السبت 20 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

"جولن" : لمصر مكانة خاصة في العالم.. وأحداث 15 يوليو بتركيا مسرحية صنعها أردوغان

جولن : لمصر مكانة
"جولن" : لمصر مكانة خاصة في العالم.. وأحداث 15 يوليو بتركيا

أكد فتح الله جولن مؤسس حركة (خدمة) في تركيا والعالم أن لمصر مكانة خاصة في عالم المسلمين، وأنها مهد لحضارات عريقة، مشيرًا إلى أنه في العهد الإسلامي، منحت مصر الإنسانية علماء يشار إليهم بالبنان، وأسست مجمعات ومراكز علمية على مستوى العالم، كما أن لمصر موقعها الخاص ومكانتها المعروفة في الشرق الأوسط، وأن السلام الداخلي لمصر واستقرارها الأمني والاقتصادي بالغ الأهمية لأمن واستقرار المنطقة.

وقال جولن - في حوار مع مجلة (الأهرام العربي) يُنشر بعد غدٍ السبت - إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يحاول بكل ما يملك تقويض الدولة المصرية لأنه يرى نفسه زعيم العالم الإسلامي، ويريد أن يظهر ذلك للعالم، ويحاول أن يؤثر على شعوب البلدان الإسلامية بطرق شتى، وعندما يجد من بعض الدول رفضًا وممانعة، ويرى أنها لا تسمح له بالتدخل في شئونها الداخلية، يأخذ منها موقفًا عدائيًا.

ومن جهة أخرى، وصف جولن ما حدث في 15 يوليو 2016 في تركيا بمثابة مسرحية شارك أردوغان بنفسه في كتابة السيناريو لها بهدف السيطرة والبقاء في الحكم أطول فترة، معتبرًا أن الهدف من الانتخابات التركية التي ستُجرى يوم الأحد المقبل هو شرعنة بقاء أردوغان في الحكم، ربما لما بعد عام 2029.

وأضاف أن أردوغان سعى ليكون زعيم المسلمين في العالم عن طريق التدخل في شئون الدول الأخرى، متسلحًا بالجماعات الإرهابية، ومنها (داعش) التي وجدت المناخ المناسب لها في عهد حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، الأمر الذي تسبب في خلاف مع حركة (خدمة) التي رفضت تسييس أردوغان للدين.

وتابع جولن أن أردوغان حوَّل تركيا من دولة "صفر عداء" إلى "صفر أصدقاء"، وأن زعيم حزب العدالة والتنمية لم يكن يومًا تلميذًا في حركته، منوهًا بأن الحزب الحاكم في تركيا أقحم السياسة في المدارس الدينية، وجعل الدين والتعليم الديني أداة للوصول إلى أغراضه السياسية، لافتًا النظر إلى أن تقديم الإسلام للناس باعتباره أيديولوجية سياسية واستخدامه أداة لتحقيق أغراض سياسية أكبر خيانة يمكن أن تُرتكب في حق الإسلام.

ورفض جولن كل الأعمال الإرهابية، قائلًا: "لا يمكن لمسلم حقيقي أن يكون إرهابيًا، ولا يمكن لإرهابي أن يكون مسلمًا حقيقيًا".

وتعليقًا على ما يطلقه عليه البعض أنه (أبو الإسلام الاجتماعي)، قال جولن: "أنا لا أرى نفسي أبًا ولا رائدًا بأي شيء، أنا إنسان بسيط لم أر نفسي أفضل من أي مسلم عادي قط، فإن تقبلني الله عبدًا بسيطًا، فذلك أكبر سعادة لي، ولست أدري ما المقصود بالإسلام الاجتماعي، نحن كمسلمين نحاول أن نمارس قيمنا الدينية بدقة وعناية على المستوى الفردي، وفي المقابل نؤمن بأنه من حق الجميع على المستوى المجتمعي أن يتبنى ويمارس بحرية نمط الحياة الذي اختاره لنفسه بمحض إرادته، شريطة ألا يتجاوز حقوق الآخرين وحرياتهم، هذا هو المبدأ الذي نتبناه".

وردًا على سؤال لمجلة (الأهرام العربي) حول انتهاء عصر الاعتدال والوسطية بهيمنة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على الحكم، قال فتح الله جولن مؤسس حركة (خدمة) في تركيا والعالم: "للأسف، لقد تم نحر تلك القيم كلها على مذبح السياسة في تركيا اليوم، كانت حركة (خدمة) تمثل الوسطية والاتزان في تركيا، ولكن مع السياسات الاستقطابية التي انتهجها أردوغان في الفترة الأخيرة، برز العنف والتطرف على الساحة، لقد أقحموا السياسة في المدارس الدينية، وجعلوا الدين والتعليم الديني أداة للوصول إلى أغراضهم السياسية، لقد حولوا أفراد المجتمع أعداءً إلى بعضهم البعض، وإن إصلاح هذا الدمار الذي حصل في البنية المجتمعية يحتاج إلى عقود من الزمن".

