السبت 20 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

تاريخ الاغتيالات للجماعة "الإرهابية".. من "ماهر" إلى "بركات"

تاريخ الاغتيالات
تاريخ الاغتيالات للجماعة "الإرهابية".. من "ماهر" إلى "بركات"
كتب - مصطفى سيف

تاريخٌ ظاهره الإسلام وباطنه الإرهاب، فالإسلام من أفكار وأفعال هذه الجماعة الإرهابية، التي ترفع شعار "الإخوان المسلمين" بريء، رغم كل ما تزعم في لائحتها التأسيسية من أن أساس عملها هو "الدعوة".

ربما لم يتلفت البعض إلى أنَّ شعار الجماعة في بادئ الأمر لم يكن يحمل أي شيء في طيّاته سوى سيفين متقاطعين، بزعم أنَّ هذين السيفين هما "القوة ورباط الخيل" في نشر "الإسلام"، وتناسوا أنَّ هذا الإسلام لم يكن يعرفهم ولم يكن دعوة رسول الله قائمة على هذا.

 

البيعة على السمع والطاعة "نظرية القطيع"

كان يعلم حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان "الإرهابية"، أن بعض ممن يؤيدونه، ربما يعيد التفكير في دور هذه الجماعة، وأهدافها، لذلك ابتدع فكرة "البيعة" لنفسه في المقام الأول والتي تعتمد على السمع والطاعة "العمياء".

عن البيعة؛ يقول د. ثروت الخرباوي، في كتابه سر المعبد، الذي يتناول تنظيم الإخوان داخليًّا، إنَّ البيعة كانت تتم في منزل معين، وكان آخذ البيعة يجلس خلف ستار، وفي جو قريب إلى الظلام، ثم يبدأ بالحديث عن الجماعة وأهدافها وتاريخها.

ويضيف "الخرباوي" في كتابه: "ثم يتم إحضار مسدس ومصحف وتتلاقى الأيدي على المسدس والمصحف، ويتم القسم وهي بيعة لله على السمع والطاعة للجماعة وقادتها، ثم بعد ذلك يتم التدريب على فك أجزاء المسدس وتركيبه وصيانته وكيفية استعماله".

أمَّا والد حسن البنا، الساعاتي عبد الرحمن البنا، الذي كتب في مجلة النذير (التي كانت تصدر عن الجماعة) في أول محرم 1357 ه مقالًا بعنوان "استعدوا أيها الجنود" كتب يقول: "استعدوا يا جنود، وليأخذ كل منكم أهبته، ويعد سلاحه، فكثير من أبناء هذا الشعب في آذانهم وقر، وفي عيونهم عمي".

 

30 يونيو تُغيِّر مسار "الإرهابية"

مع مرور تسعين عامًا على تأسيس الجماعة الإرهابية، حين أعلن عنها في 22 مارس 1928، بات واضحًا للجميع بدء أفولها، وزوالها، في أعقاب الضربة القوية التي وجهها الشعب المصري والدولة لهذه الجماعة، بعد أن ثار الشعب ضد حكمها القائم على الفاشية "الدينية"، وهي الثورة التي ساندها الجيش بقيادة وزير الدفاع عبدالفتاح السيسي - وقتها- بعزل المتهم "محمد مرسي"، الذي يحاكم في عدة قضايا من التخابر والإضرار بالأمن القومي لمصر.

بعد 30 يونيو بدأ الحديث عن اقتراب نهاية الجماعة، والذي بد أنَّه محل إجماع من كثير من المراقبين المختصون بالإسلام السياسي بسبب ما تتعرض له الجماعة التسعينية حاليًّا من ضربات أمنية متتالية ودعاوى قضائية تتهمها بارتكاب الكثير من أعمال العنف والإرهاب.

ويرى هؤلاء المراقبون أنَّ التنظيم كالكائن البشري حين يستكمل دورته الحياتية ينطلق إلى نهايته المحتومة وهي الزوال، بسبب ما أسموه "أخطاءً استراتيجية وأهدافًا كانت تسعى إليها الجماعة لم تتحقق".

لكن تبقى الاغتيالات هي العنصر الرئيس طوال التسعين عامًا منذ تأسيسها إلى الآن، بداية من أحمد بك الخازندار إلى المستشار هشام بركات، وهو ما يكشف أنَّ الوهم الذي كان يهيم به أعضاء الجماعة وهو "الدفاع عن الإسلام" ليس إلا غطاء يحاولون من خلال إيهام المنضمين إليهم بأنّ المغتالين ما هم إلا "كُفار".

