير التعليم الفني، واختص جريدة »الأخبار» ليكشف ملامحها والجهود التي تبذل للتطوير وأهمها إطلاق نظام جديد للتعليم الفني العام الدراسي القادم يضم 5 امتحانات كل عام، وانتهاء حصد الدرجات، لتصبح الشهادة عبارة عن قياس مجموعة مهارات في 220 تخصصاً بالمنظومة، مؤكدا أن مركزنا دائما متدن في التصنيفات الدولية لأننا لا نتحدث لغة العالم ولم نكن نهتم بتطبيق المعايير الدولية.

> كم عدد طلاب التعليم الفني حاليا ؟
- في السنوات الماضية كان التعليم الفني يمثل 60% من خريجي الإعدادية و40% تعليما عاما، والوضع الحالي 53% من خريجي الإعدادية توجهوا لمدارس التعليم الفني، و47% للتعليم العام، وبالأرقام يوجد 2 مليون طالب في منظومة التعليم الفني، لكن المشكلة في مستوي الخدمة وليس العدد، ونعمل حاليا لاصلاح المنظومة.
> هل ستدخل تجربة المدارس اليابانية في التعليم الفني؟
- بالفعل لدينا 3 مدارس في بورسعيد ستطبق الأنشطة اليابانية للاهتمام بالسلوكيات والقيم والعمل الجماعي، والعام القادم ستنضم لها مدرسة في العبور وأخري في القليوبية.
رؤية مصر 
> وعدت الرأي العام خلال عام قادم بوضع منظومة تطوير كاملة من مناهج ونظم تقويم لتحقيق أفضلية لخريج التعليم الفني، فماهي ملامح التطوير؟
> كل مانبني عليه خططنا في التطوير نستمدها من رؤية مصر 2030، التي أعلنها الرئيس في فبراير 2016، والتي توضح محور التعليم الفني جيدا، وتتفق تماما مع الأهداف الأممية للتنمية المستدامة، وهي اتاحة التعليم وفق معايير الجودة العالمية وتحقيق العدالة في تقديم التعليم وتكافؤ الفرص، وتنافسية المؤهلات والخريجين عالميا ويستطيع العمل في أي دولة وهو مايجب أن يحقق معايير الجودة العالمية .
> أين نحن من معايير الجودة العالمية في التعليم الفني؟
- أولا يجب أن نفسر معني المعايير العالمية لجودة التعليم الفني، وهو عكس التعليم العام المتعدد في المعايير، بينما في التعليم الفني يوجد معيار واحد معروف عالميا هو مقياس البنك الدولي لتقييم منظومات إعداد العمالة في كل الدول، وهو عبارة عن 4 مستويات الأول يطلق عليه مستوي نائم أو خامل والثاني ناشئ والثالث راسخ أو مستقر والرابع متقدم، وكل دولة توضع في درجة محددة، وآخر تقييم وضع لمصر  1.8 من 4 درجات ويعني بداية المستوي الثاني الذي يبدأ من 1.75 ،  وحتي نرتقي في التصنيف يجب أن نعمل وفق المقاييس العالمية، أو بمعني أدق يجب أن نتحدث لغة العالم.
> ماهي ملامح خطة التطوير التي ستطبق خلال الفترة المقبلة؟
- أولا يجب أن نتحدث لغة العالم، بمعني أن نعرف جيدا المصطلحات التي يتحدث بها والمعايير التي يقيس علي أساسها، لأن ذلك أوقعنا طوال العقود السابقة في فخ الترتيب المتدني في كل تصنيفات التعليم عامة، بسبب ذلك، خاصة أن مناهجنا جميعها باللغة العربية، وليس معني ذلك أن نجعل كل مناهجنا بالإنجليزية، ولكن يجب أن يكون لدينا نماذج تعليم فني تدرس بالإنجليزية، العالم يتحدث حاليا عن مهارات القرن الـ21 في التعليم الفني، وبالتالي كل مناهج التعليم الفني في العالم نصفها لها علاقة بمهارات التخصص الذي يدرسه الطالب، ونصفها يهتم بمهارات التفكير الناقد، وحل المشكلات والإبداع، لذلك لا يصح أن نظل بالمناهج علي الطريقة القديمة، والتي لن يقدرها العالم أو معاييره في التقييم، ومصر منذ 10 سنوات سابقة بدأت تطبيق تجربة مهمة اسمها الارشاد والتوجيه الوظيفي، لطلاب التعليم الفني وهو بداية التحدث بلغة العالم، والعام الحالي ظهر كتاب هام جدا، ألفه أستاذ شهير من مالطة عن الإرشاد الوظيفي في أنظمة التعليم الفني عالميا وبه فصل عن تجربة مصر، وهذا ما أقصده أنه عندما ننفذ التطوير بلغة العالم، نجعله يعرفنا جيدا ويرانا وتتحسن مراكزنا في التصنيف دوليا.
رسالة التطوير 
> في رأيك ما بداية التطوير الفعلي للمنظومة ؟
- أولا وضعنا رؤية ورسالة للتطوير الذي نعده حاليا، تتحدث من خلالها بلغة العالم، وهي أن وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني معنية بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة، ويعني ضمان توفير تعليم فني عادل، يضم الجميع وذي جودة عالية وتعزيز فرص التعليم المستمر مدي الحياة وهي أحد أهم المعايير الدولية بأن تتيح لأي فرد العودة لمقاعد التعليم في أي وقت، بغض النظر عن سنه، بالاضافة لضمان حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، وضمان كل مايلزم التعلم طبقا للعصر الرقمي والاقتصاد الأخضر، ومايتضمنه من اكتساب مهارات القرن الـ 21، تمكن خريجينا من المنافسة محليا واقليميا وعالميا، وحتي نرتقي في التصنيف الدولي وفقا لمعايير البنك الدولي ، وضعنا 3 أطر رئيسية يتم القياس علي أساسها، أهمها وضع رؤية استراتيجية للتعليم الفني وهو أول مايسأل عليه مقيمو البنك الدولي، ثم يبحثون عن مستوي الخريجين مقارنة بالاستراتيجية الموضوعة التي ظلت لسنوات طويلة كلمات مكتوبة لم تتحقق علي أرض الواقع وهو مانعمل حاليا علي تنفيذه، وانتهي عصر البداية من الصفر مع كل تغيير لقيادات التعليم الفني، ولكننا نعمل الآن وفق رؤية واضحة تدمج كل ماهو جيد لأنتاج تجربتنا وضرورة وجود تطوير دائم.
ماذا نفعل
> البنك الدولي صنفنا في بداية المستوي الثاني»الناشئ» فماذا نفعل لنرتقي مثل تونس والمغرب ؟
البنك الدولي لديه 3 معايير للتقييم، أولا يجب أن نحدد استراتيجية وأهداف التعليم الفني بشكل مكتوب وكيفية اعداد القوي البشرية العاملة، وأهمها كيف تري نفسك بعد 10 سنوات، وهو ما تم في رؤية مصر 2030، لذلك رؤيتنا أصبحت معروفة ومكتوبة، ثانيا أن تكون مناهج التعليم الفني المصرية مبنية علي احتياجات سوق العمل، لكن طول الوقت في السابق كنا ندفع بخريجين لسوق العمل بدون الحاجة لهم، وبدون خطة عمل، ثالثا التنسيق بين كل مقدمي خدمة التعليم الفني، بهدف توحيد معايير التعليم.
> أثرت نقطة مهمة وهي أحد معايير تقييم البنك الدولي لجودة التعليم الفني بضرورة التنسيق بين جهات تقديم الخدمة التعليمية، ونحن لدينا 5 وزارات وأكثر من 25 جهة تقدم تعليما وتدريباً فنياً؟
- لدينا 5 وزارات بها مدارس ومعاهد فنية هي التربية والتعليم والتعليم العالي والصناعة لديها الكفاية الانتاجية والإسكان لديها مدارس الصرف ومياه الشرب، والانتاج الحربي لديه مدرسة، والنقل اصبح لديه مدرسة في السكة الحديد، بجانب صندوق تطوير التعليم بمجلس الوزراء، ومعني الحوكمة هو تأسيس نظام يهدف للتنسيق بين كل هذه الجهات، في وجهة نظري الشخصية يجب ان يكون هناك مجلس أعلي للتعليم الفني والتدريب المهني، علي غرار المجلس الأعلي للجامعات، هدفه جمع شتات الجهات المتعددة التي تشرف علي النماذج التعليمية المقامه حاليا،  ولن ينصلح حال التعليم الفني إلا بمشاركة المسئولين، بين التعليم والصناعة.
النظام الجديد 
> أعلنت عن نظام جديد يطبق العام الدراسي القادم في التعليم الفني، ماهي ملامحه؟
أساس النظام الجديد هو تغيير فلسفة التعليم الفني بأن نعمم فكرة التعليم المزدوج، الحالية، بحيث نكسب الطالب مهارات حقيقية بالاتفاق مع الصناعة، وكل مهنة لها برنامج دراسي مكتوب يحقق المهارات المطلوبة، وسيتم طباعة كتاب للتدريبات المهنية لكل طالب في 220 تخصصاً لكل سنة دراسية، توضح المهارات التي يجب اكتسابها، والامتحانات لن تكون مركزيا، وسنقضي علي المنافسة لحصد الدرجات لانها لن توجد في النظام الجديد والطالب سوف يتنافس لتنفيذ المهارة المطلوبة لتخصصه، وسيكون الامتحان عبارة عن فريق عملي، ففي سنوات النقل سيكونون من التعليم الفني، وفي امتحان الدبلوم لسنة التخرج ستكون اللجان من رجال الصناعة خارج منظومة التعليم الفني، والاختبار علي الماكينات والمعدات ويمنح الطالب علامة »صح» في حال اتقان المهارة أو خطأ في حال عدم اتقانها، وليس درجات وسوف تكون الشهادة عبارة عن أسماء المهارات المطلوبة وأمامها علامة اجادة الطالب، وسيكون لدينا 5 امتحانات في العام الواحد بواقع 15 امتحاناً طوال الـ3 سنوات للحصول علي الدبلوم، لقياس مهارات الطلاب، وسوف نغير اللجان المسئولة عن الامتحانات في كل مرة، لقياس المهارات الحقيقية وسيتم وضع درجات علي سلوكيات الطالب والحضور والانتظام في الدراسة وأنشطة لخدمة المجتمع.
