"سراديب ومغارات" إسنا تخفى أسرار الهاربين من اضطهاد الرومان بالأقصر
كتب - بوابة روز اليوسف
تضم مدينة إسنا الكائنة جنوبي محافظة الأقصر- العديد من الكهوف والمغارات التي قام بإنشائها أقباط المدينة في العصور السابقة لدخول الإسلام مصر، تعددت أسباب إنشائها والأغراض المرجوة منها، لكن على الرغم من ذلك التعدد ظلت شاهدًا قويًا على حضارة معمارية ضمت بين ثنايا جدرانها مشاهد نضال الأقباط ضد ألوان الظلم التي تعرضوا لها والعقيدة التي كانوا يؤمنون بها أشد الإيمان.
وعلى الرغم من أهمية هذا النوع من الآثار وقيمته الدينية لدى الأقباط بصفة خاصة نظرًا لما تعكسه من أجزاء كبيرة من حياة وأمجاد أجدادهم الذين كانوا يقطنون بإسنا قديمًا أو كانوا فارين إليها ولعل من أهمها هي تلك الموجودة بقرية حاجر العضايمة، إلا أن أهالي المدينة الجنوبية للأقصر لا يعلمون الكثير عنها بل قد يفاجأ البعض بوجود مثل هذا النوع في بلادهم على مر مئات السنين السابقة.
عمر فخري الكوتري - مفتش الآثار الإسلامية والقبطية بقطاع أثار إسنا - يؤكد أن إسنا تضم عددًا كبيرًا من المغارات والكهوف القبطية بالعديد من قراها فمعظم الأهالي لا يعلمون عنها شيء لعدم تنظيم أو إقامة أي نوع من الندوات التثقيفية والتعريفية بها للأهالي بجانب خلو نسبة كبيرة من كتب دراسة الأثار من ذكرها والنسبة المتبقية جاء ذكرها فيها مختصرًا.
أسباب ظهور تلك المغارات والكهوف في الصحراء
يقول الكوتري - مفتش الآثار القبطية - إن الاضطهاد الروماني يعد من أهم الأسباب التي اضطرت بالأقباط الفرار إلى الصحراء الخالية من الآدميين بعد أن مورس ضدهم أشد أنواع التعذيب من قبل الإمبراطورية الرومانية باعتبار مصر كانت احدى الولايات التابعة لها لكن أبشع الاضطهادات الدينية هي التي مورست في عهد الإمبراطور ديقلديانوس وهو الإمبراطور الذي تولى مقاليد حكم الإمبراطورية من عام ٢٨٤ م حتى عام ٣٠٥ م ولكثرة الضحايا في فترة ذلك الحاكم اتخذ الأقباط من عام ٢٨٤ م تقويمًا جديدًا لهم سمي بتقويم الشهداء.
المظاهر القاسية الناتجة عن التعذيب والاضطهاد المستمر بالأقباط جعلتهم يلوذون بالفرار إلى الصحراء حيث الخلاء الواسع هربًا من بطش الأباطرة الرومان والتنكيل بهم خاصة بعد استشعار الإمبراطورية الرومانية الخطر فور رؤيتها تزايد أعداد معتنقي الدين المسيحي في ولايتهم آنذاك مصر.
إضافة لذلك فإن العقيدة المسيحية في ذلك الوقت كانت تعترف بوجود الشيطان وذريته في الصحراء فكانت تحس دائمًا الكهنة والقسيسين والرهبان على التوجه ناحيتها لمحاربة المخلوق اللعين وذريته وهو ما يعد من أشد أنواع الإيمان في الدين المسيحي.
الموقع وتاريخ الاكتشاف
وبالنسبة لموقع هذه الكهوف فإنها تقع في زمام حاجر المساوية بالتحديد ما بين قريتي المساوية والعضايمة - جنوبي إسنا - على بعد ٨ كيلو مترات من قرية العضايمة.
أما تاريخ الكشف عنها فهو يعود إلى فترة الستينيات من القرن الماضي حيث تم إعلان الكشف عنها ضمن نتائج حفائر المعهد الفرنسي في مدينة إسنا.
الوصف المعماري والفني
عرف مفتش الآثار القبطية بإسنا - الكهوف والمغارات القبطية أنها مجموعة من الحجرات المحفورة في باطن الأرض بأعماق وأحجام ومساحات مختلفة حيث أن مجموعة الكهوف والمغارات الموجودة بالعضايمة تختلف عن مثيلاتها في القرى والمدن الأخرى في حجمها وعمقها ومن ثم مساحتها عثر بها على مجموعة من الأواني الفخارية المصنوعة في العصر القبطي لكن الرمال غطت تلك الأواني وأصبح من الصعب رؤيتها إلا بعد تجديد الحفائر في تلك المنطقة مرة أخرى، كما أضاف أن جدران تلك الكهوف اشتملت جدرانها على حروف ورسوم قبطية للكهنة والمحاربين في الصحراء وعبارات دينية باللغة القبطية تحفزهم على محاربة الشيطان.
آثار حاجر العضايمة
يشير مفتش الآثار الإسلامية والقبطية بإسنا إلى أن منطقة الكهوف والمغارات بحاجر العضايمة تعد امتدادًا للحضارة القبطية بالمدينة كلها وذلك بدليل كم الاكتشافات الأثرية التي اكتشفها المعهد الفرنسي في الستينيات خلال حفائره في هذه المنطقة وغير هذا الكم فلم يكتشف حتى الآن الكثير من الآثار المغطاة بالرمال في تلك المنطقة مما يتطلب سرعة إنجاز مشروع حفائر علمية منظمة لاستكمال باقي الاكتشافات
كذلك يتطلب الأمر السرعة في إنهاء إجراءات تسجيل المنطقة في سجلات الآثار القبطية، كذلك المنطقة في حاجة لعمل سور يحميها من اعتداءات الأهالي عليها حيث إنها من المناطق الصحراوية والتي تتعرض دائمًا لتعديات من قبل الأهالي على أراضيها.



