السبت 20 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

بطولات الأجداد يواصلها الأحفاد.. سر زيارة السادات للقوات في التل الكبير بالأفرول

بطولات الأجداد يواصلها
بطولات الأجداد يواصلها الأحفاد.. سر زيارة السادات للقوات في
المنوفية - منال حسين

"حزن، اكتئاب، كسرة، فقدان أمل" علامات غطت وجوه المصريين عقب نكسة 1967، شعب ظل طيلة 6 سنوات حبيس مشاعر الهزيمة أمام ساتر ترابي عرف بـ”خط برليف“، حتى ظن معظمهم استحالة النصر وعودة قطعة غالية من الأرض "سيناء الحبيبة"، اقتطعت البوابة الشرقية من الدولة المصرية بغفلة من الزمن ومؤامرة دولية ثلاثية.

في لحظة ما استسلم الشعب المصري آنذاك لمشاعر الفقدان خاصة أن جميع الأخبار الواردة من الجبهة جميعها توحي بالتراخي والاستسلام، لم يعلموا أن هناك أبطالا تحدوا الظروف، وضعوا دماءهم ثمن استرجاع الأرض، خططوا بحنكة وذكاء لمباغتة العدو الصهيوني.

الأبطال على الجبهة الغربية لم يلتفتوا لاتهامات الشعب المصري بالتراخي والاستسلام والضعف، كيف يلتفتون لهم وهي جزء أصيل من خطة الخداع الاستراتيجي التي وضعها الثعلب المصري الرئيس محمد أنور السادات.

من ضمن المجندين بصفوف القوات المسلحة آنذاك ”محمد عبدالفتاح محمود يونس“ ابن مركز الباجور بمحافظة المنوفية، سلاح المشاة، يروي لـ”بوابة روزاليوسف“ تفاصيل أجمل لحظات مرت عليه وعلى جميع قوات الجيش المصري، كيف تحملوا مشقات اتهامات المصريين، وحزنهم اعتقادًا منهم بتخاذل القوات والاستسلام لضياع جزء غال من الوطن.

 

يقول الجندي مجند محمد عبدالفتاح: إن قوات الجيش المصري ”ضباط ومجندين ومهندسين“ جميعنا كنا على يقين تام بالنصر، نرى الهزيمة في عيون المصريين فتحيي بداخلنا النصر المبين، تواعدنا جميعًا على النصر أو الشهادة، لابديل عنها، سمعنا كثيرًا عن خط بارليف كونه هو السبيل الوحيد للنصر ولذلك فهو أصعب مراحل القتال، فكان الجميع داخل الكتيبة يفكر كيف يتم تدمير هذا الساتر الترابي الحائل بيننا وبين قطعة من القلب "سيناء".

ويتابع محمد أن مركز التدريب كان بمنطقة وادي حوف وفي عام 1969 جاءتنا أوامر بالانتقال إلى منطقة التل الكبير للتدريب على تدمير خط بارليف، بعد ورود معلومات عن اكتشاف المهندس ضابط” باقي زكي يوسف“ والذي يعمل بمنطقة السد العالي، لم تسع الفرحة قلوبنا، وانتقلنا مع سلاح المهندسين وبدأنا التدريب على استخدام مضخات وشفط المياه لاحداث ثغرات بالساتر الرملي، مضيفًا أن التدريب كان على ماكينة «كوفر» الأمريكية، و«إم600» الروسية.

وأضاف عبدالفتاح أنه في يوم من الأيام جاء قائد الكتيبة حاملًا تعليمات مشددة واردة من القيادة بالتزام السرية التامة وإلا سيتعرض الجميع لعقوبات قاسية، مشيرًا إلى أن الجميع وكأنه أصم وأبكم، ليس خوفًا من فرض العقوبات ولكن حبًا واشتياقًا لتحرير سيناء وتلقين العدو الجزاء المناسب.