إجادة المهارة
> كيف ستحمي الشفافية في الامتحانات اللامركزية المنتظر تطبيقها؟
- الطالب لن يتنافس لحصد درجة، ولكن لإجادة المهارة وبالتالي هو لا يتنافس مع أحد إلا نفسه لقياس مدي إتقانه للعمل الذي سيعمل فيه طبقا لتخصصه، وفي التعليم الفني لايوجد هواجس الثانوية العامة، لأن شهاده الدبلوم في النظام الجديد ستعتمد علي اكتساب المهارات وليس حصد الدرجات، والمشاركون في التقييم لن يكونوا من نفس المدرسة.
> ما موقف مشروع رأس المال الذي سعي لتحويل مدارس التعليم الفني إلي منشآت تصنع وتربح؟
- مشروع رأس المال في المدارس من أهم المشروعات الطموحة التي ستمنح الطالب والمعلم هدفا كبيرا لأهمية وجوده في المدرسة وهو الربح، وأنا زرت منذ أيام مدرسة الزقازيق الفنية المتقدمة بمحافظة الشرقية والتي تشارك في المشروع، ووجدت المدرسة توقع عقدا مع المحافظة لتصنيع 28 وحدة تحكم بالكمبيوتر في العمليات الصناعية بميزانية مليون جنيه، والتي كنا نستوردها بـ 100 ألف جنيه، والمدرسة تصنعها بـ 30 ألف جنيه فقط وبكفاءة أعلي من المستوردة، وأقولها بصراحة أن »العقد» بين المدرسة والمحافظة نتاج جهد معلم في المدرسة اسمه سامي نجيده،وهو مشروع يحصل فيه الطلاب علي 30% من قيمة الأجور والبالغة 30 ألف جنيه نظير عملهم، وتحولت المدرسة بالنسبة للطالب إلي تعليم وعمل وفلوس، والمعلم يحصل علي أجر من عمله في المشروع أيضا ولدينا معلمون يحصلون علي 5  آلاف جنيه من العمل في بعض المشاريع في المدارس، وبالتالي الاستفادة تعم علي الكل، وهو أحد الامثلة المتميزة في مشروع رأس المال في التعليم الفني.
عجز صارخ 
> الكثير من مدارس التعليم الفني تعاني نقصاً في المعلمين، هل المشكلة وصلت لحد الخطر؟
- باستثناء المحافظات المركزية وهي القاهرة والجيزة والقليوبية والاسكندرية، عدا ذلك يوجد عجز في كل المحافظات، ولدينا عجز صارخ في مدارس محافظات الصعيد، ولدينا 100 ألف معلم تعليم فني متخصص، و50 ألف معلم للمواد الصفية، والوزارة ستعلن قريبا عن مسابقات محلية في المحافظات لطلب مدرسين، وحاليا نقوم بحصر الاحتياجات الفعلية.
> عندما فكرت الوزارة في انشاء تخصص للكوافير أثارت الفكرة سخرية رواد مواقع التواصل الاجتماعي عكس التفكير العالمي للمهن وطرق تعليمها ؟
- للأسف يجب أن تتغير نظرة المجتمع عن التعليم الفني، ومالا يعلمه »الساخرون» أن تخصص الكوافير، موجود في 10 مدارس للبنات منذ 20 عاما بها تخصص الكوافير والتجميل، وماسعت له الوزارة هو توفيره للأولاد، أما دول العالم المتقدم فتضع أطراً لنظمها التعليمية بالكامل ولا فرق بين تعلم »الصواريخ» وتعلم »الكوافير» والمجتمعات لا تصنفهم »طبقيا» كما يحدث للأسف لدينا.
احتياجات الصناعة 
> قطاع الصناعة دائما يشتكي من عدم توافر العمالة الماهرة والمدربة، فأين الخلل في التعليم الفني؟
- السبب الأساسي هو أن التعليم الفني علي مدار سنوات سابقة اهتم بعمل نماذج جيدة نتيجتها عدد قليل من الخريجين المؤهلين لسوق العمل والباقي غير مؤهل في حين أن احتياجات الصناعة اكبر من خريجي المدارس الجيدة، لأن التطوير كان يتم »نقطة في بحر» التعليم الفني، وبالتالي يشتكي دائما قطاع الصناعة من عدم وجود العمالة المدربة بالشكل المطلوب وهو ماسيتغير تماما خلال الفترة القادمة، وبدأنا من مدرسة اللوجستيات في بورسعيد ومدارس الطاقة المتجددة في أسوان والبحر الاحمر، وسنطبق بها كل معايير الجودة العالمية خاصة التي حددها البنك الدولي في تصنيفه، ولكن هدفنا الأكبر أن نحول منظومة التعليم الفني كاملة للعمل وفق المعايير الدولية وليس عدة مدارس فقط، وهو ماسيشعر به قطاع الصناعة خلال 3 أو 4 سنوات قادمة بعد تخرج ما نسميه »الكتلة الحرجة» لتوفير الحد الأدني من احتياجاتهم من العمالة المدربة التي نعمل عليها حاليا.
> أين معلمو التعليم الفني من خطط التطوير ؟
- نسعي حاليا لشراكات كبري لتدريب 100 ألف معلم في التعليم الفني خلال عام، حتي نطلق مشروعنا الشامل الذي يضم مناهج جديدة وفق المعايير الدولية العام الدراسي بعد القادم والذي يبدأ 2018 – 2019، وخلال 4 سنوات سيكون لدينا خريجون للمنظومة الجديدة للتعليم الفني، وليس معني ذلك أننا سوف ننتظر كل هذه المدة ولكننا نطبق التطوير مرحليا علي كل قطاعات التعليم الفني.
مليون فرصة 
> ماذا تطلب من قطاع الصناعة لدعم التعليم المزدوج ؟
- أساس التعليم المزدوج مرتبط بأن تمنحنا الشركات والمصانع فرصاً داخل منشآتها لتعليم الطلاب، والعام الماضي أضفنا 5 آلاف فرصة بصعوبة ونسعي العام الحالي لإضافة 10 آلاف فرصة جديدة، وأحلم بمليون فرصة تدريب لطلاب التعليم الفني داخل قطاع الصناعة، لدعم التعلم في بيئة العمل وتوفير المهارات المطلوبة للخريجين، بدلا من الشكوي فقط من عدم توافر خريجين مؤهلين، أقول لهم مدوا أيديكم وامنحونا فرص تدريب داخل منشآتكم، واعدهم بتذليل كل العقبات وتوفير كل الدعم المطلوب من وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني.
> كيف تصف واقع التعليم الفني حاليا وفق المعايير الدولية؟
- واقعيا يقول إن لدينا 5% فقط من مدارسنا وفق المعايير الدولية في التعليم الفني، وعددها 100 مدرسة تقريبا، من أصل 2000 مدرسة علي مستوي الجمهورية.
> مارأيك في مستوي المدارس الفنية التي توصف بالمتهالكة وورشها بلا ماكينات؟
- لا يمكن ان نطلق ذلك علي كل مدارس التعليم الفني، ولدينا خطة سنوية تضعها الدولة لتطوير التعليم الفني تشارك بها جهات الدعم الدولي، وآخرها بنك التعمير الألماني لتجديد عدد من المدارس وفق المعايير العالمية، ولدينا ماكينات متطورة جدا في مدارس الطباعة مثلا وتتولي طباعة 800 ألف كتاب، من أصل 20 مليون كتاب في التعليم الفني، واكتشفنا ماكينات للتصنيع الرقمي ملقاة في المخازن منذ 4 سنوات، ومنها ماكينات خراطة بالكمبيوتر، لكنني لا أنكر أن لدينا ماكينات في ورش المدارس منذ 50 عاما، فليس لدينا مشكلة جوهرية في المعدات والتجهيزات، ولكن لدينا مشكلة في استثمار هذه الامكانيات وتوظيفها بالشكل الأمثل.
المعدات والتجهيزات 
> ما حجم ميزانية التعليم الفني سنويا؟
- الدولة تضع لنا ميزانية 900 مليون جنيه سنويا، لإعادة تأهيل مدارس التعليم الفني وتنفق علي تطوير 100 مدرسة سنويا،، من المباني للمعدات والتجهيزات حيث تتكلف المدرسة الواحدة 10 ملايين جنيه تقريبا، بالإضافة لمشروع الشراكة المصرية مع الاتحاد الأوروبي» تيفت 2»  الذي يطور 48 مدرسة في المرحلة الأولي، ولدينا بروتوكول مع صندوق تطوير التعليم التابع لمجلس الوزراء لتطوير 27 مدرسة، ولن نرضي بتوزيع الميزانية علي عدد كبير من المدارس حتي نحقق رقما فقط ولكنه واقعيا غير مجد ويعد إهدار مال عام، لأن التطوير الفعلي يتكلف أموالا كثيرة.
> كل عام يعلن عن انشاء مدارس جديدة، والواقع يقول إن بعضها لم يتم بناؤه حتي الآن؟
- للأسف لدينا مدارس لم ينته انشاؤها منذ عام 2012، بسبب تأخر المقاولين، وأحد الأسباب النظام المالي المعمول به حاليا، لأن الميزانية توضع لعام واحد فقط، واذا لم ينته المشروع خلال هذه الفترة يتم اعادة الباقي لخزانة الدولة، ويتم توزيعها لامركزيا علي المحافظات، وليس من الوزارة، وبسبب بطء اجراءات التعاقد التي تتم بدءا من شهر يوليو الذي يعد بداية العام المالي، واجراء المناقصات، ثم البدء في التنفيذ، وكله وقت ضائع، وبعض المقاولين يتأخر في بدء العمل بالانشاءات، ويمر العام المالي ويتم إعادة جزء كبير من الميزانية لخزانة الدولة وفعليا لا تنفق ميزانية التعليم الفني كاملة، لهذه الأسباب التي ذكرتها.
> ماهو حجم الميزانية التي تعود لخزانة الدولة بسبب بطء المقاولين المكلفين بالعمل؟
في حدود 270 مليون جنيه تمثل 30% من الميزانية السنوية، بسبب تأخر التعاقدات، أو المقاول لم ينته من العمل خلال العام المالي، ومع تكرار إعادة نسب كبيرة من الميزانية، تتحول الميزانية لأرقام غير واقعية لأننا لم ننفقها كاملة علي التطوير، وبالتالي ترتبك خطط التطوير التي نضعها.
الأعمال المطلوبة 
> وما الحل في وجهة نظرك لتجاوز هذه المشكلة؟
- أولا يجب ان تفتح الميزانية للتطبيق خلال عامين علي الأقل لإنجاز كل الاعمال المطلوبة ضمن خطة التطوير.

