محللون: الإدمان وضعف الوازع الديني من أسباب العنف الأسري
كتب - السيد علي
شهدت الساحة في الآونة الأخيرة جرائم تقشعر لها الأبدان، قتل الأبناء للآباء وقتل الآباء للأبناء، بالإضافة لجرائم القتل والعنف الأسرى، وهي قضية في غاية الخطورة، تحتاج إلى نظرة متأملة من الآباء والأمهات نحو الأسباب التي تؤدي لارتكاب تلك الجرائم، سواء كانت نفسية أو اجتماعية أو مادية، ومعالجة هذه الأسباب قبل حدوث الكارثة.
"بوابة روزاليوسف"، استطلعت آراء خبراء ومحللين مختصين في علم النفس والاجتماع وعلماء الدين، الذين أجمعوا على أن الظروف المعيشية الصعبة كالفقر والبطالة والضغط النفسي والإحباط المتولد من طبيعة الحياة العصرية اليومية، وتعاطي المخدرات، بالإضافة إلى سوء التربية والنشأة في بيئة عنيفة في تعاملها، مستشهدين بأن الأفراد الذين يكونون ضحية للعنف في صغرهم، يُمارسونه على أفراد أسرهم في المستقبل فالعنف سلوكٌ مكتسبٌ يتعلمه الفرد خلال نشأته.
وأشاروا إلى أن ضعف الوازع الديني والأخلاقي وعدم الانسجام بين الزوجين في مختلف جوانب الحياة التربوية والتعليمية والاجتماعية والفكرية والبيئية، مما يؤدي لغياب ثقافة الحوار والتشاور داخل الأسرة.
أستاذ علم اجتماع: التنشئة الاجتماعية قد يكون بها نوع من التدليل والكبت الزائد
يقول الدكتور كامل كمال، أستاذ علم الاجتماع بمركز البحوث الاجتماعية والجنائية بالعجوزة، إن من أسباب العنف الأسرى والقتل التي شهدتها الساحة في الفترة الأخيرة، الإدمان، لأن المدمن يكون قد وصل إلى مرحلة لا يستطيع فيها الامتناع عن الإدمان، وتمثل له الجرعة المخدرة حياته، فتدفعه إلى السرقة، وعندما يواجه معارضة من المنزل لسلوكه الخاطئ، تصل معه إلى قتل أي شخص يعارضه، في سبيل أخذ الجرعة المخدرة، حتى لو كان أحد الأبوين أو الأبناء والزوجة، مضيفًا إن القاتل نفسه قد يكون ضعيفًا في قدراته العقلية، بمعنى أنه يقوم بارتكاب الجريمة دون أن يعي بها.
وأضاف كمال، إن التنشئة الاجتماعية، قد يكون بها نوع من التدليل والكبت الزائد، فيصل إلى مرحلة لا يستطيع أن يتحكم في أعصابه، وتصل به إلى مرحلة الكراهية التي تؤدي إلى القتل.
وتابع أستاذ علم الاجتماع، إن من العوامل التي قد تؤدي إلى القتل والعنف الأسرى، البطالة وعدم تحقيق الذات، وأن يكون هناك ضغط من الأسرة على القاتل، فيحدث لديه انفجار، يؤدي إلى اشتباك مع أحد أفراد الأسرة يصل إلى القتل.
وأشار كمال، إلى أنه يجب على الأسرة أن تهتم بالتنشئة الاجتماعية للابن من سن 5 سنين، وألا يكون بها نوع من التدليل والقسوة الزائدة، لأن التدليل الزائد والقسوة الزائدة تؤدي إلى شخصية غير سوية، تتوقع منها أي شيء.
وتابع كمال، أنه يجب على الأسرة في التنشئة الاجتماعية، تطبيق مبدأ الحوار مع الأبناء، وعدم توجيه النقد الدائم لهم، وأن تتعامل الأسرة مع أولادها بأسلوب التشجيع، وتنمية قدراتهم حسب إمكانياته العلمية، والظروف المحيطة به، ويجب على الأسرة إبعاد أبنائها عن الإدمان والعوامل التي تؤدي إليه.
استشاري الطب النفسي: انحرافات سلوكية في المجتمع
ومن جانبه قال الدكتور جمال فرويز، استشاري علم النفس، إن هذه المشكلة ناتجة عن انحرافات سلوكية في المجتمع المصري بالإضافة إلى انحدار ثقافي، والانحدار الثقافي يعطي لنا ثلاث صور وهي، انحدار في العلاقات الاجتماعية، وفي القيم الدينية، وفي الأخلاقيات.
