مصر تشارك دول العالم في إحياء "اليوم العالمي لمكافحة الإتجار بالبشر"
شاركت مصر اليوم "الثلاثاء" دول العالم في إحياء اليوم العالمي لمكافحة الإتجار بالبشر الذي حددته الجمعية العامة للأمم المتحدة ليكون يوم 30 يوليو من كل عام ، والذي تركز فيه الدول على استعراض أنشطتها الوطنية الهادفة إلى رفع مستوى الوعي تجاه هذه الجريمة التي تهدد الأفراد والمجتمعات على حد سواء ، باعتباره إعلانا عالميا يتم من خلاله العمل على زيادة الوعي بحالات الإتجار بالأشخاص والتوعية بمعاناة ضحايا هذه الجريمة وتعزيز حقوقهم وحمايتها.
ففي هذا الإطار .. نظمت اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر التابعة لمجلس الوزراء احتفالية بهذه المناسبة إيمانا منها بأهمية مناهضة تلك الظاهرة التى باتت تشكل تهديدا حقيقيا لأمن المجتمع الدولي ، حيث تدعم وتساند الجهود المصرية الجهود العالمية التي تحجم الظاهرة وذلك من خلال الجهود والأنشطة الوطنية التي تتبناها اللجنة والرامية إلى مكافحة تلك الجريمة والتعريف بصورها وأشكالها حرصا على أمن المواطن وسلامته.
شهد الاحتفال لفيف من أعضاء السلك الدبلوماسي وممثلو الهيئات والمنظمات الدولية المعنية وأعضاء اللجنة من الوزارات والهيئات المعنية، حيث أقيم على هامشه معرض ضم منتجات المشروعات الصغيرة التي يمولها جهاز تنمية المشروعات برئاسة نيفين جامع تحت شعار "منتجات بلدنا بأيدينا" حيث يعد الجهاز أحد أهم شركاء عمل اللجنة الوطنية منذ فترة طويلة ، وقد ضم المعرض المفروشات المطرزة يدويا ومشغولات مصنعة من المعدن والأحجار الكريمة.
وأكدت السفيرة نائلة جبر رئيس اللجنة في كلمة ألقتها بهذه المناسبة أن الاحتفال بهذا اليوم يأتي تأكيدا لإرادة جماعية لمحاربة هذه الجريمة النكراء حفاظا على حقوق المواطن البسيط ومنعا لاستغلاله من قبل العصابات التي تسعى لتحقيق المكاسب والثراء السريع ، وأن الحكومة المصرية تولي عناية خاصة لضمان حماية الفئات المستضعفة من التعرض لمخاطر تلك الجريمة، وذلك من خلال تحفيز عمل جميع الجهات المعنية الأعضاء في اللجنة على ضمان فاعلية إجراءات الضبط والتحقيق والملاحقة القانونية للجناة ، والحرص على توفير خدمات الرعاية والمساعدة اللازمة لضحايا جريمة الإتجار بالبشر والتي تشمل تأسيس دار إيواء مخصصة لاستقبال الضحايا وتوفير الخدمات الصحية والنفسية لهم لضمان إعادة إدماجهم في المجتمع بشكل طبيعي.
وأشارت إلى أن التعاون المشترك بين الأجهزة المعنية بالدولة ومكونات المجتمع المدني هو نقطة الإنطلاق لتحقيق الهدف المنشود ، وهو ما سعت دوما لتحقيقه كما أن تعاونها مع الهيئات التابعة لمنظمة الأمم المتحدة والجهات المانحة هو انعكاس لمصداقية عملها وجدية تعاملها مع القضية.
وقالت جبر :إن لدى اللجنة هذا العام برامج مستمرة من تدريب وتوعية وتنمية في إطار تنفيذ النصف الثاني من الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الإتجار بالبشر ( 2016-2021 ) ..منوهة بالإنجازات التي حققتها اللجنة ومنها إصدار الدليل الإرشادى لجمع الأدلة والتحقيق والملاحقة فى جرائم الاتجار بالبشر وحماية الضحايا فى سياق إنفاذ القانون.