 

المركز الثانى

آيات خيري

الصباح

 

 

طلاب التعليم الفني يرون حكاياتهم للـ "الصباح "

* أحمد : شهادتي لم تقدم لي شيء .. والمجتمع يتعامل مع كصنايعي

* شهاب: والدي اجبرني على دخول ثانوي صناعي لتدهور الأحوال الاقتصادية

* رانيا: دخلت ثانوي فني لأصطاد عريساً

* حسام: الأول على المدرسة في اعدادية وطموحي افتح مصنع خراطة

حاول الكثيرون الوصول للأسباب الحقيقية وراء أزمة التعليم الفني في مصر، برصد أهم المتغيرات التي طرأت عليها تارة، وبتوجيه الخطاب للمسؤولين عن المنظومة تارة أخرى، وحصد أهم الإنجازات التي اعتلت مكاتب المعنيين بالأمر تارة، حاولت alt="الصباح" title="الصباح" /> الدخول لقلب ملف التعليم الفني في مصر من خلال سماع أصحاب الشأن، واعطائهم المساحة الكاملة للتعبير عن انفسهم، والوقوف على أزماتهم دون وصاية من مسؤول أو رقابة من ولي أمر يفرض عليهم ما يقولوه وما يخفوه ..

تبين من حديث الطلاب أن منهم من دخل مجال التعليم الفني رغماً عنه بعد ضغط شديد من الاهل، ومنهم من دفعته الظرف الاقتصادية السيئة على السير في هذا الطريق، ومنهم من دخله متوهماً الحصول على مستوى عالي اجتماعيا واقتصادياً ولم يصب ظنه كبد الحقيقة على الاطلاق، وهو ما توضحه السطور التالية ..

البداية كانت بالطالب أحمد خالد ، المقيد بقسم الميكانيكا بالمدرسة الصناعية بالجيزة ..

لماذا اقبلت على دراسة الميكانيكا؟

-ظننت في البداية أن المستقبل يمنح أصحاب الحرف فرض اكبر في كسب الأموال، وأن نظرة المجتمع تغيرت عن زمان، إلا أن هذا لم يحدث على الإطلاق فمن اليوم الاول لدراستي بقسم الميكانيكا، واعتاد اهالي المنطقة مناداتي بـ "الأسطى" كما لو كنت أعمل في ورشة ، بل واذدات مآساتي عندما عرض عليه أخي الاكبر أن انزل في اجازات كل العام الدراسي ونصف العام، لأعمل في ورشة جارنا الموجود على أول الشارع.

 

هل حاولت التواصل مع شركات سيارة كبيرة لتتدرب لدبيها بدلا من النزول في ورش؟

-حاولت كثيراً منذ عامين، وانا ابحث، لم اترك شركة الا وذهبت اليها، بل وعرضت نفسي عليهم للعمل بدون مقابل، إلا أن أياً منهم لم تقبل على الإطلاق.

 

ما هو دور الوزارة والمسؤولين من وجهة نظرك لتنمية مجالات التعليم الفني ؟ وهل يقوموا بدورهم كما ينبغي؟

-من المفترض ان تتابع وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني أحوال المدارس وامكاناتها التي تكاد تكون غير موجودة بالمرة، وتعمل على تطويرها وربط ما يتم تدريسه داخل تلك المدارس باحتياجات سوق العمل، بل والعمل على توفير فرص مناسبة للشباب، إلا أن هذا لا يحدث للأسف، فمن وجهة نظري ان هناك فجوة كبيرة بين ما يدرسه الطلاب وما يحتاجه سوق العمل.

 

هل ندمت على التحاقك بالتعليم الفني؟

-نعم .. ندمت ، ليس وحدي بل عدد كبير من زملائي ينتابهم نفس الشعور.