كانت التدريبات تتم بحماس شديد وجدية وكأنها حرب حقيقية على أرض الواقع، كان الجميع يعلم أن الحرب آتية لا محالة وتحرير الأرض سيكون في أقرب وقت، مر عام واثنان والتدريبات بنفس الجدية نعلم بالحرب ولكن لا نعلم ميعادها، لم يتسرب الاحباط ولا اليأس لنفوس القوات، حتى جاءت زيارة الرئيس محمد أنور السادات بالأفرول وعليه كمية من التراب وكأنه أتى من تدريبات عنيفة، هذه الزيارة كانت لها مفعول السحر لدي الجنود والضباط، وكأنها ردت الروح بداخل الجميع لتخبرهم بأن النصر قد اقترب وخاصة بعد مقولة الرئيس الشهيرة للقوات« أنتم اللي هترجعوا الأرض مش حد تاني.

 

 

قبل أسبوع من الحرب تم استدعائي مع الجنود من إجازتنا فجأة فعلمنا بأن ساعة الصفر أقرب مما نتخيل، ودعت زوجتي ووالدي وأخوتي، تركت لهم ورقة بداخلها« ذهبت وسأعود بسيناء كاملة لنثبت لكم أننا لم نفرط أو نقصر أونترك أرضنا مستباحة لليهود، الدماء في سبيل الوطن شرف، ادعوا لشهدائنا» وأوصيت عدم فتحها إلا بعد عودتي إليهم فقد كنت على يقين وقتها إني سأعود محملًا على الأعناق إما شهيد في سبيل الله والوطن، أو منتصر.

ذهبت للجبهة ورأيت الحماس قد دب بداخل نفوس الجميع في انتظار إصدار الأوامر، في صباح 6 أكتوبر 1973 جاءت الأوامر بالتحرك ناحية الجبهة الشرقية من القنال، حملنا المعدات، ووصلت حشود القوات للضفة الغربية عند المعدية 6 في انتظار إنشاء الكباري العائمة التي صممها سلاح المهندسين والتي لم تستغرق الـ13 دقيقة، تعلو أصوات الطائرات فوقنا والمدفعية من خلفنا، إحساس بالنصر قبل بدء المعركة، والله أكبر تهز القلوب قبل الأذان، والدموع في العيون تكاد تملئ قناة السويس.

 استقللنا القوارب وبدأنا التجديف في المياه، أمامنا خط بارليف العنيد يقترب، وبجواري الجنود يكادون يطيرون إلى الجبهة الشرقية ليمسكوا بخرطوم المياه وينسفوا الساتر الترابي، لم نكترث أو نخاف من صوت المدفعية، فقد أخذنا العهد «النصر أو الشهادة»، فالتراب غالي.

وصلنا إلى بارليف وبدأت ملحمة النصر التي لم تستغرق 60 دقيقة، نجحنا في مهمتنا وعدنا للثكنات في انتظار انتهاء الملحمة بالنصر متابعين المعركة لحظة بلحظة، ودعاؤنا لاخواتنا الأبطال بالنصر والعودة بسيناء إلى حضن الوطن.

ويستكمل عبدالفتاح أن حكاوي نصر أكتوبر المجيد لا تنتهي، نحكيها ونعيدها على شبابنا ليتعلموا معنى النضال والرجولة الحقيقية الممثلة في الجيش المصري، مضيفًا أنه بعد أكثر من 40 عامًا كادت تضيع سيناء من جديد على يد الجماعات الإرهابية، لافتًا إلى أن الحرب لم تنته بعد، متمنيًا لأبطال العملية الشاملة 2018 بالنصر القريب وتطهير سيناء من جديد، منوهًا لمقولة الرئيس عبدالفتاح السيسي «مش هنسيب سيناء لحد» والتي أعادت للأذهان مقولة السادات « أنتم اللي هترجعوا الأرض مش حد تاني».

وأرسل عبدالفتاح رسالة لأمهات الشهداء، قائلًا ربط الله على قلوبكن، فالشهادة شئ عظيم يتمنى كل من ينتمي للجيش المصري أن ينالها، مضيفًا أن رجال القوات المسلحة الآن يستكملون ما بدأناه في حربنا المجيدة في 1973لعودة سيناء الحبيبة لقلب الوطن.

 

 
 
تم نسخ الرابط