"الألباستر".. صناعة فرعونية يتوارثها الأبناء عن الأجداد.. (صور)
الأقصر ــ محمد راشد
محافظ الأقصر: توقيع بروتوكول تعاون مع "الأمم المتحدة" لإنتاج أول ماركة مسجلة للألباستر تحت اسم (LuxMar)
مهنة لطالما كانت الأعظم سيرة بين مثيلاتها من الصناعات الأخرى التي سجلها التاريخ منذ ٧ آلاف عام على جدران المعابد وصناعة التماثيل منها والأواني والتحف وجعلتها قادرة بمفردها على قص الكثير من أسرار الفراعنة.
"الألباستر" صناعة امتهنها أهالي مدينة القرنة الأثرية الواقعة غربي محافظة الأقصر، توارثها الصغير عن الكبير منهم ولخلو المدينة من أية مهن أخرى احترفوها منذ أكثر من قرن مضى، متشبثين بإستمرار تصدير حضارة أجدادهم القدماء التي يرتبطون بها ارتباطاً وثيقاً ونظراً لهجوم المنتجات الصينية تواجه هذا الصناعة خطر الاندثار.
"بوابة روزاليوسف" فتحت ملف صناعة الألباستر في الأقصر ورصدت أهم المشاكل التي تواجهها.
أشرف الحاوي - مالك أحد مصانع الألباستر- يقول إن هذه الصناعة يتوارثها الأبناء عن الآباء والأجداد، منذ قرون بعيدة جعلوا بها مصر تتفرد عن غيرها من الدول بتلك الصناعة الفرعونية لكنها حالياً أصبحت مهددة بالاندثار بعد دخول المنتجات الصينية للأسواق السياحية بالأقصر ما تسبب في هروب الأيدي العاملة للبحث عن مصدر آخر للرزق.
وأشار الحاوي إلى أن صناعة الألباستر كانت تعاني منذ عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك عقبات كثيرة مثل ارتفاع أسعار المواد الخام، فمثلًا سعر طن حجر "الهامر" وهو حجر أساسي في صناعة الألباستر يباع للحرفيين بـ 4 آلاف جنيه، في حين أنه يُباع لشركات الأدوية بألف جنيه فقط، ذلك بالإضافة إلى تكاليف نقله فهو في الأغلب يحضر ونأتي به من جبال بني سويف.
وعن كيفية صناعته أوضح محمد مصطفى - صانع ألباستر - أن الألباستر في البداية هو نوع من الحجارة يستخدم في أعمال النحت، إضافة إلى البازلت، والجرانيت، والحجر الجيري، وحجر"الأونكتس"، والهامر الأبيض متعدد الأشكال والألوان، فمنه مثلًا "الهامر الاخضر"، ويوجد هذا النوع في أسوان، في منطقة "العلاقة"، وأنواع أخرى بمدينة أسيوط.
وتابع مصطفى أن صناعته تتكون من عدة مراحل تبدأ بجلب حجر الألباستر، من بني سويف أو أسيوط أو أسوان ثم التقطيع والخراطة والتشطيف ثم وضع المنتج في الفرن، لكي يصبح أكثر صلابة لافتاً إلى أن قرية الطارف خاصة ومدينة القرنة بصفة عام يستحوذان على نصيب الأسد من حيث وجود عدد كبير من مصانع الألباستر فتكاد تكون المهنة الوحيدة التي تضم الألاف من أبناء المدينة.
ويضيف بكري عبد الجليل - نقيب أصحاب البازارات بالبر الغربي أن الركود الذي ضرب تلك الصناعة حالياً تتسبب فيه المنتجات الصينية بنسبة ٩٠ % فأصحاب البازارات في وسط الأقصر أصبحوا يسترخصون السلعة والسائح أثناء شرائه لا يستطيع التفريق بينها وبين ما ننتجه من شدة التقليد لكن نحن نتحدث بصفتنا الأحفاد وليس المقلدون.
ولفت عبد الجليل إلى أن غياب السياح عن الأقصر أثناء فترة حكم الإخوان المسلمين تسبب في تسريح العمال بسبب توقف العرض والطلب في الأسواق، وهو ما اضطر أصحاب البازارات لبيع منتجاتهم بأسعار بخثة من أجل توفير القليل من النفقات لأسرهم.
ويروي خليل محمد صانع ألباستر أن أبنائه كانوا يعملون تحت يده بتلك الصناعة لكن تركوها منذ ظهور المنتجات الصينية بعد أن قل الطلب عليها فقلت أجورهم في ظل اتجاه بعضهم وقتئذ للزواج بتكاليفه غير البسيطة.
ويرى أن الإهمال الذي أصبح يدب في تلك الصناعة أصابها بالوهن وأصبح يهددها بالإندثار وهو عكس المطلوب بالحفاظ على صناعة توارثتها الأجيال المختلفة عبر ٧ ألاف عام.
من جانبه يؤكد الدكتور محمد بدر - محافظ الأقصر - أن الدولة أولت اهتماماً كبيراً بتلك الصناعة الفرعونية الباقية بفضل صناعها وذلك عن طريق عدة إجراءات ومقترحات يجرى دراستها لتنفيذها من شأنها حل الأزمة التي تمر بها حالياً صناعة الألباستر.
وأوضح بدر أن المحافظة وقعت بروتوكول تعاون لعقد ورش لتعليم فن النحت باستخدام أحجار الألباستر، ضمن برنامج التنمية المستدامة "مصر 2030″، تستهدف تعليم أسس النحت باستخدام حجر الألباستر (المرمر المصري)، الذي تشتهر به منطقة القرنة بغرب الأقصر، للفئة العمرية 10 سنوات وحتى 15 سنة، وذلك لتعويض ترك الكثيرين من الصناع لتلك المهنة مضيفاً أن الورش تخضع لمؤشرين للقياس هما "الحفاظ على الحرف التراثية والقيم الإيجابية"، وهذه المؤشرات هي معيار تنفيذ النشاط حسب أهداف ورؤية التنمية المستدامة لمصر.
واستطرد محافظ الأقصر أنه تم توقيع بروتوكول تعاون أيضا مع وزارة التجارة والصناعة ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية لإنتاج أول ماركة مسجلة من المنتجات المحلية المشهورة للأقصر التي يتم تصنيعها من الألباستر تحت اسم (LuxMar) الذي يشير إلى حرفة صناعة الألباستر (المرمر) ومكان نشأتها في تناغم بين عراقة الحرفة مع أناقة التصميمات وعصريتها مما يحجم من الإقبال على المنتجات الصينية وعكسه بالنسبة لمنتجاتنا اليدوية من الألباستر.