اغتيال أحمد ماهر

في بهو البرلمان المصري كان يحاول إقناع أعضاء المجلس بضرورة دخول مصر إلى جانب إنجلترا في الحرب العالمية الثانية، معددًا بذلك الفوائد التي قد يجنيها الجيش المصري من دخوله الحرب، خاصّة أنَّ الجيش المصري لم يكن قد دخل في حربٍ خارج البلاد أو داخلها منذ عهد محمد علي باشا.

أحمد ماهر باشا، رئيس الوزراء المصري، في فترة الحرب العالمية الثانية، عُقدت الجلسة الشهيرة في 24 فبراير 1945، لم تسفر هذه الجلسة عن أي شيء سوى ارتفاع حدة المعارضة بين مؤيد للمحور ومساند للحلفاء، لذلك اضطر "ماهر" لعقد جلسة سرية.

بعد الجلسة السرية اقتنع مجلس النواب بصحة رأي رئيس الوزراء في ذلك الوقت، وحصل بالفعل على تأييد شبه جماعي لإعلان الحرب على دول المحور، خاصة أنَّ الحرب شارفت على الانتهاء وبدا أن دول المحور "مهزومة" لا محالة، فهذه إضافة لمصر في حال دخولها إلى حلف "الحلفاء".

توضح المصادر التي تحدثت عن الواقعة أنَّ المسافة بين مجلس الشيوخ آنذاك، ومجلس النواب قريبة جدًا، فترجّل رئيس الوزراء لـ"الشيوخ" لإقناعه بأسانيده وحججه، وأثناء مروره بالبهو الفرعوني أطلق شاب عُرف بعد ذلك اسمه النار عليه، فخرّ قتيلًا على الفور.

ادّعى الشاب انتماءه للحزب الوطني، المعارض في ذلك الوقت، لكّن النيابة استدعت عدد من قيادات الجماعة الإرهابية في ذلك الوقت وعلى رأسهم حسن البنا، الذين بدورهم نفوا أي علاقةٍ لهم بينهم وبين الشاب الذي أطلق النار على رئيس الوزراء.

الشاب هو محمود عيسوي، الذي نفت جماعة "الاغتيالات" أي علاقة تربطها بالشاب "الذي تشير المصادر أيضا إلى أنَّه كان على مستوى عالٍ من التعليم، حيث كان حاصلًا على دبلوم القانون الخاص عام 1940، ودبلوم القانون العام بتفوق عام 1941" حسبما جاء في كتاب "نضال شعب مصر".

كتاب الشيخ أحمد حسن الباقوري "بقايا ذكريات" كذّب ادعاءات الجماعة بأنَّها ليس بينها وبين "العيسوي" أية علاقة، وكتب يقول: "العيسوي كان ينتمي للنظام الخاص والذي كان أعضاؤه مجهولين إلا لقلة قليلة من قادته"، وكُتبت شهادات كثيرة في ذلك الأمر تؤكد علاقة "العيسوي" بـ"الجماعة".

 

تفجيرات سينما مترو

"ربنا يريّحنا من الخازندار وأمثاله"، بهذه الكلمات التي تفوّه بها مرشد الجماعة الإرهابية، في ذلك الوقت، حسن البنا، اعتبرها أعضاء التنظيم الخاص للجماعة بمثابة ضوء أخضر لاغتيال القاضي أحمد بك الخازندار، الذي كان ينظر قضايا أخرى متهم فيها بعض أعضاء الجماعة.

الدكتور عبد العزيز كامل، وزير الأوقاف المصري السابق، في مذكراته قال إن حادث اغتيال "الخازندار" كان بسبب مواقفه المتعسفة في قضايا سابقة أُدين فيها بعض شباب "الإرهابية" لاعتدائهم على جنود بريطانيين في الإسكندرية وصدر الحكم بالأشغال الشاقة المؤبدة.

القضية هي قضية "تفجيرات سينما مترو"، ويرجع البعض اغتياله إلى هذه القضية، ولكن ذكريات "الخازندار" مع الجماعة وأعضائها كانت تلقي بظلالها أيضا على اغتياله.

كان ذلك في صباح يوم 22 مارس 1948، خرج من منزله ليتابع عمله، لكنه لم يستطع أن يستقل القطار من المنطقة التي يقطن بها (حلوان) متجهًا إلى القاهرة- بحسب ما تحكي المصادر- لمقر المحكمة، وكان يحمل أوراق القضية التي كانت تشغل الرأي العام في ذلك الوقت.