وأضاف فرويز، إن انتشار المخدرات والشذوذ والإلحاد، يعتبر من صور الانحدار الثقافي، وكل هذه السلوكيات تؤثر على العلاقة بين الابن والأب وعلاقة الابن وألام، قد تؤدي إلى القتل.
وأشار استشاري الطب النفسي، أنه في الماضي كانت الأسرة تعيش في منزل واحد مع الجد والجدة، وكان هناك تواصل وصلة رحم، وكان الابن يتعلم منهم السلوكيات، ولكن هذه العلاقة أصبحت غير موجودة الآن.
وأشار فرويز، إلى أن التليفزيون تخلي عن دوره التثقيفي، حيث كان في الماضي يعرض مسلسلات هادفة وتثقيفية، إنما في الوقت الحالي نجد بعض المسلسلات تعرض مشاهد بها سلوكيات خاطئة من تعاطي المخدرات والألفاظ غير اللائقة، وتعطي فكرة خاطئة عن المجتمع.
وأكد استشاري الطب النفسي، أن المخدرات تفسد أي مجتمع، وأي علاقة، فلابد من تشديد العقوبات على متعاطي المخدرات ومروجيها.
العواري: الشرع حرم الاعتداء على النفس مطلقًا
يقول الدكتور عبد الفتاح العواري، عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر، إن الشرع حرم الاعتداء على النفس مطلقًا، وأن الله تبارك وتعالى نهانا عن قتل النفس، أيًا كانت هذه النفس، مسلمة أو غير مسلمة، قريبة أو بعيدة، ويقول الله تعالى: "ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق"، والحق معلوم للناس، فإذا كانت الشريعة الإسلامية قد بينت لنا أن النفس الإنسانية معصومة الدم، لا يجوز الاعتداء عليها، وأن المحافظة عليها من الضرورات الخمس، التي جاءت بكل ملة وكل شريعة من الشرائع، تحافظ عليها، فكيف بالنفس القريبة وهي، نفس الأب أو الأم أو الابن أو الزوجة، فمن باب أولى أن يكون الجرم أعظم، والجريمة أفدح.
وأضاف العواري، أنه يجب العمل على تصحيح العادات والتقاليد والفهم الخاطئ للدين من خلال التركيز على دعوة الرسول (صلى الله عليه وسلم) الأزواج إلى حسن عشرة زوجاتهم، وأنه لا ينبغي للزوج أن يكره زوجته لأمر صدر منها، بل عليه أن ينظر في صفاتها الجميلة التي ربما تكون أكثر بكثير مما يكره منها كما أوصى بعدم الغضب ونهى عن السباب واللعن وبذاءة اللسان، وكان مثالًا للرفق واللين بعيدًا كل البعد عن العنف والشدة مع زوجاته.
عضو المجلس الملي: انتشار المخدرات، وعدم إقدام الشباب على العمل، من العوامل الأساسية في هذه القضية
ومن جهته قال القمص صليب متى ساويرس، عضو المجلس الملي، إن الخطية دخلت العالم واستشرت في المجتمع، وكذلك انتشار المخدرات، وعدم إقدام الشباب على العمل، وجلوسهم على المقاهي، من العوامل الأساسية في هذه القضية.
وأضاف عضو المجلس الملي، إن العين المحتقرة لأبيها وأمها تقورها غربان الوادي، بمعنى مجرد الاستهزاء بالوالدين تقورها غربان الوادي، فما بالك بقتلهما.
وأوضح ساويرس، إن الكتاب المقدس نهانا عن عقوق الوالدين، ومن يستخف بأبيه يقتل قتلًا، فما بالك بمن يقتل أباه أو أمه، والوصية الخامسة تقول: "اكرم أباك وأمك لكى تطول أيام حياتك على الأرض"، ووضع الرب إكرام الوالدين في مقدمة الوصايا الخاصة بعلاقتنا بالآخرين، فيأمرنا بإكرامنا لهما قبل أن يوصينا "لا تقتل" أو "لا تزنِ"، وهي الوصية الوحيدة والمقترنة بمكافأة أو وعد، من يكسر هذه الوصية: "من ضرب أباه أو أمه يُقتل قتلًا... ومن شتم أباه أو أمه يقتل قتلًا".