انتقلت الصباح من أحمد إلى شهاب خريج مدرسة العمرانية الصناعية للبنين، والذي بدأ حديثه بسب الظروف الإقتصادية التي اجبرته على دراسة التعليم الفني

ما علاقة الظروف الاقتصادية بدخولك مجال التعليم الفني؟

-والدي يعمل بأحد الأفران، في الصباح ويقف كبائع في محل بيع ملابس بمنطقة العمرانية ليلاً ، لدي 4 أخوات، أنا اكبرهم، والدتي لا تعمل، بعد انهاء دراستي الاعدادية لم تكن لدى والدي الامكانيات ليساعدني على دراسة الثانوية العامة، وكنت أمام أحد خيارين إما التنازل عن اكمال التعليم تماماً، أو الدخول للتعليم الفني، وبالفعل دخلت المدرسة الصناعية قسم التبريد والتكييف.

 

هل استفدت بالتحاقك بالتعليم الفني؟

-على الرغم من شعوري بالضغط المستمر في البداية من فكرة اجباري على الدخول في هذا المجال، إلا أني مع الوقت شعرت بفرحة عارمة مع اول 100 جنية تمكنت من تحصيلها عند اصلاحي لتكيف أحد الجيران، حيث لم يكن هذا بمفردي، كان بمساعدة أحد اصحاب محلات صيانة التبريج والتكييف بالمنطقة، ومن وقتها وانا اعمل معه.

كيف ترى مستوى التعليم الفني بعد 20 سنة؟

-اتوقع تطوير شامل في كافة أقسام التعليم الفني بالمدارس الفنية، هذا ما المسه من خلال ما اراه داخل المدرسة من زيارات مستمرة من الوزارة، ولم اشعر قط بأي إهمال سواء من المعلمين داخل المدرسة او من الوزارة؟

 

أي الاقسام ترتبط أكثر بسوق العمل؟

-جميع الأقسام مهمة لسوق العمل وعلى رأسها التبريد والتكييف والخراطة.

هل تدخل الواسطة والمحسوبية في اختيارت المدرسين للطلاب اللذين يتدربوا اثناء الدراسة في الشركات الخاصة الكبرى؟

لم  تمر أمامي حادثة بها الشكل، واعتقد أنه في حالة حدوثها فعلي المتضرر اللجوء للجهات المعنية لحسم الأمر.

أما حسام ابن منطقة باب الشعرية فهو سيد قراره من البداية وهو من قرر الدخول لعالم التعليم الفني بكاكل ارادته ..

لماذا اخترت دراسة الخراطة بالرغم من تفوقك في الدراسة في المرحلة الاعدادية ؟

-طموحاتي أن امتلك مصنعاً متخصصاً في الخراطة ولم التفت لانتقادات الاهل والأصحاب التي تنتهي دائماً بعبارات "هذا لا يليق بك" "أنت متفوق فلماذا تهدر حقك في الالتحاق بالثانوية العامة" وغيرها من العبارات غير المجدية، التي لم تقنعني يوماً.

 

هل ترى ان اختيارك صائب؟

-اتمنى ان يكون صائب فعلياً، لكنى لست متأكد حتى الان لان الظروف في كل مرة تقف أمام اقتناعي؟

 

ما الذي يجعلك تندم على اختيارك الالتحاق بالتعليم الفني؟

-المعدات غير مكتملة بالمدرسة، ولا اشعر باهتمام المعلمين بتوصيل المعلومة لنا، هم اكثر مت يجعلوا احساس الندم يتسلل لي.

 

هل فكرت في ترك التعليم الفني؟

لا .. لم افكر في ذلك قط.

لماذ لم تتواصل مع مدير المدرسة او من ينوب عنه لتجد حل لمشكلاتك؟

تواصلت كثيراً الا ان شيئا لم يتغير في الأمر .. فقررت أن اكمل دراستي في المدرسة وحين انتهي سأهتم بالبدء في مشروعي الخاص.

 

هل هي مشكلتك وحدك أم يعاني منها جميع زملائك؟

-جميع من يدرس في التعليم الفني يعاني من عدة امور، على رأسها ضعف الامكانيات، واهمال المسؤولين ونظرة المجتمع السيئة له، فبالرغم من دخولي مجال التعليم الفني بكامل ارادتي إلا أن الناس تتعامل معي بشيء من التعالي غير المبرر.

لم تكن ازمة التعليم الفني مرتبطة بالذكور فقط، فكما اوضحت رانيا خريجة مدرسة التعليم الفني الصناعي للفتيات بمحافظة المنوفية أن عدداً كبيراً من الفتيات يدخلن مجال التعليم الفني ..

ما علاقة التحاقك بالتعليم الفني بالحصول على عريس؟

والدي اجبرني على عدم اكمال تعليمي، وبعد اقناع العائلة كلها له، وافق على التحاقي بالثانوي الصناعي لحين وصول ابن الحلال او الزوج المستقبلي، وبالفعل نزلت للمدرسة، وبعد ذهابي للمدرسة وجدت ان عدد كبير من الفتيات يلتحقن بالتعليم الصناعي للهروب من الجلوس في المنزل وانتظار حتى الزواج

 

هل استفدتي من دراستك للتعليم الفني؟

درست الخياطة، واستفدت جداً، وبفكر في شراء ماكينة خياطة، والعمل عليها من المنزل، حتى وان لم اتزوج اكتسبت خبرات هامة لن يعوضني عنها احد.

 

ما هي العقبات التي تواجهها البنات في التعليم الفني؟

نظرة المجتمع للبنت في التعليم الفني سيئة للغاية، حتى انه في بعض المرات واثناء مشاجرة بين أحد زميلاتي ونظيرتها في المدرسة الثانوية المجاورة لمدرستنا، قالت الفتاة الأخرى لزميلتي أسوأ التعبيرات التي تعني انها لا قيمة لها، مجرد خياطة، ولن تعلو على ذلك مهما طورت من نفسها؟

 

كيف يمكن حل الأزمة من وجهة نظرك؟

لابد من مذاعفة وعي الناس بأهمية التعليم الفني وانه لا يقل أبداً عن التعليم الثانوي العام، بل ربما يزيد في اهميته من حيث احتياج المجتمع له ولأفراده

 

المركز الثالث 

 ابراهيم جاب الله

روز اليوسف

 

 

وزير التعليم الفنى السابق: الموارد ليست أزمة.. وطلاب المدارس الفنية "مش عيال صايعة"

 

محمد يوسف: واجهنا مخططًا لتحويل مدارس التعليم الفني إلى مشروعات سكنية وتجارية

نحتاج الى جهة تنفيذية واحدة للإشراف على التعليم الفنى وعلينا استيعاب طلاب المدارس 

الوزير السابق: نقل تجربة التعليم الفني الأجنبي بالحرف أشبه بمن لبس "بدلة كلاسيك على البحر"

نسبة كبيرة من طلاب التعليم الفني مهاراتهم ضعيفة في القراءة والكتابة.. وعلينا وضع برنامج لتنميتها

وزير التدريب السابق: لا أرفض التحاق ابني بالتعليم الفني طالما كانت رغبته

منح الطلبة "كورسات" بعد التخرج تؤهلهم للعمل على طريقة سنة الامتياز بالطب

يوسف: الاعتقاد بأن طالب التعليم الفني قادر على فك الموتور وتركيبه فور التخرج خطأ

 

البحث عن أصحاب التخصصات الدقيقة أصبح كالعملة النادرة، هذا ما يحدث في معظم دول العالم، لكن في مصر لا يزال كثير منا يعمل بطريقة "7 صنايع" وبـ"الفهلوة"، وكل ذلك سببه أننا افتقدنا ثقافة التدريب، بل وأصبح التعليم الفني والتدريب المهني في مصر بعيدا عن اهتماماتنا.

عندما استحدث مجلس الوزراء- في عهد المهندس إبراهيم محلب- وزارة التعليم الفني والتدريب المهني، تم إسنادها للدكتور محمد يوسف، الذي كان يشغل منصب نائب وزير التربية والتعليم للتعليم الفني، وشغل يوسف، منصب مدير إدارة الطرق والكباري بشركة المقاولون العرب، كما تولى رئاسة قطاع التدريب بنفس الشركة، وأشرف على المدارس التابعة لها، وكان اختياره رئيسًا لقطاع التعليم الفني هدفه الربط بين التعليم واحتياجات سوق العمل، وهو حاصل على بكالوريوس الهندسة من جامعة القاهرة عام 1990، كما حصل على درجة الماجستير في إدارة المشروعات من إنجلترا.