خرج من باب منزله ثم فوجئ بوابل من الرصاص يأتيه من حيث لا يدري ولا يحتسب، كان مطلقيهما (حسن عبد الحافظ ومحمود زينهم) من مسدسين يحملانهما، أُصيب بتسع رصاصات غدرٍ سكنت أغلبها جسده، ففارق الحياة على الفور.

في قسم الشرطة عُثر بحوزتهما على أوراق تثبت انتماءهما للجماعة، استدعت النيابة حسن البنا، أنكر معرفته بهم تمامًا؛ لكن النيابة استطاعت إثبات أن حسن عبد الحافظ هو "السكرتير الخاص" للمرشد، وهنا اعترف البنا بمعرفته للمتهم إلا أنه نفى علمه بنية المتهمين اغتيال القاضي الخازندار.

اغتيال النقراشي

لأول مرة في التاريخ يُصدر رئيس الوزراء المصري ووزير الداخلية آنذاك، وكان محمود باشا النقراشي، عقب اغتيال أحمد باشا ماهر، قرارًا بحل "جمعية" الإخوان الإرهابية، بسبب تبنيها أعمال العنف، والتحريض والعمل ضد أمن الدولة.

"ويكي إخوان"، هو الموقع الرسمي للجماعة الذي يحكي تاريخها، بالرجوع إليه في هذه القضية جاء فيه أنَّ "أعضاء الجماعة المشاركين في حرب 48 اعتبروا قرار النقراشي وقتها قرارًا خائنًا أصدرته جهات خائنة"، لذلك- حسب معتقداتهم- يستحق القتل وليس الحياة.

"أيوه قتلته واعترف بكده"، بهذه الكلمات تفوَّه عبد المجيد حسن، الطالب الإخواني في كلية الطب البيطري، الذي تنكّر في زي ضابط شرطة لاغتيال النقراشي على باب مبنى وزارة الداخلية، حين سأله المحقق: لماذا قتلت النقراشي؟

وبحسب المصادر التي تحدّثت عن الواقعة فإن "حسن" استمر في القول: "أيوه قتلته واعترف بكده لأنه أصدر قرارًا بحل جمعية الإخوان "الإرهابية" وهي جمعية دينية ومن يحلها يهدم الدين، قتلته لأنني أتزعم شعبة الإخوان منذ كنت تلميذًا في مدرسة فؤاد الأول الثانوية".

خرج سريعًا بيان كتبه مرشد الجماعة في ذلك الوقت وحمل عنوان ليسوا إخوانًا وليسوا مسلمين وكُتِب بالخط العريض على صدر الصفحة الأولى للجماعة في ذلك الوقت قال فيه: "إن الذين فعلوا هذا ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين ولا يستحقون شرف المواطنة المصرية".

اغتيال النائب العام

لعل الجميع يتذكر كلمات القيادي في جماعة "الاغتيالات" محمد البلتاجي، وهو يصيح بأعلى صوته أمام إحدى الكاميرات، ردا على تحركات الدولة في أعقاب "30 يونيو": "لكن هذا الذي يحدث في سيناء (يقصد إرهاب داعش).

البلتاجي تحدّث فأوجز فلخّص الوضع ولا يحتاج إلى تعليق آخر، وهذا الحديث ينضم إلى جملة من الأحاديث والاعترافات التي خرجت من المنشقين عن الجماعة وكيفية استهدافها لأشخاص ذات ثقل في الدولة لأنها فقط تردهم إلى أصلهم وأنّهم ليسوا من الإسلام في شيء.

كان ذلك في 29 يونيو 2015، حين استيقظ حي النزهة على صوت دوي انفجار كبير، سمع صوته القاصي والداني، وهزّ المنازل وأرجاء الحي الراقي، وكان ذلك حادثة اغتيال المستشار هشام بركات، النائب العام المصري في ذلك الوقت، عن طريق سيارة ملغومة.

وقعت الحادثة أثناء تحرك موكبه من منزله بمنطقة مصر الجديدة إلى مقر عمله بدار القضاء العالي في وسط القاهرة، أصيب النائب العام جراءها بنزيف داخلي وشظايا، نُقل إلى مستشفى النزهة الدولي، وأُجريت له عملية جراحية دقيقة، إلا أنَّ القدر كان قد أصدر كلمته ففارق الحياة.

تم نسخ الرابط