وتابعت : إن التوعية هي سلاح ذو فاعلية لاتقل عن أنشطة الردع من خلال أجهزة إنفاذ القانون ونحن فى مصر من خلال تفعيل جميع هذه الأنشطة نسعى إلى تعزيز عملية الحماية للفرد والمجتمع وهو الهدف الأسمى والواجب الذي نسعى جاهدين لتحقيقه .. مشيرة في هذا الصدد إلى أنه تم إعداد برنامج إذاعي في صورة دراما للتعريف بمخاطر الإتجار بالبشر، سيتم إذاعته فور انتهاء موسم الإجازات الصيفية ليحظى بدرجة استماع كبيرة.
وقالت : "تم الانتهاء من الفيديوهات التعريفية لأشكال جريمة الإتجار بالبشر بمشاركة الفنان آسر ياسين متطوعا وستشارك فيها في مرحلة لاحقة الفنانة نيلي كريم"..مشيرة إلى أن هذه الفيديوهات المبسطة التي تم عرض بعضها في رمضان الماضي هي حلقة في سلسلة من الأنشطة التي تضمها "أول حملة إعلامية وطنية لمكافحة الإتجار بالبشر"، بالاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي في نشر مكونات الحملة وكذلك وسائل الإعلام بكافة أشكالها على نطاق واسع بالإضافة إلى إمكانية استثمارها من قبل منظمات المجتمع المدني خاصة في القرى التي تشهد حالات للجريمة.
وأفادت بأن تلك الجهود تستهدف حشد الرأي العام من خلال التوعية وكسب مؤيدين جدد ضد ممارسات الإتجار بالبشر، الأمر الذي من شأنه إيصال رسالة قوية بأهمية المشاركة المجتمعية في مكافحة الإتجار بالبشر وحفز المسئولية المجتمعية عبر تسليط الضوء على العقوبات القانونية وقنوات الإبلاغ عنها وخدمة الرعاية والمساعدة لضحايا الجريمة وسريتها.
وفي حديث خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط .. قالت السفيرة نائلة جبر إن اللجنة حظيت بالعديد من الإنجازات والأنشطة في مجال مكافحة الإتجار بالبشر ومنها "صياغة عقد العمالة المنزلية " الإسترشادي الذي ينظم العلاقة بين العامل في المنزل ورب البيت ، وإعداد خريطة توضح مدى انتشار جرائم الإتجار بالبشر في المحافظات خلال الفترة من 2014 إلى 2017 بالإضافة إلى أنه جاري حاليا الانتهاء من تجهيز دار إيواء مخصص لضحايا الإتجار في البشر.
وأضافت : إن اللجنة عملت على رفع كفاءة الخطوط الساخنة التابعة للمجلسين القومي للطفولة والأمومة والقومى للمرأة وقامت وزارة التضامن الاجتماعى بتنفيذ مشروعات تعزز الوقاية من جريمة الإتجار بالبشر وحماية ضحاياها إلى جانب جهودها في تعزيز آلية الإحالة الوطنية لمساندة الضحايا لضمان تسريع الاتصالات بين جهات إنفاذ القانون والأطراف الوطنية المعنية بتقديم الدعم والحماية للضحايا.
وأشارت إلى انضمام مصر "لحملة القلب الأزرق العالمية" الهادفة لرفع الوعى بشأن جريمة الإتجار بالبشر وحماية ضحاياها وقيام مركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام بعقد دورات تدريبية تتضمن شق خاص بمكافحة الجريمة للمسئولين من مخلف الدول الإفريقية وإعداد الكتيبات والأدلة الإرشادية المتخصصة للجهات المعنية بمكافحتها، وعقد دورات تدريبية في هذا المجال للمعنيين بملف الإتجار في الوزارات والهيئات المصرية ، وتنظيم عدد من الفعاليات لرفع مستوى الوعي بشأن الجريمة وحماية الضحايا.