حمل يوسف حقيبة التعليم الفني ليكون مسؤولًا عن ملفات عديدة، أهمها تغيير النظرة الدونية التي ينظر بها المجتمع لهذا النوع من التعليم، وتطوير المدارس، وتأهيل الطلاب وتزويدهم باحتياجات سوق العمل.

في حوارنا مع وزير التعليم الفني والتدريب المهني السابق، حاولنا وضع خريطة للنهوض بهذا الملف لنطرحه أمام الحكومة والجهات التنفيذية، حيث أكد ضرورة وجود كيان تنفيذي يتولى ملف التعليم الفني والتدريب.

ورفض الاتهامات التي يوجهها البعض لطلاب المدارس الفنية بأنهم "عيال صايعة" لكنهم يحتاجون إلى من يستوعبهم، كما واجهنا الوزير بملفات عديدة.. وإلى نص الحوار.

هناك اهتمام كبير من جانب الدولة والرئيس السيسي بالتعليم الفني والتدريب المهني.. كيف نغير ثقافة الناس ومفاهيمهم تجاه التعليم الفني في مصر؟

أي ظاهرة سيئة حتى تحلها لا بد أن تعود لأصولها، والمرض لا بد أن تعرف أصله ومن أين أتى حتى يمكن علاجه، وحقيقية الأمر أن الرؤية للعمل الحرفي بصفة عامة كعمل لا يعبر عن القدرة الذهنية للشخص ثقافة موروثة من أيام الفراعنة والإغريق، وليست ثقافة جديدة، لكن عمق الرؤية للتعليم الفني زادت في فترات معينة، وبشكل عام نحتاج إلى رؤية شاملة لتغيير ثقافة الناس تجاه التعليم الفني.

لدينا مدارس للتعليم الفني بأشكاله المختلفة الصناعي والزراعي والتجاري.. هل خريجو هذه المدارس مؤهلون لسوق العمل الحالية؟

إذا تحدثنا بشكل عام فإن خريجي هذه المدارس لا يناسبون التطورات التي تحدث في سوق العمل في مصر وفي العالم، لكن يجب أن نعرف أن لكل شيء إيجابياته وسلبياته، لدينا في مصر مشاكل تتعلق بالتعليم بشكل عام، والتعليم الفني ناله جانب من هذه المشاكل، ونضرب مثلا على ذلك إذا كنت تسكن في شقة في مكان صعب، فأنت يمكنك أن تجهز شقتك بقدر ما تستطيع، لكن المكان صعب أساسا، فالمنظومة كلها تحتاج إلى إصلاح.

ومن المشاكل الأساسية في التعليم ضعف مهارات القراءة والكتابة، فهذه المهارات ضعيفة لدى طلبة التعليم الفني، بالإضافة إلى أن التعليم الفني يقبل أصحاب الدرجات الأقل، وبالتالي أصبح من يلتحقون بالتعليم الفني لديهم مشكلة كبيرة في القراءة والكتابة.

كيف يمكن للدولة أن تتعامل مع أزمة ضعف مهارات القراءة والكتابة لطلاب التعليم الفني؟

يجب على الدولة أن تبدأ في معالجة هذه المشكلة من المرحلة الابتدائية، من خلال مشروعات مختلفة، فحين كنت نائبا لوزير التعليم، بدأت مشروع تطوير مهارات القراءة والكتابة لدى الطلاب من مرحلة أولى ثانوي، لأنني كنت أتولى تطوير مهارات طلاب أولى ثانوي، وفي مرحلة التعليم الابتدائي يجب أن تكون هناك برامج لرفع مستويات الطلاب في المهارات الأساسية، كالقراءة والكتابة.

كيف نجعل التعليم الفني رغبة أولى للطلاب في مصر بدلاً من السعي وراء وهم اسمه "الثانوية العامة"؟

إذا نظرنا للموضوع من الناحية الاجتماعية ستجد أن ما يهم المصريين هو الشهادة، والدليل أن أصحاب شهادات عالية يعملون بعد التخرج حرفيين أو فنيين، ومنهم خريجو علوم وحقوق يعملون حرفيين، وهذا يحدث في كثير من الكليات التي تخصصاتها غير مطلوبة في سوق العمل.

هل هذا منطق سليم في سوق العمل المصري؟

بالتأكيد ليس صحيحا لأن الدولة استثمرت في هؤلاء الطلاب وهم بعد ذلك ذهبوا للعمل في أمور أخرى لا تتعلق بشهاداتهم.

إذن كيف نجعل التعليم الفني رغبة أولى للطالب؟

هناك تغيرات كثيرة يجب أن تحدث في المجتمع المصري فمنهج التفكير يختلف من طبقة لأخرى، وأنا لا أتحدث عن مجتمع مصر الجديدة والدقي والمهندسين فقط، ولكن الشعب المصري معظمه في المحافظات والقرى والصعيد، ومنهج التفكير لدى كل فئة يختلف عن الأخرى وكذلك الإمكانيات المادية أصبحت عاملا مهما في التوجه للتعليم الفني من عدمه.

في القرى أصبح هناك تغيير لحد ما، تجاه خريجي التعليم الفني على المستوى الاجتماعي فتجد مثلا فتاة حاصلة على شهادة عليا تتزوج شاب خريج تعليم فني مؤهل متوسط، ولا مانع في ذلك طالما يستطيع أن يوفر دخلا لأسرته، لكن عملية التغيير الشامل لن تحدث إلا عندما يكون هناك واقع على الأرض، وتكون هناك نماذج مشرفة وجيدة لمدارس التعليم الفني وتحقق نجاحا كبيرا.

متى نصل لمرحلة وجود مدارس ناجحة تساهم في تغيير النظرة لدى المصريين عن هذا النوع من التعليم؟

هناك بالفعل مدارس موجودة وناجحة بعضها قائم منها على سبيل المثال مدراس في المصانع مثل شركة "بي إم دبليو" بها مدرسة وكذلك مدارس في مصانع الغزل والنسيج.

هل هذه المدارس بها إمكانيات تكفي لتخريج طالب متميز؟

بها إمكانيات تساهم في تخريج طالب متميز ونحتاج طاقة نور في كل محافظة حتى ننهض بالتعليم الفني، بجانب رؤية تربوية واقتصادية وسياسية، فصاحب المصنع الذي يدفعه لعمل مدرسة داخل المصنع إلا إذا كان سيحقق له استفادة له وللدولة أيضا.

 

ما دور القطاع الخاص في إصلاح وتطوير التعليم الفني؟

بالتأكيد لكن يجب أن تكون المصلحة مشتركة ولا تحمله تكاليف فقط، فما المانع أن تكون المدرسة بمصاريف داخل المصنع، فالتعليم الفني شهد تطورًا من العهد الفرعوني، وحتى في التاريخ الإسلامي حيث كانت عملية التعليم الفني للطلبة تتم عن طريق صاحب الورشة لأن مصر كلها كانت قائمة على صناعات حرفية وقتها، والمواطن كان يدرب ابنه لمدة 3 سنوات بمقابل مادي يدفعه لصاحب الورشة حتى يكون ابنه مؤهلا وفي النهاية يحصل على شهادة من العريف أو شيخ المهنة.

كيف نطبق ذلك النموذج المتميز في عصرنا الحالي؟

عندما تتحدث عن إمكانيات دولة نحتاج إلى سيستم فمثلا نحتاج إلى رخصة لمزاولة المهنة، ومهم تفعيلها فأي مهنة حاليا لا بد أن يكون لها كارنيه لمزاولة المهنة كالمهندسين وغيرهم.

لكن في السنوات الأخيرة لاحظنا أن كثيرًا من المصريين يتجهون للتعليم الخاص واللغات على حساب التعليم الفني.. هل ذلك بمثابة النهاية للتعليم الفني؟

أنا مقتنع بأن التنوع لا بد أن يكون موجودًا، والأمر يختلف حسب الطبقات الاجتماعية ودخل الأسرة فمن لديه أموال ويريد إلحاق ابنه بالتعليم الخاص فما المشكلة، لأن اللغة أصبحت شيئا مهما، فهناك مهن في المهندسين إذا أتقن فيها الطالب اللغة الفرنسية أو الإسبانية يمكن أن يجد فرصة عمل على الفور وبالدولار في بعض الدول الإفريقية.

لكن هل ينعكس ذلك الاهتمام على بناء مدارس خاصة وتعليم لغات على حساب التعليم الفني؟

حينما كنت في موقع المسؤولية لاحظت ظاهرة في بعض المحافظات، وهي أن معظم مدارس التعليم الفني قديمة من الستينيات ومع الزحف العمراني وتزايد السكان أصبحت المدارس في وسط البلد وداخل الحيز العمراني، وهذه المدارس بها ورش، فبدأ البعض يفكر في إلغاء المدرسة أو نقلها وتحويل الأرض الموجودة عليها إلى مشروع إسكاني أو تجاري ويكون البديل لها أرضًا أخرى في الظهير الصحراوي، وهذا الأمر صعب لأن كثيرًا من المدارس أصبحت غير جاهزة في الظهير الصحراوي، وأصبحت بعض المدارس ليس لها طلاب تعليم فني، نظرا لبعدها عن السكن، وحتى نواجه هذه المسألة حصلنا على قرار من رئيس الوزراء أنه لا يجوز تحويل مدارس التعليم الفني إلى أي نشاط آخر سواء عقاري أو سكني لأنها ثروة هائلة، فمثلا مدرسة أسيوط الميكانيكية في وسط أسيوط والمتر بآلاف الجنيهات هناك ولذلك يجب الحفاظ على هذه المدارس من أجل النهوض بالتعليم الفني.

لكن في كل الأحوال وزير التربية والتعليم مطالب ببناء مدارس ابتدائي ورياض أطفال ومدارس تعليم فني وثانوي ولا بد أن نحافظ على مدارس التعليم الفني الموجودة مع بناء مدارس جديدة.

كيف يمكن تطوير هذه المدارس لكي يناسب خريجيها سوق العمل؟

لا بد أن نبتعد أولا عن المزايدات في موضوع التعليم الفني، ويجب أن نعرف أن الصناعة رؤيتها للعمل داخل كل مصنع ليست واحدة، وهناك مصانع كبيرة تحتاج تخصصات دقيقة، ولا بد أيضا من الاهتمام تربية لأن الطالب لا يزال في مرحلة تعليمية لها جانب تربوي وجانب آخر يرتبط بالصناعة فكل صناعة تحتاج مهارة ولذلك لا بد أن نعطي الطالب "كورسات" في التخصصات التي تحتاجها المصانع لكي يتأهل للعمل بعد دراسة 3 سنوات، وهي تشبه سنة الامتياز في كليات الطب، لأنه من الخطأ الاعتقاد بأن خريج التعليم الفني لديه قدرة ومهارة على فك الموتور وتركيبه فورا بعد التخرج.

هناك معامل كثيرة بمدارس التعليم الفني لا يتم استغلالها ولا يستفيد منها الطلبة.. كيف نستغلها بشكل سليم؟

أولا هناك قضية تتعلق بالمعلمين في مدارس التعليم الفني، إذ ينقسمون إلى نوعين بعضهم يدرسون الواد النظرية وآخرون للعملية، والصحيح أن يكون النظام موحدًا للتعليم والتدريس خاصة في التعليم الصناعي، خصوصًا أن معظم طلبة التعليم الفني في المدارس الصناعية، ولكي تنجح منظومة التعليم الفني كلها لا بد أن تنظر إلى جانب مهم منها، وهو أن الصناعة تتطور بسرعة، فالطالب يحتاج تطويرا مستمرا والمعلم في مدارس التعليم الفني يحتاج تدريبا مستمرا أيضا.

وبالنسبة للمعامل الموجودة في هذه المدارس هناك عدة مشاكل أولها أن "سيستم" العمل الحكومي يخوف المدرس من استخدام المعامل لأنها عهدة ومال عام، وفي بعض الأحيان قد لا يكون المدرس مدربًا على استخدامها كما أن المدارس الفنية بها أعداد كبيرة من الطلاب بعضها يصل إلى 4 آلاف طالب كمدرسة إمبابة الصناعية، ومدرسة الجيزة الكهربائية مثلا بها ما يزيد على 2000 طالب ونحتاج منظومة متوازنة للسيطرة على الطلاب ومدرسي العملي هم أكثر قدرة في السيطرة على الطلاب ويستطيعون فهم الطلاب جيدا.

كيف يمكن تحسين مستوى ومهارات المعلمين بالمدارس الفنية؟

كلنا نحتاج إلى تدريب وتطوير، وحقيقة الأمر أن المعلمين بالتعليم الفني بهم نماذج جيدة وعدد كبير منهم من الناحية التربوية مؤهل، لكن من الناحية الفنية يحتاجون تأهيلًا، وحتى يمكن النهوض بالمعلم، والمعلم يحتاج إلى تحسين مستواه المادي لأنه لا يمكن أن يكون المعلم يحصل على 2000 جنيه راتب شهري.

بسبب النظرة المتدنية للتعليم الفني في مصر، أطلق البعض على طلابه "عيال صايعة".. هل هذا تجنٍ في حقهم.. وما رأيك؟

بالعكس، فأنت إذا دخلت مدرسة ثانوي عام، ومدرسة تعليم فني ستجد العدد أكبر من الطلبة في التعليم الفني، لأن هناك تدريبًا عمليًا وهم ملتزمون به وبالحضور والقانون يجبر الطالب على حضور العملي، لكن الفكرة أن هؤلاء الشباب يحتاجون من يقترب منهم ويتحدث معهم بالعقل، وقتها ستجد من بينهم جواهر، ولا بد أن نستوعبهم ونجد حلولا عملية للمشاكل، وليست حلولا نظرية فقط، وعلينا النظر إلى التفاصيل لأن الشيطان يكمن في التفاصيل.

لدينا أكاديميات وجامعات للتعليم الفني والجامعة العمالية أهم هذه الكيانات.. ماذا ينقصها لكي يكون خريجوها محترفين؟

لا بد أن ننظر إلى تقسيم سوق العمل في مصر، فكل دولة لها سوق عمل مختلفة، ألمانيا مثلا تقسيم العمل في المصانع بها يختلف عن مصر، ولذلك لا بد أن تركز على هذه الأمور وأنت تؤهل الطلاب، وإلا سيتم تخريج طالب غير مؤهل، وبالنسبة للجامعة العمالية فهي تحتاج إلى تطوير خاصة الطلاب تخرجوا فلم يجدوا استيعابًا لهم في سوق العمل، ومعظمهم يعمل في مستويات أدنى من المستوى التعليمي بالمقارنة بزملائهم في كليات أخرى.

ولكي يحدث تغيير في أي منظومة لا بد أن يكون العمل مركزيًا من خلال كيان مسؤول عن التعليم الفني.

هل إلغاء وزارة التعليم الفني والتدريب المهني كان قرارًا خاطئا؟

نحن نحتاج إلى كيان لإدارة منظومة التعليم الفني في مصر والتدريب، وحتى يتم عمل نهضة تعليمية يجب أن تكون مركزية وبعدها يتم تفكيك الأمور، ولا بد من عمل ما يشبه "حضانة" للتعليم الفني والتدريب، خاصة أن التعليم الفني ليس مثل التربية والتعليم فهي وزارة ضخمة بها نحو 18 مليون طالب، أما التعليم الفني فبه نحو 3 ملايين طالب أو أقل ونحو 200 ألف معلم، ونحو 2000 مدرسة، وهناك دعم من الشركاء الأجانب لكن من دون كيان وهيكل له رؤية واحدة واستراتيجية واحدة بقيادة واحدة بالاشتراك مع جميع الوزارات لن نحقق الهدف.

ما رأيك في استمرار الجزر المنعزلة داخل الوزارات بشأن التعليم الفني؟

لا يمكن أن يستمر الوضع على ذلك، ولا بد من التنسيق الكامل، وأن يكون كل هؤلاء تحت جهة مسؤولة واحدة، لأن هناك مجموعة موارد يمكن أن يستخدمها هذا الكيان الموحد، ولا بد أن يكون هذا الكيان له صفة تنفيذية وليس تخطيطيًا فقط لكي يستطيع من خلال اتصالاته بالصناعة في مصر أن يحدد خطة العمل والنهوض بالتعليم.

ماذا عن مشروعات الحكومة لتطوير التعليم الفني في مصر.. هل لها عائد من وجهة نظرك؟

لا بد أن تكون هناك استراتيجية وتكتيك لهذا الأمر، فلا يمكن أن نقول للطالب "تعالى أنزلك البحر من دون أن أعلمك العوم"، حيث يجب التنسيق الكامل من خلال جهة واحدة مسؤولة عن التعليم الفني، خاصة أن كمية الموارد الموجودة في مصر للتدريب المهني كبيرة جدا لا تتخيل حجمها وكذلك إعداد مراكز التدريب، ويمكن تشغيل هذه المراكز بحيث تتكامل مع المدراس.

