"قصر الحمراء" لحن أندلسي حزين يترنم بأمجاد العرب في غرناطة
كتبت - هدى زكي
نحن اليوم على موعد مع قبلة الفن الأندلسي والجنة، التي سمع عنها الكثيرون وحلموا بزيارتها، في مشهد مهيب تقف أمامه مشدوها تتأمل أطلال الماضي وعظمة وفنون الحضارة العربية الإسلامية في قلب أوروبا لتبكي على مجد تولى.
نصحبك عزيزي القارئ في جولة بـ"الفيديو والصور" إلى أحد أقدم وأروع ما تبقى من آثار الأندلس وهو قصر الحمراء في غرناطة والذي يعد من أجمل وأفخم القصور في تاريخ العمارة الإسلامية، وأكثرها إبداعا من زخرفة رقيقة وسجاد وكتابة الآيات القرآنية والأدعية على جدران القصر.
"قصر الحمراء" هو آخر معاقل العرب في غرناطة الذين ازدهرت حضارتهم قرابة المائتي عام وهو جزء من مدينة الحمراء أو "قصبة الحمراء"، التي ضمت العديد من المباني والقصور، واستغرق بناءة أكثر من 150 سنة.
يقع "الحمراء" على بعد 430 كيلومتر جنوب مدينة مدريد وهو عبارة عن مجموعة من الأبنية يحيط بها الأسوار من كل جانب على ربوة عالية تسمى السبيكة في شمال شرق مدينة غرناطة. تم تشييد القصر في القرن العاشر الميلادي ليصبح حصنا يحمي المدينة من الغزاة على يد الملك المسلم العربي أبو عبد الله محمد الأول ثم جاء سلطان غرناطة الخليفة يوسف بن نصر الأحمر مع بداية القرن الثالث عشر وحول الحصن إلى قصر ملكي ليصبح مقرا لخلافته.
اختلف البعض في سبب تسمية القصر ومنهم من أرجع السبب إلى لون حجارة القصر المائل للحمرة أو التربة الحمراء للتلة، التي تم بناء القصر عليها بينما البعض الأخر يرجح أنه مشتق من بني الأحمر الذين كان يحكمون غرناطة بين عامي 1232 و1492 ميلاديا.
يشمل "قصر الحمراء" فناء كبير يطلق عليه فناء الريحان وعدد من القاعات وبهو الأسود وهو الأكثر شهرة لتصميمه الفريد من 124 عمود رخامي أبيض بالإضافة إلى نافورة يحيط بها 12 أنثى أسد تحمل حوضا من المرر وتمثل عدد الساعات بالليل والنهار تخرج من فمها المياه بالتتالي الأول فالثاني وعند الثانية عشرة تخرج المياه من أفواههم جميعا، بالإضافة لاحتواء القصر على عدد من الأبراج والأبواب العملاقة والشبابيك المنقوشة والمزينة بالزخارف والزجاج الملون، يتميز القصر أيضا بالمسطحات الخضراء البديعة وأشجار الريحان والبركة المستطيلة،
ومن أبرز ما تشاهده عند زيارة قصر الحمراء هو باب الشريعة وهو المدخل الرئيسي للقصر والذي نقش على قوسه عبارات بالخط الأندلسي كتب فيها "أمر ببناء هذا الباب، المسمى باب الشريعة، أسعد الله به شريعة الإسلام، كما جعله فخرًا باقيًا على الأيام، كما يعد "حمام القصر" من أهم الأركان البديعة الذي يتميز بغرف مقببة بالفتحات الصغيرة التي تدخل نور الشمس إلى الغرف ومقصورات التدليك.



