عاجل
الأحد 28 سبتمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
البنك الاهلي
يمر الحلو والمر

يمر الحلو والمر

ستمر بإذن الله أزمة فيروس "كورونا" مثلما يمر كل حلو ومر.



ستتحول مع الوقت إلى ذكرى وحكاية يحكي عنها الناس. أذكر عندما كان مرض الأيدز جديدا أن الناس كانوا مصابين بحالة من الهلع نتيجة عدم التأكد من وسائل العدوى منه، وكان البعض يمنع الأبناء من الإستمتاع بحمامات السباحة ظنا منهم أن من الممكن انتقال المرض عبر المياه. إلى أن استقرت المعلومات حول الوسائل المحددة علميا لانتقاله فهدأ المتخوفون تدريجيا.

فمع كل مرض جديد، وبسبب عدم توفر المعلومات العلمية الدقيقة حوله، فإن البعض ينتابه نوع من الهلع والتهويل، مثلما يجري الآن مع فيروس كورونا، فهناك أبحاث ذكرت أن الفيروس يظل على الأسطح لمدة 12 ساعة، لكن أبحاثا أخرى رصدت أنه قد يستمر 3 أيام وربما 9 أيام. كل هذا يؤدي إلى حالة من التوتر في غسل الأيدي وتعقيم الأسطح. وهي حالة في الغالب ستتحول إلى حكايات نرويها بعد انتهاء الأزمة بإذن الله كذكرى. وربما نحكي عن وجود ناس مرعوبة من المرض وناس مرعوبة من انقطاع مصدر الدخل بسبب توابع المرض.

ومثلما سنحكي عن السلبيات ففي الغالب سوف نحكي عن السيدة التي أعدت أكياسا بها برتقال وجوافة وموز وتجولت توزعها على الناس في الشارع لرفع المناعة عن طريق الفيتامينات الطبيعية، ونحكي عن الشاب الذي وزع رقم تليفونه على سكان الحي كي يتولى القيام بتوصيل ما يحتاحه كبار السن من طلبات حتى لا يعرضوا أنفسهم للعدوى في ظل مناعة أجسادهم التي هي عادة أضعف من الشباب. ونماذج عديدة لمن يتعاملون مع المحنة كمنحة من الله ويداوون المرض بالصدقات موقنين أنه لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، دون أن يتكاسلوا في الأخذ بالأسباب، ودون أن توصلهم أجواء الحالة العامة إلى الجزع.

وليست الأمراض أو الأوبئة فقط هي التي تتحول إلى ذكرى، إنما العديد من الاحداث المأساوية التي كان الناس في حالة رعب منها، تحولت مع الزمن إلى حكاية. من هذه الأحداث التي كانت مدوية في زمانها إنفجار مفاعل "تشيرنوبيل" النووي، وقد ارتبط عندي بسنة ميلاد ابني الأكبر جمال، وأذكر جيدا حتى الآن خوفي عليه في ذلك اليوم الذي أظلم فيه نهار القاهرة وأعقب الظلام سقوط أمطار لونها غير صاف فتعامل الناس بتخوف شديد من شراء الخضروات والفواكه الطازجة، وبخوف أكبر تجاه شراء المكسرات المستوردة في رمضان تخوفا من أن تكون قد تعرضت لأمطار حمضية في البلاد التي تم استيرادها منها خصوصا من تركيا باعتبارها قريبة من روسيا. الحدث الآخر الذي ظل الكثيرون في حالة رعب منه هو الزلزال الشهير في مصر في أكتوبر 1992.

وإذا كان انفجار تشيرنوبيل قد ارتبط في ذاكرتي بأنه قد وافق ميلاد ابني الكبير "جمال"، فإن الزلزال قد ارتبط في ذهني بميلاد ابني الثاني "محمد" بعد شهر من وقوعه، حيث ظلت له توابع لمدة طويلة، وكان البعض يخوفني من أن تحدث أحد توابع الزلزال خلال الولادة فيترتب على ذلك مشكلة في إجراء الولادة أو فوضى داخل الغرفة.

والحمد لله ربنا ستر ومرت الأمور بسلام. ثم بعد قصص الخوف تحولت الذكريات إلى التحدث عن نوادر ذلك اليوم العجيب.

كذلك ما يجري الآن بإذن الله سيمر، ويتحول إلى حكاية يرويها الناس عن الابتلاءات المتتابعة التي شهدناها من عاصفة جبارة ورعد وبرق وأمطار وسيول، تبعها عكارة في ماء النيل، في صحبة "فيروس" مستجد يحصد أرواح ويروع أبرياء. سيمر المر مثلما مر الحلو.

نسأل الله أن يلطف، وأن نتعظ، أن نستغفره ونتوب إليه، وأن نؤمن بأن له حكمة في كل أمر ونتوكل عليه.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز