زواج القاصرات.. "ورقة عرفي أم صك عبودية"
كتب - هبة عوض
الزواج فطرة إنسانية، وسنة الله فى أرضه، وضمانة لاستمرار وبقاء الجنس البشرى، وقد مر بأشكال وصور وإجراءات عديدة منذ بدء الخليقة، إلى أن استقر المجتمع على الصورة الشرعية والقانونية الحالية، والتى تضمن بشكل كبير، حالة من الاستقرار والاستمرار للعلاقة الزوجية، وللأسرة الناتجة عنها، بل وضمانات مهمة لاسيما للمرأة والأطفال حال انتهاء هذه العلاقة، بنفس تلك الخطوات الشرعية والقانونية، ولكن حين يحيد بعض أفراد المجتمع، عن القانون والعرف المجتمعى المنظم لعلاقة الزواج، يحدث خلل ينتج عنه مشاكل اجتماعية خطيرة، وهو ما يتجلى فى مجتمعنا المصرى، جراء تفشى ظاهرة الزواج العرفى، فما بالنا لو اجتمع فى حالة واحدة الزواج العرفى من قاصرة، كما حدث لابنة المزارع بطوخ، الذى هربت ابنته التى هى فى عمر 17 عاما، بعد أسبوع واحد من زفافها على رجل خليجى، يبلغ عمره 37 عاما، مقابل 125 ألف جنيه، قبضها والدها لإتمام الزواج، وطالبه الزوج بردها متهما إياه بالنصب فى بلاغ رسمى.
ولكونها ظاهرة غريبة على أعراف وتقاليد بل والتشريعات بالمجتمع المصرى، توجهت "بوابة روزاليوسف" لخبراء علم النفس والاجتماع، لتسليط الضوء، على أسباب ونتائج الزواج العرفي للقصر، على المجتمع وأفراده.
قال الدكتور كامل كمال سعد، إن زواج القاصرات عرفيا منتشر فى الصعيد والأرياف، ثم توثيقه حال بلوغها سن الزواج الرسمي، وحالة أخرى زواج العرب من بعض المصريات لفترات محددة، ثم عودته لبلده مع سهولة إنهاء العلاقة، وعدم وجود مساءلة قانونية، أو زواج الرجل لزوجة ثانية عرفى خشية علم الزوجة الأولى، كل ما سبق تحايل على القانون، لافتا إلى أن الظروف الاقتصادية، تلعب دورا كبيرا فى إتمام مثل هذه الزيجات، حيث يكون الآباء فى درجة من الفقر، تجعلهم يتعاملون مع بناتهم كسلعة، يتم استغلالها للتربح، وهو ما لا يعتبر زواجا، ولكنه تقنين لممارسات غير أخلاقية.
وأكد كامل أن هناك أثرا كبيرا على المجتمع جراء تلك الزيجات، حيث إن نشأة علاقة الزواج ينتج عنها تبعيات، أهمها الأطفال وهو أخطر حلقة بالعلاقة، هذه الأطفال لا تقيد بالسجلات الرسمية، وأحيانا كما فى حالة الصعيد السابق شرحها، يسجل باسم والد أحد الزوجين، ما يدخل فى دائرة مواريث غير شرعية، وفى حالات أخرى يتبرأ الوالد من الطفل، لنيته عدم الإعلان عن الزواج، ما يدخلنا فى قضايا إثبات النسب، ما يجعل الطفل أداة للصراع بين الطرفين، وعلى المرأة توصم وصمة اجتماعية سيئة.
من جانبه قال الدكتور شحاتة زيدان، أستاذ علم النفس، بمركز البحوث الاجتماعية،
إن نظرة سريعة على منظومة الزواج العرفى، تكشف شيوعه بين الفئة العمرية الصغيرة، من القاصرات لظروف اقتصادية أو اجتماعية، وذلك كى لا تشعر بالحرمانية، وهو ما يجب رفع الوعى بشأنه لأن الحرام الأكبر هو الدفع بطفلة للزواج، وتحمل تلك المسؤولية الشاقة، التى لا تكون جاهزة لها سواء بدنيا أو نفسيا، وهو ما يصيب معظم تلك الفتيات بصدمات وأمراض نفسية شديدة، تظل تعانى منها طوال عمرها، ويمكن أن تنقلها بدورها لأبنائها، ما يخلق أجيالا مشوهة نفسيا.
وأضاف شحاتة، أن الضحية الأكبر لهذا الزواج، هم الأبناء الناتجون عنه، وما يحدث لهم من مشاكل سواء إثبات نسب، أو تحمل الزوجين لمسؤولياتهم تجاههم، ما يشعر الطفل بعدم الأمان، وهو السمة الغالبة على أطفال هذا الزواج، وينشئهم كشخصية انتهازية وابتزازية، دائمى اللوم على المجتمع كله، وقد ينشئ أطفال الشوارع، أو أطفال مشوهة نفسيا، تصب غضبها على المجتمع، سواء بسلوك عدواني أو انطوائي، ما يتطلب علاجا نفسيا كبيرا للتغلب على الآثار النفسية، التى خلفتها تجربة أبوية على شخصيته.



