مؤتمر "حماية الماضي 2018" يختتم أعماله في الشارقة
كتب - عيسى جاد الكريم
مشاركة مصرية من بين أكثر من 50 متحدثا إقليميا ودوليا لمناقشة حماية وتوثيق التراث الثقافي
اختتمت أعمال مؤتمر حماية الماضي 2018 الذي تم تنظيمه، برعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، تحت عنوان: "من التوثيق الرقمي إلى إدارة التراث في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، وذلك في المركـز الإقليمـي لحفظ الـتراث الثقافي في الوطـن العربي (إيكروم - الشـارقة) في مدينة الشارقة، دولة الإمارات العربية المتحدة.
وشارك في تنظيم هذا المؤتمر، الذي أقيم على مدى ثلاثة أيام كل من المركـز الإقليمـي لحفظ الـتراث الثقافي في الوطـن العربي (إيكروم - الشـارقة)، ومشروع "الآثار المهددة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" (EAMENA)، ومركز فن جميل، وصندوق التراث العالمي (GHF)، وبدعم إضافي من دائرة الثقافة والسياحة في أبو ظبي، وصندوق بركات، ووكالة بونزاي.
ركز مؤتمر "حماية الماضي 2018" في الشارقة على كيفية تحول التوثيق الرقمي إلى جزء لايتجزأ من ممارسات إدارة التراث في منطقة الشرق الأوسط. وتضمن المؤتمر خمسة محاور رئيسة، وهي: التوثيق الرقمي كأداة للاستعداد والوقاية؛ التوثيق الرقمي واستعادة التراث بعد الكوارث؛ التكنولوجيا الجديدة للتوثيق؛ بناء القدرات في المنطقة؛ وأخيراً منظور الجهات المانحة. وقد شارك في تقديم العروض التقديمية وجلسات النقاش أكثر من 50 متحدث إقليمي ودولي، من بينهم محاضر من جمهورية مصر العربية.
وضمن فعاليات اليوم الأخير للمؤتمر شارك الباحث المصري الشاب محمد عشماوي من مكتبة الاسكندرية بورقة عمل تحدث فيها عن "أثر استخدام التكنولوجيا المتقدمة في عملية الحفاظ على التراث الثقافي. واشار المحاضر إلى أن تأثير استخدام التكنولوجيا المتقدمة في الحفاظ على بحوث التراث الثقافي وبشكل خاص ضمن عملية التوثيق الرقمي قد بدأ منذ نحو 20 عاماً. وركز المحاضر في مداخلته على كيفية المساعدة في الحفاظ على التراث الثقافي، مع أخذ تجربة مشروع "الآثار المهددة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" في المملكة المتحدة، وكذلك مركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي في جمهورية مصر العربية كأمثلة للعرض.
وقال السيد محمد عشماوي: "في ضوء الأحداث الجارية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خاصة من حيث عمليات الهدم والنهب والاتجار غير المشروع بالآثار، تم اتخاذ العديد من الخطوات للحفاظ على الصروح الأثرية والتراث الثقافي المهدد بالاختفاء". وأضاف: "هذه المداخلة تؤكد على أهمية التوثيق الرقمي كأداة للتأهب والوقاية، وتناقش كيف يمكن للتوثيق الرقمي أن يلعب دوراً في تعزيز قدرة المجتمعات المتأثرة على التكيف".
وفي معرض تعليقه على مشاركته الملفتة خلال هذا المؤتمر الدولي الكبير الذي حظي بمشاركة واسعة من قبل العديد من الخبراء الدوليين والعرب في مجال الحفاظ على التراث، قال الباحث المصري الشاب محمد عشماوي: "كنت محظوظا بما يكفي لتقديم ورقة عمل حول "أثر استخدام التكنولوجيا المتقدمة في الحفاظ على التراث الثقافي" ضمن فعاليات المؤتمر الدولي لحماية الماضي 2018 في مدينة الشارقة، في دولة الإمارات العربية المتحدة. لقد واجهت عشرات التحديات في طريقي، وكنت متوتراً ولكن في الوقت نفسه كنت متحمساً جداً". وأضاف قائلاً: "في الواقع ، هذا العام كان الأفضل بالنسبة لي على الإطلاق. إذ حصلت في بدايته على درجة الماجستير من جامعة السوربون في باريس، ومع نهاية العام نفسه أحظى اليوم بشرف المشاركة بمؤتمر دولي كبير! أود أن أشكر الجميع على دعمهم غير المشروط وتشجيعهم ومحبتهم، وبدون ذلك لم أكن لأصل إلى هذا الحد".