 

وحول رؤيته للقضاء على الإرهاب وداعش، قال جولن: "إن الحل في هذا الموضوع يقتضي من المسلمين ومن الدول الكبرى وكذلك من المنظمات الدولية أن تتحمل مسئوليتها، وعلى المسلمين قبل كل شيء أن يتخلوا عن تحميل الفاتورة في موضوع الإرهاب على السياسات الخارجية والدول الغربية، ويعودوا إلى أنفسهم يحاسبونها ويراجعونها؛ علينا أن نحاسب أنفسنا، لماذا تخرج هذه الأعداد الهائلة من الشباب الذين يقعون في شباك الإرهابيين من بيننا، علينا كمسلمين أن نقدم لشبابنا تربية راقية وتعليما جيدا يوائم بين القيم الدينية السلوكية والعلوم الحديثة والإنسانية، وأن نطعم المناهج الدراسية بالقيم الإنسانية العالمية، وأن نوفر في مجتمعاتنا مناخا مناسبا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية حتى تُمارس في أفضل صورة".

وأضاف: "هذه هي المسئوليات التي تقع على عاتق المسلمين، أما بالنسبة للدول الكبرى، فعليهم ألا ينظروا إلى الإرهاب على أنه مشكلة أمنية يمكن حلها من خلال تدابير عسكرية واستخباراتية فقط، بل ينبغي أن يدرسوا الإشكال في أبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ويبادروا إلى العلاج من خلال خطوات عملية، كما ينبغي أن يخطوا خطوات فاعلة تمكّن المسلمين الذين يعيشون في بلدان الغرب من الاندماج بسرعة أكبر، وأخيرًا ينبغي أن يولوا أهمية وقيمة لحياة شعوب البلدان الأخرى بقدر ما يولون ذلك لحياة مواطنيهم، وأن يرسموا سياساتهم الخارجية بناء على هذا الأساس، أما الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وأمثالها من المنظمات الدولية، فعليها أن تتخذ التدابير والإجراءات اللازمة التي تكفل حماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية في كل أنحاء العالم، وأن تفرض عقوبات فعالة على قيادات الدول التي تُمارس مظالم شتى في حق شعوبها من أجل إيقاف تلك الانتهاكات الحقوقية المروعة".

وردًا على سؤال حول سعي بعض القوى السياسية والحزبية في الغرب لتصنيف جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان باعتبارها جماعة إرهابية، قال فتح الله جولن: إن أي نوع من أنواع التورط في الأعمال الإرهابية أمر لا يمكن قبوله أبدًا، وإن موقفنا إزاء أي عمل إرهابي لم يتغير من البداية، وقد صرحنا مرارا وأعلنا "لا يمكن لمسلم حقيقي أن يكون إرهابيا، ولا يمكن لإرهابي أن يكون مسلما حقيقيا"، ومن ثم يجب على الجماعات الإسلامية أن تقف ضد أي شكل من أشكال العنف والإرهاب، وتعلن عن موقفها الرافض للإرهاب بوضوح تام، وعكس ذلك تشويه لصورة الإسلام البهية وخيانة لرسالته الإنسانية.

وأضاف جولن: لقد هوى أردوغان بتركيا من موقع "صفر أعداء" إلى "صفر أصدقاء"، لأنه تدخل في الشئون الداخلية لدول المنطقة، وأراد أن يعيد هيكلة هذه الدول من خلال جماعات العنف المسلحة التي ساندها بطرق شتى، لقد رأى أنه من حقه أن يفعل ذلك، لأنه وضع نفسه في موضع زعيم الشرق الأوسط وخليفة العالم الإسلامي، أما نحن فقد رفضنا هذا النوع من السلوك، ذلك صنفنا في خانة الأعداء، وراح يحملنا فاتورة أي حادثة سلبية تقع في البلد، ويستغل ذلك من أجل مكاسب وأهداف سياسية، على سبيل المثال، لقد استغل تحقيقات الفساد الكبرى التي حدثت في ديسمبر 2013 وتورط فيها بعض وزرائه لتسييس منظومة القضاء حتى باتت شبه منعدمة، وشرد جهاز الأمن وضباطه الخبراء الذين سهر الوطن على تربيتهم وتكوينهم سنين وسنين حتى بات جهاز الأمن عاطلًا، باختصار حوَّل أردوغان مؤسسات الدولة التركية إلى مجرد أدوات تخدم مصالحه وطموحاته السياسية، ولم يكتف بهذا، بل مزق الشعب إلى معسكرات وطوائف متنازعة، فحصلت انشقاقات لم نر لها مثيلًا في التاريخ القريب.

وحول رؤيته لما حدث في 15 يوليو 2016 في تركيا، قال جولن: إنني نددت بما حصل أثناء وقوع الأحداث، ورفضت جميع الاتهامات التي وُجهت إلي، ودعوت أردوغان إلى تشكيل لجنة دولية تحقق في الموضوع، وأعلنت أنني سأرضى بأي حكم يصدرونه في حقي، ووعدتهم بأن أشتري تذكرتي بنفسي وأعود إلى تركيا إن ثبتت اتهاماتهم وتبين أنني مجرم، لكنهم لم يتكرموا حتى بالرد على اقتراحي، وهذا يدل على أن لديهم أمورا كثيرة يخفونها، لذلك لم يستطيعوا أن يقنعوا العالم بافتراءاتهم، أعتقد شخصيا أن أحداث 15 يوليو سيناريو، وأردوغان ذاته واحد ممن شاركوا في كتابته، وستنجلي الحقائق مع الوقت بإذن الله.

 

تم نسخ الرابط