الجمعة 19 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

لماذا تفتعل أنقرة الأزمات خارجيًّا وتتجاهلها داخليًّا؟

لماذا تفتعل أنقرة
لماذا تفتعل أنقرة الأزمات خارجيًّا وتتجاهلها داخليًّا؟
كتب - مصطفى سيف

تركيا التي تواجه مشاكل في الداخل والخارج على حد الأزمات، لم تجد أزمة جديدة تختلقها إلا مع مصر، فراحت تهدد وتتوعد وكأن مصر لا تزال إحدى ولايات الخلافة العثمانية، ولم تدرك بعد أنَّ هذا التاريخ ولّى وانقضى، وبات في خبر كان، ولم تدرك أيضا ذلك التغيير الذي حدث بعد ثورة 30 يونيو، واعتلاء الرئيس السيسي سُدة الحكم.

فمشاكل تركيا في الداخل تتمثل في هروب الأثرياء الأتراك من أنقرة، وسعيهم للحصول على تأشيرة "الدخول الذهبية" التي تمنحها اليونان، خاصة في ظل الوضع السياسي المتأزم في تركيا فالكثير من الأثرياء يبحثون عن أوطان بديلة عبر شراء جنسيات دول أخرى أو من خلال الحصول على الفيزا الذهبية مقابل الاستثمار في إحدى دول الاتحاد الأوروبي.

ويكشف مسؤولون بريطانيون أن طلبات الانتقال لبريطانيا من تركيا ازدادت إلى ثلاثة أضعاف منذ العام 2016، وتقول صحيفة المونيتور الأمريكية نقلًا عن وكالة نيو وورلد ويلث العالميّة المعنيّة بالعقارات والمال والاستثمارات أن عدد الأثرياء الأتراك الذين يغادرون البلاد يشهد ارتفاعًا ملحوظًا.

تقارير غير رسمية تشير لوصول 31% من أصل مواطني المجتمع التركي لحدود معدلات خطوط الفقر و12% إلى ما دون معدلات خطوط الفقر في بعض المدن التركية، وخصوصًا المدن التي يقطنها الأكراد في شرق وجنوب شرقي تركيا ديار بكر.

وسياسيًّا باتت أغلب المنظمات المعارضة والأحزاب السياسية التركية التي تعارض الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في مأزق حقيقي بسبب افتقادها أدنى حقوقها السياسية وحقها في التعبير أيضا، وكلّ ذلك يتم بحجج واهية وهي شماعة المشاركين بـ"مسرحية الانقلاب المفتعل".

وتحاول تركيا أيضا التشديد على وسائل الإعلام المعارضة التي بدأت في الفترة الأخيرة بالكشف عن الكثير من ملفات الفساد المتعلقة بالحكومات التركية المتعاقبة والتي يقودها أو يشرف عليها منذ سنوات حزب العدالة والتنمية، والذي وصل إلى الحكم في تركيا عام 2002.

في الفترة الأخيرة؛ ازدادت المشاكل الخارجية مع هولندا، وألمانيا، والنمسا، وسحبت الأولى سفيرها من أنقرة، وتوترت العلاقات أكثر فأكثر، حتى بات دخول تركيا الاتحاد الأوروبي شبه مستحيل، وختمتها أنقرة بتصريحات استفزازية أعلن فيها وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، عن استعداد أنقرة للتنقيب في شرق المتوسط.

وتتصاعد مظاهر التوتر بين مصر وتركيا بشأن ترسيم خط الحدود البحرية في البحر المتوسط، على خلفية تصريحات وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الاثنين بشأن اتفاقية الحدود بين مصر وقبرص، في تطور قد يشعل الصراع بين مصر وتركيا.

وحذرت مصر تركيا، من المساس بحقوقها الاقتصادية في منطقة شرق البحر المتوسط بموجب اتفاقية أبرمتها مع قبرص لترسيم الحدود البحرية عام 2013 تسمح بالتنقيب عن الغاز في المنطقة.

وأكدت الخارجية المصرية في تصريحات سابقة أن جميع خطوات التنقيب عن الغاز في شرق المتوسط قانونية، كما أن اتفاقها مع قبرص يحظى بشرعية دولية، وجرى تسليم الوثائق اللازمة للأمم المتحدة.

ويبدو الموقف التركي مرتبكًا ليس لقدرة مصر السريعة على تحويل الاكتشافات إلى آبار منتجة تدر عليها مكاسب اقتصادية هائلة، وإنما لكون القاهرة نجحت أيضا في الترويج لمقاربة تعاونية عزلت تركيا وأفشلت استراتيجيتها التي كانت تبتغي توظيف مصر وتوريطها في الصراع التركي – القبرصي حول الحدود البحرية.

ويفسر ذلك نمط التطور الإيجابي متصاعد الأوجه بين مصر والعديد من البلدان الأوروبية التي تحاول بدورها تأمين مصادر متنوعة للطاقة، على نحو أفضى إلى تحول بعضها كألمانيا وفرنسا إلى مصدر رئيسي لتلبية احتياجات الجيش المصري من القطع البحرية والسفن الحربية الأكثر تقدمًا.

ويرى الخبراء في هذا الشأن أنَّ أنقرة لا تستطيع المساس بسيادة مصر في التنقيب بشرق المتوسط خاصة وأنَّ الاتفاقية الموقعة بين مصر وقبرص وُضعت في مواثيق الأمم المتحدة وحظيت باعتراف دولي وبالتالي فالاتفاقية سارية وملزمة قانونًا ولا يحق لتركيا ووزير خارجيتها أن يقول إنها غير ملزمة له أو أن ينازع في قانونيتها.

وحتى الآن بحسب بعض التقارير الأجنبية المنشورة عن خطوط الساحل التركي؛ فإن أنقرة لم تقدم أي خطوط لأساس سواحلها التي تطل على مناطق الاكتشافات؛ فضلًا عن أنه غير معترف دوليًّا باحتلالها لشمال قبرص.

وتركيا طبقًا للحدود الجغرافية والخرائط الجيولوجية والقوانين الدولية ليس لها الحق في المساس بسيادة مصر المستقرة على المناطق الاقتصادية، تم توثيقها وتحديدها سلفا باتفاقية دولية، أودعت في الأمم المتحدة طبقا للقانون الدولي، وإذا تجرأت وفعلت ذلك فمصر قادرة على الرد عسكريًّا وقانونيًّا وسياسيًّا، بحسب تقرير منشور على موقع العربية السعودية.

تم نسخ الرابط