لكن هناك شكاوى من نقص الموارد في بعض المدارس الفنية؟

هناك ميزانية كبيرة، لكن استخدام هذه الأموال هو المشكلة، والميزانية الخاصة بالتعليم الفني مشكلتها في حاجة واحدة فقط هو أنها تحتاج إلى زيادتها من أجل الرواتب التي تصرف لتحفيز عملية التدريب والتعليم الفني.

أين تصرف المنح الأجنبية الموجهة للتدريب في مصر؟

هناك مشروع مع الاتحاد الأوروبي وغيره من الجهات لدعم عملية التدريب ولا بد من رؤية واستراتيجية وعلاقة مع الصناعة بشكل مميز من خلال إقامة مدرسة داخل المصنع، كما أن صندوق تطوير التعليم يعمل بشكل جيد ويجب الاستفادة منه.

وبالنسبة لتجارب الدول الأجنبية في عملية التدريب والتعليم الفني لا يمكن أن أنقل التجربة كما هي حرفيا، لأنك بهذا الشكل تكون كمن "يلبس بدلة كلاسيك على البحر" أو ليست على مقاسك حتى لو كانت على مقاسك فلونها لا يتماشى مع لون بشترك.

هل نحتاج إلى تعديل التشريعات الخاصة بالتعليم الفني؟

التشريعات تحتاج إلى تكامل لخدمة هدف معين وهو تطوير التعليم، والتشريعات التي تمت صياغتها في الماضي ربما تحتاج تحديثًا لمواكبة ما يحدث في سوق العمل والتعليم بشكل عام.

هل ترى أن الوجاهة الاجتماعية دفعت الناس للابتعاد عن التعليم الفني؟

جزء منهم يبتعد عن التعليم الفني لهذا السبب، خاصة لو كان من الطبقات العليا، فهو لا يفكر في التعليم الفني إلا لو ابنه درجاته أقل في المجموع، بينما أصحاب الدخول الأقل يمكن أن يفكر في الموضوع لكنه أيضا يتخوف من اتهام أولاده بأنهم من دون مستقبل "وعيال صايعة" كما قلت أنت في السابق.

بصراحة كنت وزيرًا للتعليم الفني والتدريب، لو نجل سيادتك كان مجموعه ضعيفًا.. هل ترضى أن يلتحق بالتعليم الفني أم ترفض؟

إذا كان هو نفسه "غاوي" ولديه رغبة في ذلك أتحدث معه لكي يختار ما يناسبه بحيث يكون في تخصص له مستقبل، وفي هذه الحالة لا أمانع بل أنصحه، لأن طلبة التعليم الفني لديهم مهارات فائقة.

كثير منا يتحدث عن انتشار ثقافة الفهلوة في مصر.. متى تنتهي هذه الكلمة من قاموسنا؟

هناك أماكن تحتاج تخصصا شديدا، لكن يوجد أماكن عمل كثيرة يمكن من خلال تعليم وتدريب بسيط العمل بها ويمكن لأي فرد أن يغير مهنته لأخرى من خلال هذا التدريب، وقبول العمل يرتبط الجانب الأكبر منه بالراتب، ففي إحدى المرات ذهبنا مع شباب للعمل بأحد المصانع وفوجئنا بأنهم رفضوا لأن الراتب ضعيف، إذن فالمشكلة هنا ليست مهارات فقط، ولكن أي مواطن يحتاج إلى دخل لأولاده، لأنه إذا لم يوجد دخل مناسب "فهل أكل أولادي حيكون مهارات وصناعة؟ لا طبعا.. اشتغل سواق توك توك حتى أحصل على دخل"، والسوق عرض وطلب، وأصحاب المصانع يجب أن يرفعوا الرواتب حتى نشجع الشباب على العمل لديهم.

في النهاية.. هل أنت متفائل بمستقبل التعليم الفني في مصر؟

بالتأكيد.. لكن يجب أن يكون هناك تكامل وأن نكون عمليين بشكل أكثر، وبحلول واضحة، مع منح سلطة تنفيذية لجهة واحدة تتولى عملية التدريب وتطوير التعليم الفني.

 

الجائزة الثالث مناصفة 

نشوى محمد 

روز اليوسف 

 

 

محمد يوسف: التعليم الفنى فى «الإنعاش»

على الرغم من عشرات المبادرات التى طرحت لتطوير التعليم الفنى باعتباره القاطرة الوطنية القادرة على إعادة الصناعة المصرية إلى عرشها الذى تربعت عليه لقرون منذ عهد الفراعنة حتى الدولة المصرية الحديثة، إلا أن مصر تعانى فى الوقت الحالى من فجوة حقيقية فى الربط بين مخرجات هذا التعليم والحاجات الحقيقية لسوق العمل.

