السبت 20 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

المصداقية الغائبة عن صحف عالمية

المصداقية الغائبة
المصداقية الغائبة عن صحف عالمية
كتب - مصطفى سيف

في الأزمات ليس هناك وقوف على الحياد، هكذا تقول القاعدة.

البعض يصطاد في الماء العكر، ويحاول أن يبدو محايدًا إلا أنَّه على النقيض من ذلك تمامًا؛ سقطاتٌ قوَّضت مصداقية الكثير من وسائل الإعلام العالمية لدى المصريين بصفةٍ خاصة، بعد فبركة أخبار تضرب أمن مصر القومي.

لابد هنا الإشارة إلى أنَّ رأس المال حين دخل في الإعلام؛ هدم كل الثوابت التي كانت تسير عليها، فصار الهدف هو "الفرقعة" الإعلامية، وليس مهمًا بالتحديد إن كان ذلك سيضر علاقات دول أم لا، وهذا ما أكَّد عليه الرئيس السيسي في مؤتمرات عدة حين قال إنَّ الإعلام يكون أحيانًا كثيرة سببًا في "فساد" العلاقات بين الأشقاء.

 

 

 مراقبو الإعلام يرون أنَّ استخدام المصطلحات يلعب دورًا أساسيًّا في تشكيل الوعي الجمعي لدى القارئ حول حدثٍ بعينه؛ ولنا في ذلك أمثلة كثيرة من الصحف الأجنبية التي ترفض حتى الآن إطلاق مسمى "الإرهابيين" على جماعات كـ"داعش" وغيرها، ويصرون على نعته بـ"تنظيم الدولة الإسلامية".

 هؤلاء يشيرون إلى أنَّ تعمُّد تكرار السقطات الإعلامية يكشف عن سوء نيةٍ في نقل الأحداث من أجل تشويه صورة مصر في المحافل الدولية؛ متسائلين عن ماهية القول بأنَّ ما يحدث في سيناء هو "عنف متبادل بين الدولة ومجموعة من المعارضين.

ما بين الليبرالي والمحافظ تنقسم وسائل الإعلام خاصة الأمريكية منها، فمثلًا الليبرالي مثل نيويورك تايمز، وواشنطن بوست، وسي إن إن، وأمَّا المحافظ منها "فوكس نيوز" ومن هم على شاكلتها، وهي تلك التي دائمًا يتحدث عنها ترامب "بصورة جيّدة".

 

بي بي سي

 

 

حادث الواحات الإرهابي الذي وقع في 21 أكتوبر من العام الماضي، ربما كانت أقوي السقطات المهنية التي ضربت مصداقية القناة، حيث اعتمدت القناة الرواية المزعومة التي تقول إنَّ 55 فردًا قد قُتلوا في الحادث، وهو ما نفته السلطات المصرية.

بيان "الداخلية" ردَّ على مزاعم القناة- وإن تأخر في الإعلان عن تفاصيل الحادث- بالقول إنَّ الاشتباكات بين العناصر الإرهابية والقوات الأمنية أسفرت عن استشهاد 16 من القوات "11 ضابطًا و4 مجندين ورقيب شرطة"، كذلك إصابة 13 آخرين من بينهم 4 ضباط و9 مجندين".

على الرغم من خروج البيان الرسمي من قِبل الداخلية المصرية إلا أنَّ البي بي سي لم تتراجع عن الرقم الذي اعتمدته ولم تُغيّره، واستمرت في القول من نشرتها المذاعة على التليفزيون والراديو العربيين، نقلًا عن مصدر لم تسمه، أن عدد "القتلى" من الشرطة المصرية يصل لما يزيد على الخمسين فردًا.

حادثٌ آخر؛ وهو التقرير الذي بثّته القناة باللغة الإنجليزية يومي 24 و25 فبراير الماضى، متضمنًا تجاوزات مهنية وادعاءات ومزاعم بشأن ما قيل إنه تعذيب لمعارضين في مصر، وحالات اختفاء قسرى مزعومة، كانت من بينها حالة الفتاة "زبيدة إبراهيم" التي ظهرت بعد ذلك في لقاء بإحدى القنوات التليفزيونية المصرية، نفت فيه كل ما جاء بتقرير الـ"بي بي سي" من تعرضها للتعذيب أو الاختفاء القسرى.

 

نيويورك تايمز

 

 

 

ربما تختلف صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية قليلًا عن "بي بي سي" البريطانية؛ إلا أنَّها تقف في نفس الخندق، لكن من خلال اللعب على المصطلحات خاصة فيما يتعلق بالحرب الدائرة في سيناء ضد جماعات الإرهابية هناك.

في صحيفة "نيويورك تايمز" وصفت الإرهابيين الذين استهدفوا المسجد بـ"المسلحين"، في مقال للصحيفة تحت عنوان: "من هم الصوفيون ولماذا يكرههم المتطرفون في مصر؟"، الأمر الذي يوحي بأن مصر لم تواجه حربًا إرهابية ضروسة ضد تنظيم يدعمه ويموله أطراف أجنبية، تعليقًا على حادث مسجد الروضة الإرهابي بمنطقة بئر العبد في شمال سيناء.

 

واشنطن بوست

 

 

"حرام على كوريا الشمالية حلالٌ على الولايات المتحدة الأمريكية"؛ من الممكن اعتماد هذه الجملة على فكرة سياسة الكيل بمكيالين في صحيفة واشنطن بوست حيث أظهرت الصحيفة في افتتاحيتها ميلًا للقتال حضت فيها على الرد بحزم ضد كوريا الشمالية، خاصة أنَّه بالمقارنة بين ما كُتب وبين نفس الأسلوب أثناء الحرب على العراق تجد أنَّه نفس المنطق.

وبعد الغزو والفشل في العثور على أية أسلحة دمار شامل قال فريد هيات، محرر صفحة الافتتاحية في واشنطن بوست، خلال مقابلة صحفية عام 2004: "إذا راجعتم الافتتاحيات التي كتبناها خلال الفترة الممهدة (للحرب)، ترون أننا قد عرضنا كواقع مؤكد أنه (صدام حسين) يملك أسلحة دمار شامل، وإذا لم يكن ذلك صحيحًا، فقد كان من الأفضل ألا يقال".

الغرض مرض

 

 

بعد عرض هذه الوقائع اتضح فكرة سياسة الكيل بمكيالين؛ التي تضرب مصداقية هذه الصحف، خاصة أنّ العرض هنا لن يتسع لكل شيء وهذه مقتطفات صغيرة من سياسة الانتقاء والاختيار على الهوى وليس على المهنية والمصداقية.

تأثير هذه المصطلحات على المتلقي الأمريكي والأوروبي سيكون سيئًا للغاية إذا لم يكن هناك دور للإعلام المصري، في المقابل أيضا بجانب الهيئة العامة للاستعلامات للرد على هذه المقالات، فالرأي العام الخارجي لا يتغير إلا بلقاء المصريين أو زيارة القاهرة.

تم نسخ الرابط