افتتاح مؤتمر الصكوك وأدوات التمويل الجديدة.. من يأخذ المبادرة؟
كتب - عيسى جاد الكريم
- عبد الرحمن: نحتاج إلى تعديلات تشريعية بسيطة للتعامل على أصول الدولة كضمان
- عادل: ارتفاع تكلفة التمويل يدفع الجميع للجوء لأدوات غير مصرفية
- سامي: التجربة الأولى للصكوك تحكم على نجاحها أو فشلها
افتتح الدكتور خالد عبد الرحمن، مساعد وزير المالية لشؤون سوق المال، اليوم الثلاثاء، مؤتمر الصكوك وأدوات التمويل الجديدة.. من يأخذ المبادرة، نيابة عن الدكتور محمد معيط، وزير المالية.
وناقشت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، دور تعديلات قانون سوق المال في خلق منتجات مالية جديدة كالصكوك ومواكبة متطلبات الاقتصاد المصري وتحقيق احتياجاته للوصول إلى التنافسية وسط الاقتصاد العالمي، وآخر تطورات مشروع قانون إصدار الصكوك السيادية، ومدى مناسبة السوق المصرية والبنية التحتية لانطلاق الصكوك.
وألقت الجلسة الضوء على دور هيئة الاستثمار في الترويج لأدوات التمويل غير التقليدية لتوفير التمويل للمشروعات، ومدى جاذبية الصكوك المزمع طرحها للمستثمرين الخليجين والمؤسسات العالمية، وبحث إمكانية نجاح الصكوك في توفير بدائل تمويل اقل تكلفة من المصادر التقليدية.
وأدار كريم هلال، العضو المنتدب للتمويل المؤسسي بشركة كاربون القابضة، الجلسة الافتتاحية، الذي حضرها خالد عباس نائب وزير الإسكان للمشروعات، ومحسن عادل الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار، وأيمن الصاوي العضو المنتدب لشركة "ثروة لترويج وتغطية الاكتتابات، وشريف سامي، الرئيس السابق للهيئة العامة للرقابة المالية.
ووجه هلال، السؤال إلى الدكتور خالد عباس نائب وزير الإسكان للمشروعات القومية، حول مدى استفادة القطاع العقاري من الصكوك، في تمويل المشروعات الجديدة خاصةً للوزارة باعتبارها إحدى الأدوات التي تفضلها شريحة كبيرة من المستثمرين في ظل توافقها مع الشريعة الإسلامية.
قال خالد عباس نائب وزير الإسكان، إن القطاع العقاري أحد أهم القطاعات المؤثرة في الدخل القومي المصري، وشهد توسعا كبيرا خلال السنوات الأربعة الأخيرة، ومن المتوقع استمرار التوسع خلال السنوات الثلاثة المقبلة لتصل حجم الاستثمارات بين 300 إلى 400 مليار جنيه.
وأضاف: "الصكوك ستكون أحد بدائل وزارة الإسكان لتمويل مشروعات البنية التحتية خلال الفترة المقبلة".
وتابع أن حجم الاستثمارات الكبير يمثل من وجهه الآخر تمويلات مطلوبة خاصةً فيما يتعلق بالإنشاءات والبنية التحتية.
وأشار إلى دور الصكوك في تمويل البنية التحتية في معظم الدول الخليجية خلال السنوات الماضية، وإن مصر في خضم تلك المرحلة تتجه للاعتماد عليها، سواء على مستوى الحكومة، كما أن العديد من الشركات العقارية أصبح لديه رغبة كبيرة في الحصول على التمويل.
وطالب عباس بضرورة التوعية وفهم طبيعة الصكوك والعوائد منها ومددها الزمنية، خاصةً أن التجربة الأولى من الإصدارات ستكون "الحكم والانطباع الرئيسي عن الطروحات حتى لا تأتي بنتيجة سلبية".
وقال كريم هلال، إن مصر تأخرت بصورة كبيرة في إصدار الصكوك، وإن أول إصدار يجب أن يكتب قصة نجاح أداة الصكوك.
وطالب "هلال" شريف سامي، خبير الاستثمار والرئيس السابق للرقابة المالية، بتوجيه نصيحة حول الشكل الأمثل لنجاح أول إصدار للصكوك.