«روزاليوسف» فتحت الملف الشائك مع اثنين من كبار المتخصصين فى التعليم الفنى والمهنى وذلك بحكم مشاركتهم فى محاولات التطوير المستمرة التى وصفها بالمسكنات التى سرعان ما يزول مفعولها بمجرد انتهاء ولاية كليهما.
«التعليم الفنى فى الإنعاش» جملة بدأ بها الوزير الوحيد للتعليم الفنى فى مصر الدكتور محمد يوسف فى حواره لـ«روزاليوسف»، وأكد فيه أن التعليم الفنى يعانى من العديد من الأزمات منذ فترة طويلة وهو ما حاول التغلب عليها خلال فترة توليه الوزارة ولكن سرعان ما توقف الأمر بعد إلغائها.
وشدد على أن النهوض بهذا التعليم مرة أخرى يحتاج إلى تدخل الرئيس عبدالفتاح السيسى لوضعه فى خطة الدولة للمشروعات القومية التى حققت نجاحا كبيرا بسبب متابعته المستمرة لها، وهو الأمر الذى يحتاجه التعليم الفنى.. وإلى نص الحوار..
 ■ بداية كيف ترى حال التعليم الفنى والتدريب المهنى فى مصر حتى الآن؟
- الحكاية ببساطة عن مدارس التعليم الفنى والمهنى التى يمثل طلابها ٦٤٪ من طلاب التعليم الثانوى وميزانيتها لا تتعدى مليارًا ونصف المليار جنيه موزعة على ألفى مدرسة إضافة إلى ٦٠٠ مركز تأهيلى فنى فى هذا القطاع غير أن الميزانية المرصودة لا تغطى تكاليف سبع مدارس تدخل ضمن برامج التطوير ونفاجأ بأنها تخرج لنا أجيالا دون المستوى ينضمون بعدها لصفوف العاطلين.
ومازال التعليم الفنى والتدريب المهنى يحتاج الكثير من الوقت والجهد والعمل المستمر لإحداث نقلة نوعية ولابد من تحديد القطاعات المستهدفة ووجود سيستم واحد يراعى التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التى تمر بها البلاد فى الوقت الحالى وهنا لابد أن أنوه إلى التجارب الموجودة والتجارب المستوردة من الخارج.
نعم استيراد التجارب من الخارج «شيء كويس» لكن ماينفعش أطبق التجربة الخاصة بدولة معينة بمواصفات معينة بها صناعة ناضجة بشكل معين «وتيجى تقولى أطبقها فى مصر مينفعش»، ولذلك لابد من عمل نظام خاص بالتجربة المصرية نابع من فهم أنظمة الخارج والأهم من ذلك قياس طريقة التفكير فى مصر فهناك الكثير من الخبراء يتحدثون عن تجارب فى التعليم الفنى والمهنى لكن القليل منها ماهو مستقى من الحالة المصرية وعناصرها وطريقة تفكير الناس فيها.
لذا فإن التعليم الفنى والمهنى والتدريب يحتاج الكثير من الجهد من قبل الحكومة ولابد من تصنيفه ضمن الأولويات الخاصة بالدولة مثلما فعل الرئيس السيسى فى المشروعات القومية.
 ■ هذا بالطبع يتطلب وجود خطة استراتيجية، فهل توجد؟
- بالفعل هناك خطة استراتيجية للتنمية المستدامة حتى 2030 وضعتها وزارة التخطيط وطبعا هى تضم مجموعة من العناصر العامة والمشكلة عندنا فى مصر تكمن فى تطبيق مثل هذه الأفكار الجميلة على أرض الواقع.
 لذلك الحل أن يصبح تطوير التعليم الفنى والمهنى أولوية أولى كما عمل المهندس إبراهيم محلب فهو رجل صناعة وبناء بدأ حياته مهندسا حتى أصبح رئيسا للوزراء وحيث أنه لمس القصة بيديه قرر أن يكون هناك كيان موحد يجمع هذه المنظومة واستحدث فكرة وجود وزارة التعليم الفنى التى شرُفت بقيادتها.
 ■ وما الأسباب التى أدت لتدهور التعليم الفنى والمهنى فى مصر بهذه الصورة من وجهة نظرك؟
- لعدم وجود جهة واحدة تقوم على هذا الشأن وكلٌ يعمل فى جزر منعزلة على عكس التعليم الفنى فى أوروبا فهو على رأس القطاعات المدعومة هناك لتحقيق العدالة وتحسين الصناعة.
والمشكلة عندنا أن التعليم الفنى جزء منه تابع لوزارة التربية والتعليم وجزء آخر تابع لوزارة التجارة والصناعة وجزء ثالث تابع لجهات أخرى وده ماينفعش لذلك لابد من توحيد القيادة لتحقيق النتيجة المرجوة والقضاء على فكرة الصراع المؤسسى «ومايجيش كل واحد يقولك دى بتاعتي».
 ■ لكن الصورة الذهنية السيئة عن التعليم الفنى والمهنى هى أيضا أحد الأسباب؟
- التعليم الفنى يعانى عبر التاريخ فعند الفراعنة كان أبناء الأمراء والكهنة يتعلمون الفلسفة والطب وأبناء الفقراء يعملون بالوظائف الحرفية وسرى هذا الكلام فى العهد الإسلامى وسرى فى العهد العثمانى الذى قضى تماما على الصناعة الحرفية فى مصر حيث بعثوا للأستانة 500 فنى وعامل مصرى من أمهر الحرفيين مما أدى لغلق حرف بالكامل فى مصر.
حتى فى أوروبا ينظرون للعمل الحرفى على أنه يحتاج مهارات عقلية أقل من العمل الأكاديمى «لكن الواقع بيقول إن البلد ماينفعش تطلع كلها دكاترة ومهندسين ومينفعش تبقى كلها عمال لازم كده ولازم كده» والشطارة هنا أن نبحث عن الأسباب الأساسية لإحجام الناس عن إلحاق أبنائها بالتعليم الفنى والمهنى ومعرفة طريقة تفكيرهم ثم التحاور معهم وتوفير التعليم الجيد لأبنائهم فى المجال الفنى والمهني.
■ بمناسبة التعليم الجيد البعض يقول أن المدارس الفنية تخرّج طلابًا غير مؤهلين أصلا للالتحاق بسوق العمل، فما تعليقك؟
- هناك مشكلة كبيرة جدا فى الطلاب الذين يلتحقون بالتعليم الفنى والمهنى فى مهارات القراءة والكتابة ولذلك أول مشروع عملته عندما توليت منصب نائب وزير التربية والتعليم أننى ذهبت لمعهد البحوث التربوية لقياس هذه الظاهرة وبالفعل وجدوا أن 60 % من هؤلاء الشباب عندهم مشاكل فى مهارات القراءة والكتابة إضافة إلى أن من يلتحق بهذه المدارس هم أصحاب المجاميع القليلة لذا فلابد من التكاتف لتنشئة الطلاب من البداية تنشئة سليمة حرصا على مستقبلهم.
 ■ ومتى نستطيع إذا تخريج عامل فنى ماهر من هذه المدارس؟
- يمكن أن نصل لذلك ببساطة عندما تتوحد الجهود والرؤى وتصبح هناك مظلة واحدة تتولى التعليم الفنى والمهنى وبعد كده نبدأ عمليات التطوير حتى نصل لتخريج عمالة فنية محترفة.
 ■ ومتى يمكن أن تكون المدرسة الفنية جاذبة للطلاب؟
- لابد أولا من وجود تحفيز معنوى للالتحاق بهذه المدارس بمعنى توفير منح للتدريب فى الخارج مثلا وأن يتمكن الخريج من الالتحاق بالأعمال الدولية من خلال شهاداته وأن يكون دخله المادى كبيرًا.
 ■ ولماذا فشلت إذن فكرة فصل التعليم الفنى عن التعليم العام رغم وجودها فى كثير من دول العالم؟
- لم تفشل ولكن «نفسها كان قصير» «وياما شوفنا وزارات فى مصر انضمت ثم انفصلت مثل الاستثمار والتعاون الدولى ومثل القوى العاملة والهجرة» لكن فعلا الموضوع كان يحتاج مزيدا من الوقت وماينفعش تحكم على وزارة من خلال 6 شهور فقط.
 ■ ما مدى صحة مقولة أن خريجى التعليم الفنى لا يجدون فرص عمل مناسبة؟
- فرص العمل الفنية متوفرة ولكن مهارات خريجى التعليم الفنى غير مناسبة له.
 ■ ولماذا؟
- للإجابة عن هذا التساؤل يجب أن نفهم أولا حاجات الاقتصاد القومى وما يرتبط به من صناعات وهو المر الذى يحتاج إلى خطة عمل محكمة تربط ما بين الاحتياجات الحقيقية للصناعة والأعداد المناسبة للالتحاق بالتعليم الفني.
 ■ وكيف نربط مخرجات التعليم الفنى والمهنى باحتياجات سوق العمل الفعلية من وجهة نظرك؟
- هذا هو جوهر المشكلة.. فالصناعة طرف أساسى فى الموضوع لأننا يجب أن نكون مدركين لتنوع متطلبات الصناعة فى مصر فالميكانيكى مثلا الذى يعمل فى مرسيدس مهاراته مختلفة تماما عن الميكانيكى الذى يعمل فى بى إم دبليو.. لذا لابد من وضع نظام لتحقيق رغبات الصناعات المختلفة والجلوس مع الشركات الكبيرة لوضع تصور بشكل احترافى.
 ■ هل ترتبط تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة بالتعليم الفنى والمهني؟
- بالتأكيد فالدول الأوروبية والصين قامت أساسا على الصناعات الصغيرة والمتوسطة.
 ■ وهل هناك دور للقطاع الخاص فى التعليم الفنى والتدريب أم يقع الموضوع كله على عاتق الحكومة؟
- من خلال خبرتى الكبيرة فى العمل بالشركات عندما أخاطب القطاع الخاص لابد أن أخاطبه بلغة يفهمها وليس من منطلق واجبه الوطنى فقط.. لكن الحل المستدام هو أن الحكومة تبحث عن حلول لتحقيق مكسب للحكومة وكذلك للقطاع الخاص من عمليات التطوير وهو مايعود بالخير على خريجى هذه المدارس لذا لابد من إعطاء الحافز للقطاع الخاص لإنشاء مدارس بمصروفات ومدارس تعليم مزدوج ولك حرية فى الالتحاق بها من عدمه والمصروفات هنا نظرا لأنه يتحمل تكلفة كبيرة جدا فى إنشاء البنية التحتية لهذه المدارس وتجهيز الورش والمعدات.
 ■ لو حددنا فترة زمنية لتطوير التعليم الفنى فى مصر. كم تكون؟
- مش أقل من 7 سنوات لإعداد البنية التحتية وتأهيل المعلمين وتأهيل المدارس وتطوير المناهج وتحسين الصورة الذهنية وايجاد نوع من التحفيز ولابد حتى ننجح من وضع تطوير التعليم الفنى والمهنى كأولوية قصوى من الأولويات التى تقوم الدولة بتنفيذها.
 ■ سؤال أخير.. التعليم الفنى فى مصر إلى أين؟
- ماتم إنجازه خلال الثلاثة أعوام الماضية أشبه بمريض أعطيته جرعة مضاد حيوى حتى يتعافى لكنك أوقفت العلاج فجأة فتأزمت حالة المريض مرة أخرى وعليك أن تبدأ معه من الصفر مرة ثانية.. لذا أعتقد أن التعليم الفنى والمهنى فى مصر خلال الفترة المقبلة يحتاج إلى علاج فعال ووجود مظلة واحدة تقوم على تطويره بشكل احترافى وتوحيد الرؤى وتكاتف الجميع للخروج مما نحن فيه.

تم نسخ الرابط