السبت 20 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

الأقليات و"نجاد".. يؤرقان النظام الإيراني

الأقليات ونجاد..
الأقليات و"نجاد".. يؤرقان النظام الإيراني
كتب - مصطفى سيف

حملة الاعتقالات التي ينفذها النظام الإيراني الحالي ضد مساعدي النظام الإيراني السابق تكشف عن القلق الذي يعيشه نظام حسن روحاني من إمكانية تحريك الشارع الإيراني مرة أخرى بعد أن هدأت الأوضاع في إيران قليلًا، خاصة أنَّ الأقليات و"نجاد" ما زالا يؤرقان النظام الإيراني الحالي.

ولن ينسى النظام الإيراني الحالي بقيادة الرئيس المحافظ، حسن روحاني، أنَّ الاحتجاجات التي اندلعت مؤخرًا في عدد من المدن الإيرانية هي بفعل تحريك الأقليات، حيث إنها خرجت من مدينة مشهد الإيرانية والتي تضم أغلبية من التركمان، يستدعي أيضًا لفت الانتباه إليهم خاصة وأنَّهم عانوا كثيرًا من الاضطهاد والتهميش والتمييز.

محمود أحمدي نجاد

في البداية كانت مظاهرة صغيرة ضد ارتفاع الأسعار وتفّشي البطالة، إلا أنَّها سرعان ما انتشرت كالنار في الهشيم وتحوّلت إلى احتجاجات تجوب البلاد من شرقها لغربها، ومن شمالها لجنوبها، وتحوّلت لمطالب أخرى وهي إسقاط رأس النظام، وطالت المرشد الإيراني، والرئيس حسن روحاني.

النظام الإيراني اتهم مرارًا وتكرارًا الرئيس الإيراني السابق، محمود أحمدي نجاد، ومساعديه بتحريك الاحتجاجات في عدد من المدن الإيرانية، ووصل الأمر إلى أنَّ بعض المواقع الأجنبية كانت قد نشرت أنَّ نظام "روحاني" اعتقل الرئيس السابق لتحريكه الاحتجاجات في المدينة التي يعيش بها.

وتشتمل الأقليات العرقية في إيران باستثناء الفرس، أذريون ويبلغ عددهم 24 مليون نسمة، وعرب ويبلغ عددهم 3 مليون نسمة، اللور 3 مليون نسمة، الأكراد 8 مليون نسمة، البلوش 3 مليون نسمة، أمَّا الأقليات الأخرى كالمازندارنيين، والتركمانيين، لا يمثلون سوى 1% من إجمالي سكان إيران البالغ عددهم 82 مليون نسمة، وهو ما يكشف أنَّ الأقليات تمثل ما يقرب من نصف سكانها.

المدعي العام الإيراني، عباس جعفري دولت آبادي، أعلن في وقت سابق اعتقال إسفنديار رحيم مشائي، كبير مساعدي وصهر "نجاد" لاتهامه بإهانة السلطة القضائية وإحراق الحكم الصادر بحق أحد المدانين، ويأتي ذلك بعد الحكم على "حميد بقائي" مساعد نجاد بالسجن 15 عامًا؛ لإدانته بالاختلاس، الثلاثاء الماضي.

وفي يونيو 2017 أصدرت محكمة إيرانية حكمًا بالسجن ثلاث سنوات على عبد الرضا داوري، المستشار الإعلامي لـ"نجاد"؛ بسبب تعليقات كتبها متابعون مجهولون على تدوينات نشرها عبر حسابه على موقع "فيسبوك"، الأمر الذي رآه البعض بمثابة رسالة تهديد إلى "نجاد".

ولم يتوقف الرئيس الإيراني السابق عن توجيه الانتقادات اللاذعة لروحاني ونظامه، خاصة بعد أنْ رفض المرشد الإيراني السماح له بالترشح للرئاسة مرة أخرى بزعم "عدم أهليته للانتخابات الرئاسية"، ووصل الأمر إلى اتهام "نجاد" لـ"روحاني" باختلاس 190 مليار دولار من ثروات الشعب.

موقع "دولت بهار" المقرب من أحمدي نجاد نشر رسالتين مطولتين منه موجهتين إلى خامنئي ينتقد خلالهما استحواذ مؤسسات المرشد على حوالي 190 مليار دولار أميركي بطرق غير مشروعة لا تخضع لأية رقابة مالية، مشيرًا في رسالته إلى أنَّ الاستياء الشعبي العام من أداء النظام شديد وخطير ويتسع بسرعة، متسائلًا: "كيف يمكن أن نسكت عندما نرى تعرض الناس والشباب للظلم والقمع من قبل الأجهزة القضائية والأمنية لمجرد الانتقاد أو الاحتجاج؟".