وقالت السفيرة نائلة جبر : "إن الإتجار بالبشر جريمة خطيرة وانتهاك صارخ لحقوق الإنسان يمس الآلاف من الرجال والنساء والأطفال ممن يقعون فريسة في أيدي المتاجرين سواء داخل دولهم أو خارجها ، ورغم ما تحمله تلك الجريمة من اسم صادم إلا أنها تمس وتهدد جميع أفراد المجتمع بحيث قد يصبحون أحد ضحاياها".
وأوضحت أنها جريمة تتنوع في شكلها بخمس صور هي الإتجار بالأعضاء البشرية ، الاستغلال الجنسي، زواج الصفقة ، العمل القسري ، واستغلال الأطفال بلا مأوى (أطفال الشوارع) ، وتبدأ أغلب تلك الجرائم باستغلال يأس
وعوز وفقر الضحية وظروفه الإقتصادية ، ويكون الجاني في أحيان كثيرة من المقربين من الضحية حيث يتم الإغراء بالمال والكثير من المزايا والوعد بحياة أفضل أو التهديد واستخدام القوة والعنف مع الضحية.
وقالت إن التجربة المصرية جديرة بأن تكون مثالا يحتذى في الدول الأفريقية الشقيقة خاصة وأنها منفتحة على كافة أشكال التعاون الممكن من خلال تبادل المعلومات والمعرفة وأفضل أساليب العمل والتجارب بالإضافة إلى التعاون التشريعي، والقضائي، والعملياتي..مشيرة إلى مشاركة الاشقاء الأفارقة من المتدربين في ورشة العمل الخاصة بمكافحة الهجرة غير الشرعية والإتجار في البشر التي يقيمها مركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات وبناء السلام.
وأوضح تقرير لوكالة أنباء الشرق الأوسط ، أن احتفال العالم باليوم العالمي لمكافحة الإتجار بالبشر حمل هذا العام شعار "اتصل بحكومتك للعمل على القضاء على الإتجار بالبشر" وأن الإتجار بالبشر يمثل نشاطا تجاريا كبيرا ، وقد أسهم تدفق اللاجئين إلى أوروبا مؤخرا في خلق ثغرات سهلت استغلال الشبكات الإجرامية لهم في تجارتها.
وعلى رغم صعوبة تقييم حجم المشكلة عالميا بسبب طبيعتها السرية إلا أن هناك أرقاما صادمة تعكس مدى خطورتها وتداعياتها كجريمة منظمة عابرة للحدود متنامية في العالم ، كما تعكس الثمن الإنساني الفادح الذي يدفعه ضحايا الشكل الحديث للرق والعبودية ، حيث يبلغ عدد ضحاياها على مستوى العالم حوالي 27 مليون نسمة ، ويقدر عدد الضحايا في أوروبا بحوالي مليون وربع المليون شخص.
كما يقدر حجم تجارتها المربحة من 152 مليون دولار إلى 228 مليونا تشهد تدفقا سنويا ، بسبب الحلقة المفرغة من الاستغلال المستمر فيما تقدر منظمة العمل الدولية ، ضحايا العمل القسري في جميع أنحاء العالم ، بأنه تخطى 40 مليون شخص حول العالم ، وأنه يعد كارثة إنسانية بكل المقاييس وينتشر بشكل واسع عالميا ، وينتج أرباحا سنوية قدرها 150 مليار دولار وهذا يتجاوز بكثير أرباح أكبر ثلاث شركات مجتمعة تعمل فى "وادى السيكون بالولايات المتحدة الأمريكية" .
وتشير البيانات الصادرة عن الهيئات المتخصصة إلى أن العائد السنوي للاستثمار في ضحايا الاتجار بالبشر يمكن أن يصل إلى 500 % فيما يصل إلى ألف في المائة لضحايا تجارة الجنس ، وأن الأطفال يمثلون ثلث ضحايا الاتجار بالبشر في العالم ، وتمثل النساء والفتيات 79 % من حركة مرور الجريمة في العالم.