وبدء شريف سامي، كلمته بالحديث عن بداية التفكير في الصكوك كأداة تمويل في مصر، وقال إن خلال السنوات الماضية كانت هناك مطالب بطرح الصكوك وهو ما وجب معه الدراسة الجيدة وتوفير التشريعات الحاكمة والمنظمة، وبالفعل تم تحول الأمر لموقف سياسي على مستوى الدولة ثم تحول لقانون سوق المال.
واستعرض سامي نشاط أدارة الصكوك في السوق الدولية وقال إن إصدارات الخليج خلال عام 2017 من أدوات التمويل بلغت 30 مليار دولار، 75% منها صكوك.
وأضاف: "نترقب نجاح أول تجربة للصكوك.. هذا الطرح سوف يحكم على التجربة بالنجاح أو الفشل مثل ما حدث في التسعينيات للطروحات، نجاحها أدى إلى اجتذاب العديد من الشركات على القيد".
ويرى سامي أنه رغم توافق الصكوك مع الشريعة الإسلامية إلا أنها مثلها مثل باقي الأدوات قد يكون بها مشاكل.
وقال: كان لدي رغبة في رؤية صندوق التأمينات المجتمعية والتي تمتلك 100 مليار جنيه ودائع، وبنك الاستثمار القومي كجهة استثمارية في المؤتمر ليأخذه زمام المبادرة.
وطالب سامي هيئة المجتمعات العمرانية بأخذ زمام المبادرة في الاعتماد على الصكوك مثلما كانت لها الريادة في طروحات السندات.
ووجه كريم هلال سؤاله إلى ايمن الصاوي، رئيس مجلس إدارة "ثروة لترويج وتغطية الاكتتابات" عن تكلفة التمويل وما الفرص التي تقدمها الصكوك ومن المستفيدون منها؟.
أوضح أيمن الصاوي، أسباب الاهتمام بالصكوك سواء من جانب الشركة أو بعض الشركات المتواجدة في مصر، وقال إن توافقها مع الشريعة الإسلامية قد يكون عاملا محفزا، إلا انها كأداة تمويلية يمكن الاعتماد عليها في تمويل مشروعات لا يمكن للسندات تمويلها.
وعدد الصاوي المشروعات التي من الممكن ان تستفيد بالصكوك، مثل العقارات ومشروعات الطاقة المتجددة وكافة مشروعات البنية التحتية.
وأكد ضرورة وجود تصنيف ائتماني للصكوك، وحساب جيد لطبيعة المخاطر والمشروعات، وقال إن الأمر سيحدد طبيعة المستثمرين الراغبين في الاكتتاب.
وذكر أن هناك تحديًا يتمثل في التوعية بالصكوك ومدى التعلم من التجارب الأولى وكيف يمكن وجود وسائل تمويلية قابلة للتحويل تساعد الشركات على توسيع أعمالها بعيدا عن زيادة رأس المال.
ووجه كريم هلال سؤاله لخالد عباس نائب وزير الإسكان للمشروعات القومية، قائلاً: أحد التحديات التي تواجه السوق العقاري بصفة عامة نقص التمويل طويل الأجل خاصة أن مصادر التمويل طويلة الأجل غير متواجدة، فهل ترى أن الصكوك المضمونة من الحكومة وبمدد طويلة قد تساعد على تطوير الطلب العقاري.
وقال "عباس" إن هيئة المجتمعات العمرانية كانت لها السبق بطرح سندات توريق بقيمة 10 مليارات جنيه وتم تغطيتها أكثر من مرة، وتم تسويق التمويل العقاري بصورة خاطئة.
وأشار عباس إلى ان محفظة التمويل العقاري ستصل إلى 20 مليار جنيه بنهاية العام الجاري من خلال مبادرة البنك المركزي.
وأكد عباس أن وزارة الإسكان ستعتمد على الصكوك لتمويل مشروعاتها لكنها تنتظر صدور اللائحة التنفيذية لقانون سوق المال".
وأشار كريم هلال إلى أن إصدارات "اليورو بوند" تشير إلى نجاح كبير للطروحات الحكومية.