الاعتقالات المتزايدة في صفوف النظام الإيراني السابق دفعت أنصار "نجاد" لاتهام رئيس السلطة القضائية الإيرانية، آية الله صادق آملي لاريجاني، بالسرقة والفساد ونهب المال العام، واصفين إياه بـ"الظالم" و"المنحرف"، إلا أنَّ أحمدي نجاد صعّد من وتيرة هجومه على النظام مطالبًا إياه بإجراء انتخابات مبكرة، وإقالة "لاريجاني".

الأقليات

وبما أنَّ إيران تعتبر نفسها دولة "الشيعة" في العالم فإنها تتعامل مع الأقليات ومسلمي السُنّة بصفة خاصة بطريقة اضطهاد غير طبيعية، حتى أنَّ "هيومان رايتس ووتش" في تقارير لها كثيرة نددت بذلك الاضطهاد، مشيرة إلى أنَّ "طائفة البلوش تعاني، وهم أقلية أغلب أفرادها من السنة ويعيشون في إقليمي سيستان وبلوشستان الواقعين على حدود البلاد".

وبحسب المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية فإن "تعامل الملالي مع الأقليات العرقية، العرب والبلوش والاكراد والاذريين  هو الذي أدى إلى تفجُّر الأرض من تحت أقدامهم في الاحتجاجات الأخيرة"، لأنَّ "الدستور ينص على حرمان هذه الأقليات من حقوقها الاجتماعية والسياسية ويمنع عليها حرية الاحتجاج والتعبير".

وتزعم إيران، بحسب دستورها، أنَّ الدولة قائمة على نظام المواطنة، وفي الوقت ذاته لا تتورع عن ممارسة التمييز ضد مواطني الأقليات في صور شتى ما بين استبعادهم من تولي المناصب الرفيعة في الدولة، وهو تمييز محمي من قبل الدستور الإيراني الذي يحتوي على مواد عنصرية.

أمَّا الحقوق الثقافية؛ فإيران تبدو أنَّها لا تتعلم من أخطاء الماضي حين اندلعت مظاهرات واحتجاجات في 2015، حيث استمرت في منع بناء أي مسجد للسنة بالعاصمة طهران رغم وجود كنائس ومعابد يهودية وحتى أماكن عبادة لأتباع الديانات الوثنية كالزرادشتية.

وفي هذا السياق؛ يقول د.كريم عبديان بني سعيد، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمؤتمر شعوب إيران الفدرالية وممثل حزب التضامن الديمقراطي الأهوازي، خلال لقاء في أكتوبر الماضي مع أعضاء من الكونجرس: "التمييز واضح في عدم تمثيل أبناء القوميات غير الفارسية والأقليات الدينية في مناصب حكومية عليا حتى على مستوى محافظاتهم وليس الحكومة المركزية فحسب".

وتابع "عبديان": "التغيرات التي تشهدها المنطقة تلقي بتأثيراتها على إيران وعلى حراك الشعوب والأقليات المضطهدة التي تعاني منذ عقود من نظام شديد المركزية يهمش الأقاليم بشكل تام".

وشدد "عبديان" على أن القوميات في إيران لا يمكن أن تحصل على حقوق متساوية مادام هناك نظام ثيوقراطي يتخذ من القومية الفارسية والمذهب الشيعي عنصرين أساسيين لإدارة الدولة لأنها أدت إلى تكريس الإقصاء ضد نصف المواطنين على أساس عرقي وديني وطائفي.

وبحسب منظمات حقوقية مهتمة بالأقليات حول العالم فإن عدد الإعدامات القضائية التي نُفذت في المناطق الكردية والبلوشستانية يتخطى الحد المتوسط من ذلك الذي يشهده وسط إيران؛ إلا أنَّ وتيرتها "غير المتناسبة" تشير إلى أن السلطات ربما تلجأ إليها من أجل قمع الأقليات.

وبحسب دراسة لمعهد واشنطن للأبحاث فإن الاحتجاجات الإيرانية الأخيرة مثَّلت احتجاجًا عرقيًا كان غائبًا خلال انتفاضة عام 2009، حيث تشتعل الانتفاضة في المحافظات الحدودية التي تعاني تهميشًا متكررا من النظام.

 

 

تم نسخ الرابط