الإثنين 22 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

محمد دويدار يكتب: رائحة الحب

محمد دويدار يكتب:
محمد دويدار يكتب: رائحة الحب

للبيوت رائحة لا يلحظها إلا الغريب، أما أهل البيت فلا يشعرون بها مطلقًا، وأجمل البيوت تلك المعطرة برائحة الحب، هنا سأستشهد بحوار مع أحد الأصدقاء القدامى، وقد هاجر منذ زمن واستقر بإيطاليا حتى أصبح اليوم من رجال الأعمال الكبار هناك التقيته مؤخرًا بعد غياب ودار حوار طويل بيننا تطرقنا فيه للماضي الجميل، فإذ به يحدثني عن رائحة الحب في بيت العائلة القديم، استوقفتني كلمته وسألته وهل للحب رائحة فأجابني بعفوية قائلا إنها رائحة لا توصف ولا تُشم إنها رائحه تشعر بها في وجدانك تشتاق إليها مع السنين، وبدأ صديقي يحكي ويحكي عن ذاك المنزل المكون من غرفة واحدة، وكيف كانت تلك الغرفة تحتويه هو وإخوته وأباه وأمه، ورغم الفقر فقد كان هناك اطمئنان ودفء، اغرورقت عيناه بالدموع وبدأت تلمع وهو يصف شعور النوم في حضن أمه والغموس من طبق واحد على طبلية مع أبيه وعن وعن.. ولم يقطع حديثه، إلا مكالمة هاتفية أيقظته من أحلام الماضي البعيد وعادت به إلى أرض الواقع ليقسم لي إنه، ورغم الثراء الذي أنعم الله به عليه إلا أن تلك الرائحة ما زالت تداعبه كل مساء، فقد افتقدها كثيرا في هذا المنزل المكون من ثلاث طوابق وعشرات الغرف، ورغم ذلك لا يجتمع أهله إلا صدفة أو يوم عطلة لمدة دقائق قبل أن يغادر كل إلى سبيله!

تركني صديقي حائرًا متأملًا في نعمة لا نشعر بها إلا بعد أن نفقدها ألا وهي نعمة دفء البيوت، فالأهل نعمة والعزوة والسند نعمة، أن تجد من يخاف عليك، من ترتمى في حضنه لتبكي، أنها رائحة الحب تلك الرائحة التي لا تباع ولا تشترى، ولكنها فقط تبقى في قلبك وتفوح مع الأيام.  


 

تم نسخ الرابط