عاجل.. مسؤول أممي: الاقتصاد المصري سينمو بقوة في 2021 متجاوزا كورونا
أكد خالد حسين مدير مكتب شمال إفريقيا بلجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لإفريقيا، أن آثار أزمة فيروس كورونا "كوفيد-١٩" على الاقتصاد المصري ستكون أقل من الأزمات الاقتصادية السابقة، مشيرا إلى أن الأزمة الراهنة هي أزمة عارضة قصيرة المدى لا تتجاوز الأشهر وستؤثر على النمو الاقتصادي لعام ٢٠٢٠، وسيعود الاقتصاد المصري للنمو وبقوة في العام القادم ٢٠٢١ لاستكمال مسيرة التنمية.
واستشهد خالد حسين في حوار مع "أ ش أ" بأن مصر ولمدة سنوات متتالية، حققت أعلى معدلات نمو في منطقة شمال إفريقيا، كما استطاعت خلال الأعوام السابقة من إرساء بنية تحتية حديثة ستمكنها من استكمال الانطلاقة الاقتصادية ولمدى بعيد.
ودعا إلى عدم القلق من هذه الأزمة وعدم إعطائها أكثر من حجمها الطبيعي..موضحا أن مصر تعتمد على ٥ قطاعات رئيسة لتوفير النقد الأجنبي، وهي بالترتيب حسب الأهمية: تحويلات العاملين بالخارج والصادرات السلعية ثم السياحة ثم الاستثمار الأجنبي المباشر ثم عائدات قناة السويس، وهذه القطاعات الخمس يشكلون ٣٠% من إجمالي الناتج الإجمالي المصري.
ولفت إلى أن أزمة فيروس كورونا الراهنة تختلف عما سبقها من الأزمات في أنها ستؤثر سلبا على الخمسة موارد الرئيسة للنقد الأجنبي لمصر، في حين أن الأزمات السابقة كانت تؤثر في أغلب الأحيان على مصدر واحد أو اثنين على الأكثر من مصادر العملة الصعبة، ومع ذلك فإنها ستكون أزمة عارضة يتجاوزها الاقتصاد المصري ليعاود النمو مجددا.
وقال إن مصر كانت من الدول التي استطاعت الحد من الآثار السلبية للأزمة، حيث وضعت الحكومة منذ اليوم الأول للأزمة الإنسان قبل الاقتصاد، وقدمت تدابير بقيمة ١٠٠ مليار جنيه من الاحتياطات العامة للدولة المخصصة للتعامل مع الظروف الاستثنائية واتاحت 3.8 مليار جنيه لدعم القطاع الصحي ووفرت من الموازنة الاحتياطية سيولة عاجلة للهيئات السلعية والخدمية في حدود 12.7 مليار جنيه لتلبية احتياجات المواطنين من السلع الأساسية وخصصت ١٠ مليارات جنيه لتمويل شراء القمح المحلي.
وأضاف أنه فيما يتعلق بدعم الصناعة والصادرات، قامت الحكومة المصرية بتخفيض سعر الغاز الطبيعي والكهرباء للأنشطة الصناعية، كما كان للبورصة المصرية نصيب من تلك الحوافز من خلال خفض ضريبة الدمغة على تعاملات المقيمين وغير المقيمين.
كما كان للبنك المركزي المصري دور حاسم بتأجيل الاستحقاقات الائتمانية للعملاء من المؤسسات والأفراد لمدة ستة أشهر، مما خفف من وطأة الأزمة على قطاع الأعمال والأسر المصرية.
وقال خالد حسين إن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لإفريقيا أجرت دراسة عن الآثار الاقتصادية لفيروس كوفيد-١٩ على قارة إفريقيا بشكل عام، أظهرت أن النمو الاقتصادي للقارة سيتأثر سلبا بشدة، موضحا أنه في حالة انحصار الأزمة خلال الشهرين القادمين سينخفض النمو الاقتصادي المتوقع لعام ٢٠٢٠ في إفريقيا من ٢ر٣% إلى ٨ر١ % إذا لم تدم الأزمة أكثر من شهرين قادمين، ولكن في حالة امتداد الأزمة إلى ما بعد الصيف، ستدخل القارة ولأول مرة منذ عقود في حالة من الانكماش الاقتصادي في حدود - ٦ر٢% في الاقتصاد الإفريقي بنهاية عام ٢٠٢٠.
وأضاف أن اللجنة تتوقع أيضا أن تكون الصادرات الإفريقية من أكثر القطاعات تأثرا بالأزمة حيث انخفضت حتى الآن أسعار الصادرات الإفريقية بنسبة ٦٧% ، فعلى سبيل المثال انخفض سعر البترول الذي يمثل حوالي ٤٠% من صادرات إفريقيا، بحوالي ٥٠%، كما انخفض سعر القطن والمنسوجات بحوالي ٢٦%، وانخفضت أسعار المعادن الأخرى بحوالي ٢٠%، في حين ارتفعت أسعار الذهب منذ بداية الأزمة بحوالي ٥%.