وأفاد بيان مشترك لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف"، ومجموعة التنسيق المشتركة بين الوكالات المعنية بمكافحة الاتجار بالبشر بأن ما يقرب من 28 % من ضحايا الاتجار الذين تم التعرف عليهم في مختلف أنحاء العالم هم من الأطفال ، وأن هناك حوالي 246 مليون طفل عامل تتراوح أعمارهم بين 5 إلى 17 عاما حول العالم أكثر من 171 مليون طفل منهم يعملون في ظروف وقطاعات خطرة كالمناجم ووسط الآلات الخطرة والمواد الكيميائية.
وتمثل النساء والفتيات أكبر نسبة من الضحايا المتاجر بهم لأغراض الاستغلال الجنسي في حين يشكل الرجال أكبر نسبة من ضحايا الإستغلال لأغراض العمل ومع ذلك يتم الإتجار بالنساء في أغراض العمل القسرى لاسيما في قطاعات مثل العمل في المصانع والأعمال المنزلية، وهناك نسبة أعلى من الأطفال الذين يتم الإتجار بهم فى أعمال التسول.
الإتجار بالبشر جريمة قاسية تحدث في كل مكان حولنا ، ومعدلات الأشخاص الذين يقعون في براثنها داخل دولهم تضاعف في السنوات الأخيرة إلى 58 % من جميع الضحايا الذين تم اكتشافهم.
ومكافحة تلك الجريمة لا يمكن أن تكون كافية دون تعاون فعال على المستويين الإقليمى والدولى ، كما لا يمكن أن تكون فعالة في بلوغ أهدافها بدون معالجة أسبابها الجذرية كالفقر والجهل ، والأمر يستوجب ضرورة تكاتف جميع فئات المجتمع للقضاء على تلك الجريمة التي توصف بأنها صورة من صور العبودية الحديثة حيث تتعامل عصابات الإتجار بالبشر مع الإنسان كسلعة وتقوم باستغلال ظروفه المعيشية الصعبة وخداع الضحايا تحقيقا لمكاسب مادية طائلة.
ومحاربة جريمة الإتجار بالبشر لا تقتصر على جهات إنفاذ القانون، ولكن تستوجب العمل على رفع مستوى الوعي العام بها ، من خلال تعريف المواطنين بمختلف أشكالها ألا وهي العمل القسري، الاستغلال الجنسي، زواج الصفقة والإتجار بالأعضاء البشرية، الأمر الذي يسهم بشكل كبير في القضاء على تلك الجريمة النكراء ومعاقبة الجناة.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد اعتمدت في عام 2010 خطة العمل العالمية لمكافحة الاتجار بالأشخاص، وحثت الحكومات في جميع أنحاء العالم على اتخاذ تدابير منسقة ومتسقة لهزيمة هذه الآفة الاجتماعية.
وحثت الخطة على إدراج مكافحة الإتجار بالبشر في برامج الأمم المتحدة بشكل موسع من أجل تعزيز التنمية البشرية ودعم الأمن في أنحاء العالم ، وكانت إحدى الأمور المجمع عليها فى خطة الأمم المتحدة هي إنشاء صندوق الأمم المتحدة الاستئماني للتبرع لضحايا الإتجار بالبشر وخاصة النساء منهم والأطفال.
وفي عام 2013 ، عقدت الجمعية العامة اجتماعا رفيع المستوى لتقييم خطة العمل العالمية لمكافحة الإتجار بالأشخاص واعتمدت الدول الأعضاء القرار رقم 192/68 ، والذي أقرت فيه اعتبار يوم 30 يوليو من كل عام يوما عالميا لمناهضة الاتجار بالأشخاص، ويمثل هذا القرار إعلانا عالميا بضرورة زيادة الوعي بحالات الإتجار بالأشخاص والتوعية بمعاناة ضحايا الاتجار بالأشخاص وتعزيز حقوقهم وحمايتها.
وفي سبتمبر عام 2015، اعتمد العالم جدول أعمال التنمية المستدامة 2030 بما فيها أهداف وغايات بشأن الاتجار بالبشر تدعو إلى وضع حد للاتجار بالأطفال وممارسة العنف ضدهم، واتخاذ التدابير الازمة لمكافحة تلك الجريمة سعيا إلى إنهاء كافة أشكال العنف ضد المرأة والفتاة واستغلالهم.



