حلم البلاستيك الآمن صحيا يتحقق
كتب - عماد عبد المقصود
شهد منتصف القرن العشرين ثورة صناعية حقيقية لم يعرفها الإنسان من قبل. ومن ضمن الصناعات التي شهدت تطورا هائلا صناعة بعض المركبات والمواد التي كان من أهمها على الإطلاق إنتاج البلاستيك، الذي تم استخدامه في كافة نواحي الحياة العملية نظراً للميزات العديدة التي يتمتع بها، ومن أهمها سهولة تشكيله وتصنيعه بالإضافة إلى انخفاض التكلفة وعدم النفاذية للماء مما أدى إلى تحسين حياة الناس اليومية والحياتية.
وقد تضاعف الإنتاج العالمي من هذه المواد المهمة بشكل كبير جداً، مما حدا بالباحثين إلى إطلاق اسم عصر البلاستيك على النصف الأخير من القرن الماضي.
يتم استخدام المواد البلاستيكية في العديد من المنتجات أدناها محافظ الورق وأعلاها أجزاء من المركبات الفضائية.
لقد تفوقت المواد البلاستيكية على المواد التقليدية، مثل الخشب والحجر وقرون وعظام وجلود الحيوان والمعادن والزجاج والسيراميك، في تصنيع بعض المنتجات التي كانت سابقا تصنع من المواد الطبيعية.
والمواد البلاستيكية تشمل العديد من المركبات الكيميائية العضوية المعروفة باسم بوليمرات.. وتأتي مادة بولي فينيل كلوريد في المركز الثالث من حيث الأوسع انتشارا بين مجموعة من البوليمرات الصناعية. للبولي فينيل كلوريد العديد من الاستخدامات في المجال الطبي أيضًا، مثل القسطرة وغيرها من الأجهزة الطبية الأخرى.
لكن تكمن المشكلة الكبيرة في تراكم الكائنات الحية الدقيقة المرتبطة بأسطح المنتجات البلاستيكية لتكون في النهاية غشاء حيويا والذي يشكل مخاطر صحية للمرضى.
لذلك ركزت الدراسات الحديثة على تصميم نوع جديد من المنتجات البلاستيكية المضادة للبكتيريا عن طريق تحضير مركبات البولي فينيل كلورايد المضادة للبكتيريا.
وامتدادا للأبحاث الدولية، قام د. سمير جاب الله مع فريق بحثي بقسم الكيمياء الضوئية بإجراء العديد من الأبحاث التي تهدف إلى تحسين الخواص المضادة للبكتيريا لمادة البولي فينيل كلورايد من خلال دمجه كيميائيا بمركبات عضوية مضادة للبكتيريا مثل الثيازولات.
وعلى محور آخر، تم دمج البولي فينيل كلوريد مع الشيتوزان. وكما هو معروف فإن الأخير لديه سلامة عالية، سمية منخفضة، توافق حيوي جيد، وقابلية للتحلل الحيوي ولديه خصائص كيميائية مستقرة، ولذلك فإن لديه مجموعة واسعة من التطبيقات في مجالات الطب والغذاء والكيماويات وغيرها من المجالات، وهو يستخدم على نطاق واسع في الطب كضمادات الجروح على سبيل المثال.
كيميائيا، يحتوي الشيتوزان على كمية كبيرة من مجموعات الهيدروكسيل والأمين مما يساعد على سهولة عملية تحويره بمواد أخرى عن طريق تكوين روابط كيميائية تساهمية.
كما أن المجموعات الأمينية الكثيرة تميل إلى تكوين الكاتيونات بسهولة في ظل الظروف الحمضية وبالتالي تثبط نمو البكتيريا.
وتم تدعيم نشاط البولي فينيل كلورايد المضاد للبكتيريا أيضا من خلال دمج جزيئات نانومترية من الفضة والنحاس في جميع أنحاء المصفوفة لما تتميز به المواد النانومترية بأن لديها طيف واسع من القدرة المضادة للبكتيريا بسبب السمية الخلوية القوية لخلايا البكتيريا. كما أوضحت صور الميكروسكوب الإلكتروني النافذ بأن المواد المضادة للبكتيريا أدت إلى تلف غشاء الخلية البكتيرية والذي يؤدي لمنع تخليق البروتين، وفي النهاية يتسبب ذلك في قتل البكتيريا.
أظهرت النتائج أن التأثيرات المضادة للبكتيريا لمركبات بولي فينيل كلوريد المعدلة والمطعمة بالجسيمات النانومترية ضد الإشريشيا قولاي والمكورات العنقودية الذهبية، على سبيل المثال، كانت تتراوح بين 95 - 99 ٪ مقارنة بالأمبيسيللين.
تشير نتائجنا إلى أن مثل هذه الأنواع من مركبات بولي فينيل كلوريد المضادة للبكتيريا لها إمكانات كبيرة في مجموعة واسعة من التطبيقات البلاستيكية الأكثر أمانًا.



