أمريكا.. والرقصة الأخيرة للثور الهائج
كتب - عادل عبدالمحسن
تمر الولايات المتحدة الأمريكية بفترة اختلال توازن في حين يسعى قادتها بكل قوة لاظهار العنجهية الأمريكية في كل بقاع الأرض حيث عبرت منذ أيام حاملتى طائرات مضيق تايوان الذي تعتبره بكين مناطق خاضعة للدولة الصينية ويسمع كل متابع استراتيجى صراخ مستشار الأمن القومى الأمريكي ضد قيام وفد عسكرى روسى بمهمة تدريب القوات الفنزويلية في أمريكا اللاتينية بينما يحاول الرئيس الأمريكي إظهار بلاده حامية لأوروبا ضد الدب الروسى وهو ما وجه بمعارضة قوية من فرنسا وألمانيا وابلاغ أمريكا بطرف خفى أن أوروبا ليس دول "الموز" بل هي من تشارك في الإدارة ولا يديرها الأخرون وهذا ما ظهر جلياً من خلال دعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لتشكيل جيش أوروبي مشترك مستقل عن الولايات المتحدة، لضمان الأمن السبراني، ونالت الفكرة تأييد المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التى سمئت وجود القوات الامريكية على أراضى بلادها منذ الحرب العالمية الثانية حتى أن أحد الساسة الألمان وصف السفير الأمريكى فى برلين بالجنرال الذى يصدر لهم الأوامر ومن شأن تشكيل جيش أوروبى يعطى دول الاتحاد الأوروبى فرصة الخروج من بيت الطاعة الأمريكى "حلف الناتو" الذي تسيطر عليه واشنطن ويخدم على مصالحها
وكان برنو لومير وزير الاقتصاد والمالية الفرنسي، أن بلاده لن تلبي المطالب التي قد تمليها واشنطن عليها في إطار تطبيق القانون الأمريكي خارج الحدود الإقليمية للولايات المتحدة.
وقال الوزير في حديث لصحيفة Le Figaro" ": ترتبط سيادتنا السياسية بالسيادة التكنولوجية... فرنسا ترفض الانصياع لأي أحد، وتنشد الريادة مع كل أوروبا".
وأضاف، أن أوروبا تدرك أن الولايات المتحدة أصبحت "شريكا صعبا"، وأن "العملاق الصيني" أخذ يترسخ على المسرح العالمي.
وأعرب لومير عن قناعته بأن الوقت قد حان لكي تثبت أوروبا نفسها "قوة مستقلة ذات سيادة تحمي وتستثمر في تكنولوجياتها الخاصة".
وأضاف أنه يجب على أوروبا لتتمكن من مواجهة التحديات الأمريكية والصينية في المجال الاقتصادي، أن تضع وتنفذ مشاريعها الطموحة في مجال الإنتاج والتطوير التكنولوجي.
لكل متابع استراتيجى يستطيع أن القوة الأمريكية لم تعد على حالها عشية حرب تحرير الكويت وتفكك الأمبراطورية السوفياتية حتى استعادت روسيا عافيتها وتزحف الصين أقتصاديا بكل قوة واليابان رغم وجود قوات أمريكية منذ عام 1945 تحاول أن تتحرر من هذه الهيمنة وهذا ما يظهر من تبرم السكان اليابانيين من وجود القواعد الأمريكية على مقربة من مساكنهم حتى وصل الأمر لإقامة دعاوى قضائية ضدها والساسة اليابانيين يغضون الطرف ولا يثيرون ذلك عالمياً لأن اليد الامريكية لا تزال قوية فى شرق آسيا واليابان لديها خلاف كبير مع روسيا حول جزر الكوريل منذ عام 1945 ورغم أن الدور الأمريكى فى هذا الخلاف اليبانى الروسي لا يغنى ولا يسمن من جوع
وقد يغرى سكوت الصين على عبور حاملات الطائرات الأمريكية على تحرش أمريكا بكوريا الشمالية من يرصد تحركات أمريكا يجدها أن تدخل أى حرب بصفر ضحايا بشرية وهذا غير وارد فى معركة مع بيونج يانج
وشعور أمريكا بانفلات قبضتها على الساحة العالمية بدأ يدفعها إلى تصرفات طائشة فى الارض العربية لانها رخوة ولا تكلف أمريكا أى مغارم ولكن قد يدفعها ذلك إلى تصرفات أكثر عنجهية وجنونا فالثور الجريح يهيج ويضرب يمينا ويساراً وكما قال الفيلسوف الفرنسى الراحل روجية جارودى أن تكاليف جرائم الحضارة الأمريكية كبيرا ولابد أن تتحمله ولكنها سوف تحاول أن تحمله للعالم ..الأحداث تتحرك ببطىء ولكنها تتحرك والمتابع يرى ضوءاً أخر النفق