وبالنسبة لقطاع النفط في إفريقيا، أشار إلى أن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية تتوقع أن يحقق هذا القطاع خسائر قدرها ٦٥ مليار دولار بسبب الأزمة الحالية، ويكون نصيب نيجيريا وحدها منها ١٩ مليار دولار ، بينما ستوفر الدول الإفريقية المستوردة للنفط مثل المغرب وأثيوبيا وغينيا حوالي ٢٠ مليار دولار، وفي الإجمالي ستكون خسائر الدول الإفريقية الصافية في قطاع البترول في حدود ٤٥ مليار دولار.
وحذر خالد حسين من أن القيود المؤقتة المفروضة على التجارة الدولية لبعض الدول قد تؤثر سلبا على قطاع الأدوية، داعيا إلى تفعيل اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية وخاصة في قطاع الدواء، مشيرا إلى أن مصر والمغرب وكينيا وجنوب إفريقيا وهي الدول التي تتمتع بميزة نسبية في إنتاج الدواء، يمكنها أن تزيد من صادراتها من الدواء وخاصة إلى الدول الإفريقية، معتبرا أن الأزمة الراهنة يمكن أن تمثل فرصة لتعزيز التعاون التجاري الإفريقي ولاسيما في قطاع الأدوية.
وفيما يتعلق بالآثار الاقتصادية لفيروس كوفيد-١٩ على منطقة شمال إفريقيا، قال خالد حسين إن منطقة شمال إفريقيا استطاعت في العقدين الماضيين تحقيق تقدم مثير للإعجاب والحد من الفقر وتحسين الخدمات الأساسية في مجالي التعليم والصحة، ووصلت دول المنطقة مع نهاية عام ٢٠١٩، إلى منتصف الطريق لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، غير أن الأزمة الحالية تهدد منطقة شمال إفريقيا بخسارة جزء مهم من إنجازات التنمية.
ولفت خالد حسين إلى أن الحد من الآثار الاقتصادية السلبية لفيروس كوفيد-١٩ يتطلب اتخاذ إجراءات جادة وسريعة منذ بداية انتشار الفيروس والدول التي بدأت في اتخاذ إجراءات احترازية وتفعيلها بسرعة هي الدول التي حدت من انتشار الفيروس ومن الآثار الاقتصادية السلبية له، وهنا هناك عاملان مهمان هما عامل الوقت والقدرة على اتخاذ وتنفيذ حزمة من الإجراءات والتدابير، للتقليل الآثار الجانبية لهذه الأزمة. وأشار إلى أن اللجنة الاقتصادية لإفريقيا اتخذت من اليوم الأول للأزمة مبادرة بدراسة آثار الأزمة على اقتصاديات الدول الإفريقية، ودعوة المجتمع الدولي إلى تقديم دعم فوري لإفريقيا في حدود ١٠٠ مليار دولار، منها ٤٤ مليار دولار لشطب فوائد ديون عام ٢٠٢٠ عن جميع الدول الإفريقية، وفي حالة امتداد آثار الأزمة إلى العام القادم فلا بد أن يدعم المجتمع الدولي إفريقيا بـ٥٠ مليار دولار أخرى لعملية إعادة البناء والإصلاح الاقتصادي، واستمرار شطب فوائد الديون الإفريقية ليس فقط لعام ٢٠٢٠ وإنما لمدة عامين على الأقل. وأطلقت اللجنة الاقتصادية لإفريقيا هذه المبادرة بالتنسيق مع وزراء المالية الأفارقة خلال الاجتماعين الذين عقدا للخروج بهذه المبادرة، والتي شملت أيضا التضامن الإفريقي لمواجهة هذه الأزمة والحاجة الملحة إلى التحفيز المالي لاحتواء هذه الأزمة، وذلك بالتنسيق مع الاتحاد الإفريقي والمنظمات الدولية مثل البنك وصندوق النقد الدوليين. وأضاف أن الاجتماعات والدراسات مستمرة لبحث تداعيات الأزمة الراهنة والحد من آثارها، مشيرا إلى أن الأمم المتحدة تقوم حاليا بتقييم الوضع الاقتصادي والاجتماعي سواء على المستوى القاري أو شبه القاري مثل منطقة شمال إفريقيا، بهدف إجراء دراسات أكثر عمقا لمواكبة تطورات الأزمة وتداعياتها من خلال المتابعة المستمرة وذلك بمشاركة الحكومات وايضا القطاع الخاص.
وأوضح خالد حسين أن اللجنة الاقتصادية لإفريقيا حاليا تتواصل مع شركات الاتصالات الكبرى في إفريقيا للوقوف على كيفية دعم شركات الاتصالات لقطاع الأعمال من خلال التكنولوجيا المتاحة حاليا لاستمرار العمل للحد من اثار الأزمة على الإنتاج.
وأشار إلى أن اللجنة الاقتصادية لإفريقيا دعت العالم وليس فقط إفريقيا إلى فتح الحدود ورفع القيود عن التجارة والتنسيق لتسهيل إجراءات التخليص الجمركي خاصة للأجهزة الطبية، وكذلك دعم عمال النقل لانه قطاع مهم جدا والأمم المتحدة حريصة على أن تتعاون الدول من أجل تسهيل عملية التجارة والإنتاج.