من جانبه تحدث الدكتور زكي أصلان، مدير المركـز الإقليمـي لحفظ الـتراث الثقافي في الوطـن العربي (إيكروم - الشـارقة)، عن أهمية هذا المؤتمر قائلاً: "إن المؤتمر هو فرصة ممتازة للقاء مجموعة كبيرة من الخبراء والمختصين، يمثلون عدد من الجهات المانحة والمؤسسات التعليمية والمنظمات الدولية والمنظمات الحكومية وغير الحكومية والقطاع الخاص والأفراد المعنيين بشؤون التراث، والتوثيق الرقمي للتراث على وجه الخصوص لمشاركة خبراتهم وأبحاثهم وتجاربهم والتعريف بمشاريعهم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا".
وكان المؤتمر قد شهد في اليوم الثاني جلسة خاصة جمعت مجموعة من الجهات الدولية المانحة لمشاريع التراث الثقافي تناول فيها المشاركون أولويات الجهات المانحة في تمويل مشاريع توثيق التراث الثقافي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وتضمنت الجلسة عدة عروض تقديمية لممثلين عن الجهات المانحة، بما في ذلك صندوق أركاديا، وصندوق حماية التراث الثقافي التابع للمجلس الثقافي البريطاني، وصندوق التحالف الدولي لحماية التراث في مناطق النزاع (Aliph)، وأخيراً دائرة الثقافة والسياحة في أبو ظبي. أما الجلسة الثالثة في اليوم الثالث والأخير للمؤتمر فخصصت لمناقشة المواضيع والاتجاهات الأكثر الحاحاً خلال المرحلة المقبلة والتي تم مناقشتها خلال جلسات المؤتمر في ضوء المحاور الأساسية الخمسة التي ركز عليها المؤتمر . وجمعت هذه الجلسة ممثلين عن عدد من الدول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وضمن محور التهديدات التي تواجه التراث الثقافي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الوقت الحالي، لخص د. زكي أصلان هذه التهديدات بمجموعة من النقاط الرئيسة وهي: "صعوبة عملية تطوير مواقع التراث الثقافي خاصة في المناطق التي تشهد الصراع، وضعف المتابعة والاشراف، وسوء إدارة المخاطر، وسرقة الآثار خاصة خلال فترات الصراع، والدمار الهائل الذي لخصته العديد من العروض التقديمية والمحاضرات التي شهدها المؤتمر". وأكد د. زكي أصلان على أهمية التوثيق في ضوء المخاطر التي تم الإشارة إليها سابقاً خاصة في المرحلة الحالية التي تشهد ضياع وسرقة العديد من التراث الثقافي ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
كما لخص الدكتور زكي أصلان الاستراتيجيات التي سوف يعمل عليها ايكروم – الشارقة بالتعاون مع جميع الشركاء الاقليميين والدوليين في المرحلة المقبلة، بثلاثة محاور رئيسة: وهي العمل على مواجهة التهديدات والمخاطر التي تواجه التراث الثقافي في المنطقة، وتعزيز التكامل بين التراث الثقافي والتنمية المجتمعية والاقتصادية، وأخيراً التركيز على النشاطات التي تستهدف التدريب والتعليم للارتقاء بممارسات الحفظ والترميم.
وختم السيد زكي قائلا: "سوف أنتهي من حيث بدأ سمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة في يوم الافتتاح عندما قال أنتم لستم وحيدين فنحن جميعا معكم لما تم هدمه من بيوت تراثية في رام الله، لأوكد أننا سنواصل تعزيز هذا التواصل والعمل بين جيمع الشركاء والمشاركين، وأود أن أختم هذا المؤتمر بتوجيه الشكر لجميع الشركاء، ولكل متحدث ومشارك في هذا المؤتمر".