وأضاف أن سوق الصكوك عالميا تسيطر عليه القطاعات الحكومية وشبه الحكومية بنسبةً 60%.
واعتبر هلال الصكوك أداة ائتمان بصورة كبيرة، وقال إن ماليزيا أكبر دولة في العالم في سوق السندات السيادية تليها السعودية، كما تستعد إنجلترا لطرح ثانٍ الفترة المقبلة.
وأثار "هلال" تساؤلا لخالد عبد الرحمن مساعد وزير المالية حول قدرة الحكومة على سداد المديونيات عبر الصكوك، في ظل ما يتردد أن مصر تقترض من كل من يريد إقراضها.
واستكمل هلال سؤاله: "ما قدرتنا على السداد خاصة أن هذه المديونيات معظمها للأغراض العامة وغير مرتبطة بمشروعات معينة.. هندفع منين؟".
ورد "عبد الرحمن": "منذ فترة طويلة نسمع هذا الكلام من المستثمرين الدوليين خلال عمليات الترويج للطروحات الحكومية خاصة بالنسبة للمتخصصين في المخاطر، لكن السؤال الأوقع ما هو حجم الدين بالنسبة إلى الناتج المحلي وحجم مصروفات الدين بالنسبة لمصروفات في الموازنة.
وأضاف أن الحكومة تعمل على زيادة الإيرادات بصورة كبيرة من خلال الإنتاج والسياحة، وزيادة الضرائب عبر إدخال شرائح جديدة أبرزها المهن الحرة والتي يعد العائد منها "مضحكا جدا" ونعمل فقط على كفاءة تحصيل الضرائب وتوسيع قاعدة الممولين وتقليل عمليات التهرب.
وذكر أن تحويلات المصريين في الخارج كان بها مشاكل بسبب سعر الصرف وكان الجميع لديه تخوف من التحويل وهذا تم معالجته ووضوح نتائجه الفترة الماضية.
وأشار إلى أن مناخ الاستثمار في مصر يشهد تحسنا إيجابيا، وان الأيام الماضية شهدت حضور أكثر من 14 مستثمرا عالميا لبحث فرص الاستثمار في مصر.
واعترض "عبد الرحمن" مقولة "مصر تستلف من اي شخص يريد تسليفها"، وقال وزارة المالية لغت 4 عطاءات للسندات بسبب ارتفاع التكلفة "مش بتستلف وخلاص".
وتداخل شريف سامي مقترحا عمل سندات خزانة مربوطة بمؤشر التضخم، وقال إنها منتج مالي مهم لا سيما أن دولا أخرى قامت بها، وانه يجاوب عن سؤال وزارة الإسكان بكيفية ربط سندات بفائدة طويلة الأجل، كما اقترح إعداد كتيب يشرح الصكوك للتوعية.
واستكمل خالد عبد الرحمن ان وزارة المالية تسعى لتنويع وسائل التمويل وليس فقط الصكوك، وقال "نحتاج تعديلات تشريعية بسيطة خاصة أننا ليس لدينا القدرة على التعامل على أصول الدولة كضمان، ونحتاج تنويع إلى صكوك خضراء وهناك رغبة كبيرة للعمل على الطاقة المتجددة مثل الشرق الأقصى".
وأبدى محسن عادل، الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار بالمؤتمر، وقال إن مستوى الحضور مرتفع جداً بما يعكس الاهتمام كبير بالصكوك في مصر.
وأضاف أن العامين الماضيين شهدا تراجعاً في معدل إصدارات الصكوك كما أن هناك بوادر أزمة عالمية ما خلق أزمة حقيقية بسبب ارتفاع تكلفة التمويل.
وتابع: "مصر أحد أكبر الدول من حيث تكلفة التمويل وبالتالي تكلفة المشروعات وبنسبة 90% تعتمد على التمويل البنكي أو حقوق الملكية، ونحتاج إلى زيادة الاعتماد على أدوات التمويل المالية غير المصرفية".
وطالب عادل بوجود تنظيم تشريعي للصكوك السيادية، وقال يجب أن تبادر الحكومة بـ"قفزة الثقة" فيما يخص إصدار الصكوك، بما يفتح الطريق لعشرات الإصدارات.



