خرائط دقيقة لمصر والنيل في مخطوط قديم عن جغرافيا العالم

كتب - محمد نسيم

تراث مدفون (7)

(نصوص عربية، ننفرد بنشرها)

...

المتتبع لما كتبه العرب عن مصر، منذ الفتح العربي لها، يلاحظ ثبات الملامح والسمات الأساسية لشخصية مصر، على مر العصور؛ سواء من الناحية الجغرافية أو السكانية، أو سمات الإنسان المصري، أو غيرها.

المخطوط، الذي ننفرد بنشر هذه النصوص والخرائط منه، من مقتنيات مكتبة آيا صوفيا، بتركيا، ويحمل عنوانا طويلا، وهو: (عجائب الدنيا والمدن والساكن منها والخراب وعروض المدن وصفات كل بحر خلقه الله وما يجري إلى جزائر ومدن وأقاليم وعجائب غريبة وتواريخ)..!

وواضح من عنوانه أنه في علم الجغرافيا. والمخطوط يحتوي على خرائط تفصيلية لكل أقاليم العالم المعروفة في ذلك الوقت، وهو العالم القديم كله، بقاراته الثلاث.

والمخطوط مجهول المؤلف، مجهول الناسخ، ومجهول تاريخ التأليف والنسخ. ومع ذلك فإنه يحتوي في نصه على عدة تواريخ تدل على معلومات بخصوص زمن تأليفه ونسخه.

نفهم من بعض نصوص المخطوط أنه تم تأليفه مرتين!؛ فللكتاب مؤلف أول أساسي كان يعيش في النصف الثاني من القرن الرابع الهجري، وهناك تصريح بأنه قام بتأليفه عام (400هـ)، ثم جاء مؤلف آخر استخدم المادة الأساسية للكتاب في كتابة كتاب آخر في نفس الموضوع، وأضاف إليه معلومات جديدة، ومن التواريخ المذكورة فيه ما يدل على أن هذا المؤلف الثاني كان يعيش في القرن السادس الهجري، وأنه أعاد تأليفه قبل عام (600هـ) بقليل.

أما تاريخ النسخ فإن شكل الخط يدل على أنه تم نسخ الكتاب في أواخر العصر العثماني. وفي آخر المخطوط نقرأ عبارة (نظر في هذا الكتاب أحمد بن قشتم المحمودي الناصري ملك الأمراء بالوجه القبلي والبحري).

أهم ما يلفت النظر في هذا الكتاب هو دقة الخرائط التي يحتويها، ويهمنا منها خريطتان، الأولى عن مصر وأقاليمها ومدنها وحدودها، والثانية عن النيل من منابعه الجنوبية (من جبال القمر جنوب خط الاستواء) إلى مصبه في البحر المتوسط (بحر الروم).

ومن نص المخطوط نفهم أن من قام برسم هذه الخرائط هو المؤلف الأول للكتاب (تقريبا 400هـ)، وأنه تم إعادة نسخ الخرائط مرة أو عدة مرات بعد ذلك.

من قِدَمِها ودِقَّتِها تأتي أهمية هذه الخرائط، بالإضافة إلى النص الذي ننفرد هنا بنشره.

...

نقرأ، في بداية الكلام عن إقليم مصر، ما يلي:

حدود مصر

وأما مصر، فلها حد يأخذ من بحر الروم، من الإسكندرية، حتى ينتهي إلى ظهر الواحات، ويمتد إلى بلد النوبة؛ ثم يعطف على حدود النوبة، من حد أسوان، على أرض البُحة، من قبلي أسوان، حتى ينتهي إلى بحر القلزم، ثم يمتد على بحر القلزم، ويجاوز القلزم إلى طور سيناء، ويعطف على تيه بني إسرائيل، مارا إلى بحر القلزم، ويرجع على الساحل مارا على بحر الروم، إلى الإسكندرية، ويتصل بالحد الذي قدمت ذكره من نواحي الإسكندرية.

...

ويضيف المؤلف:

وما في باطن هذه الصفحة والتي تليها صورة مصر.

...

ثم يأتي بخريطة للنيل من منابعه إلى مصبه، هكذا: