"أجنحة الغضب" أشرس معارك البحرية
عزيمة الجندي المصري وعقيدته لا تقهر حتى في أحلك الظروف، فالمقاتلون المصريون لم يستسلموا وسطروا عدة بطولات على أرض المعركة لتدور أشرس المعارك ونرى أساطير الطيارين المصريين منهم فوزي سلامة.
الفيلم الوثائقي "أجنحة الغضب" في جزئه الأول يسرد بطولات عدد من الطيارين العسكريين الذين خاضوا تلك المعارك، ويكشف الغطاء عن أبطال سطروا أسماءهم بحروف من ذهب في التاريخ.
الفيلم مدته 45 دقيقة يتضمن تقنية الجرافيك و 3dفي إعادة إحياء معارك بطولية، كما يتضمن الفيلم شهادات عدد من الطيارين المقاتلين الذين شاركوا بتلك المعارك.
وأوضح الفيلم انه بعد مرور ما يقرب من نصف قرن على هزيمة يونيو، ما زال الكثير من الأحداث غير معروف للجميع، والكثير من البطولات ماتت مع أبطالها، المئات من الروايات اختفت في أدراج التاريخ وعليها تراب الماضي، وبعد ساعات قليلة على بدء الجولة العربية الإسرائيلية الثالثة، ما زال دخان المعركة يملأ الأجواء.
في الخطوط الخلفية للقوات المصرية سير المعارك لا يزال غير واضح للجميع، الضباط والجنود لا يعرفون حقيقة ما يحدث والأخبار الواردة متضاربة والرؤية ضبابية فالبيانات العسكرية تتناقض تماما مع وكالات الأنباء العالمية، ووصول أفواج من الجيش المصري في حالة يرثى لها إلى مدن القناة جعل الأمر ليس كما تذيعه إذاعة صوت العرب لانتصارات مبهرة بل أصبح الأمر يدعو للريبة والخوف لوقوع كارثة لا يعلم أحدا حجمها.
وردت رسالة مشفرة على درجة عالية من الأهمية والخطورة، إلى الرائد سعيد شلش قائد سرب ميج 19 بمطار القاهرة الدولي، الذي انتقل إليه من خلال ما تبقى من سربه، كلماتها قليلة لكن دلالات خطيرة، فإسرائيل ستشرع بعد ساعات، لتنفيذ مخططاتها لاحتلال شرم الشيخ، عبر إبرار قوات مظلات فوق المدينة الخالية لاحتلالها، وتوجيه ضربة عالمية جديدة وقوية لمصر، فصدرت له الأوامر بإجهاض هذه العملية ولم يكن عدد الطائرات الصالحة كبيرا.
5 يونيو
بعد ضرب الطيران الإسرائيلي في الـ5 من يونيو، أصبح عدد الطائرات محدود، وأصبح عدد الطيارين أكثر، وانتقى الرائد شلش 3 طيارين أكفاء، فاختار الرائد فتحي سليم، والرائد مصطفى درويش، والملازم أول عبد الرحيم صدقي، وبدأ في عرض خطة الاعتراض التي سينفذونها، وكيفية الاشتراك مع طيارات العدو، وطيارات الحماية وقرر أن يقود بنفسه الهجوم.
بعد دقائق من التلقين والتركيز، أقلعت الطائرات الأربع من مطار القاهرة الدولي، لاعتراض طائرات العدو وإجهاض عملية الإبرار الجوي فوق مدينة شرم الشيخ، واختار الرائد سعيد شلش، مسارا قصيرا إلى جنوب سيناء، لاحتفاظ بأكبر مخزون وقود ممكن لمعركته القادمة.
شهادة اللواء طيار عبد الرحيم عن إحدى المعارك
قال اللواء طيار، عبد الرحيم صدقي: أخذنا خط سير باعتبار ان الطيران الاسرائيلي سيحلق على ارتفاع 5 كيلو وسيكون المصري على ارتفاع 3 كيلو لتنفيذ الاعتراض، عليهم قبل وصولهم إلى منطقة شرم الشيخ.
لحظة الاشتباك
التحم التشكيل في الجو أثناء عبور البحر الأحمر ثم خليج السويس، متوجها إلى المكان المتوقع لطيارات العدو طبقا للرسالة المشفرة، شرع الطيارون في البحث عن طائرات العدو بالعين المجردة بعد تدمير معظم أجهزة الرادارات وأجهزة الاتصال في معظم القواعد الجوية اليوم الأول للقتال لكن ما الذي حدث فعلا في الخامس من يونيو?
في الساعة التاسعة إلا 15 دقيقة من صباح الخامس من يونيو، بينما كان المشير عبد الحكيم عامر وطاقم قياداته في السماء، متجهين إلى سيناء وقادة الجيش المصري في انتظاره، في مطار تمادا في سيناء، وجميع غرف القيادة خاوية والطيران المصري على الأرض والدفاع الجوي ممنوع من الضرب حماية لطائرة المشير كانت سماء مصر في انتظار الضربة الجوية الإسرائيلية.
في الثامنة وربع انطلقت 166 طائرة إسرائيلية من 5 قواعد جوية متجهة نحو البحر المتوسط، وعبر طريق مرسوم بدقة وإشارات تصحيح للمسار من سفينة التجسس الأميركي ليبرتي انطلقت الطائرات نحو الساحل المصري على أقل ارتفاع ممكن وبالقرب من بحيرة البردويل بشمال سيناء تفرقت الطيارات المهاجمة إلى 6 أقسام متجهة نحو القواعد الجوية المصرية في سيناء والقناة وهدفهم الأوحد إخراج الطيران المصري من المعركة.
في توقيت متزامن كانت الطيارات الإسرائيلية فوق الطيارات المصرية ووسط دهشة وذهول المصريين، ألقت الطائرات قنابلها مستهدفة ممرات الإقلاع كهدف مباشر وحيوي لمنع المصريين من التحليق، نجحت إسرائيل، فالمطارات المصرية كانت معدة وعلى أتم استعداد لكي تدمر بأقل مجهود، فالمطارات معظمها عبارة عن ممر إقلاع واحد بلا تحصينات للطائرات وبعضها حتى دون دفاع جوي لحمايتها.
شهادة اللواء عزيز
قال اللواء طيار سمير عزيز: أصبح طائرات الـ21 مقابلة لطائرات السوخوي وعند تفجيرات الـ21 تطلق صاروخها على السوخوي فيتم تفجير الجميع وأحيانا تنفجر السوخوي في الطائرات الـ21 وتُحرق خزانات الوقود فيشتعل الجميع.
الهجمة الأولى للطيران الإسرائيلي
لم تكن المهمة صعبة على الطيران الإسرائيلي في تعطيل أغلب المطارات الجوية في مصر، منذ الهجمة الأولى كان الأمر يشبه تدريبا لطلبة الكلية الجوية الإسرائيلية، لم يكن الدفاع المصري عن المطارات- إن وجد- أمام تلك لطائرات وهؤلاء الطيارين لتنفيذ مهمة، خاصة أن الطيارين الإسرائيليين أمضوا 6 سنوات على إخراج القوات الجوية المصرية بأسرع وقت، والمفارقة أن التدريب أصعب من التنفيذ.
قصة الخديعة يرويها الطيار المنصوري
وأوضح اللواء طيار أحمد كمال المنصوري، أننا تعودنا أن يضرب الطيران الإسرائيلي منذ حرب 1956 في الفجر، لذلك كان المصريون والطيارون في أتم استعداد، قائلا "بيكون في شد ع الآخر" منذ بزوغ ضوء الفجر حتى الساعة الثامنة والتاسعة صباحا، بعدها يذهب الجميع لتناول الإفطار وكأن الإسرائيليين يعرفون ذلك، لذا حضروا في الساعة التاسعة.
وقال اللواء عزيز ان الطيارين المصريين حققوا المستحيل، وقال انه ضرب إحدى الطائرات الاسرائيلية وعينه كانت في عين الطيار الذي عاد محاولا قتله الا انه اتجه باتجاهه واستطاع النجاة.
أسباب هزيمة يونيو
تورطت القيادة المصرية في العديد من الملفات ما أثر بالسلب على جاهزية الطيران المصري ومنها حرب اليمن وتقليص الميزانية وتقليص موارد حماية المطارات وتم الاكتفاء بالهالة الإعلامية بأننا أقوى طيران في الشرق الأوسط إلا أن 5 يونيو كشفت ما تورطت فيه مصر وأصبحت القوات البرية بلا غطاء وتسلل الطيران الاسرائيلي على وحداتنا في الصحراء.
مشاهد تدمير لوحداتنا
عرض الفيلم مشاهد مبكية عن تدمير الوحدات في الصحراء توضح مدى الفاجعة التي حدثت في يونيو، وعلى الرغم من ذلك حاول أبطالنا التصدي لهذا الغزو بكل بسالة، واستشهد بعضهم أثناء الاشتباك مع طائرات العدو.
يقول موشي ديان في مذكراته: إن أجهزة التنصت رصدت الانسحاب، فأصدر أوامره باحتلال المدينة مبكرًا يومًا كاملًا عن الخطة، وأقعلت طائرتان في حماية سرب ميراج كامل.
أشرس المعارك الجوية في السماء العربية
يلقي الفيلم الضوء على بعض المعارك الجوية والاشتباكات التي تمت بين الجانين المصري والإسرائيلي، على الرغم من حاله الطيران المصري وقتها.
سعيد شلش ورفاقه
كانوا يبحثون عن الطائرات الإسرائيلية المتجهة لاحتلال المدينة، ويروي اللواء طيار عبد الرحيم صدقي: المعركة ان التشكيل القتالي المصري كان مفتوحًا وكنا نسير فوق رأس سدر، وبدأت المعركة وتوجه الرائد شلش والرائد مصطفى درويش إلى الطائرات الصاعدة وضربوها وانفجرت طائرة ميراج والطيار قفز.
كما اشتبك فتحي سليم وعبد الرحيم مع أربع طائرات ميراج وقاما بإسقاط طائرتين داخل جبال سيناء.
دارت معركة جوية شرسة حتى الموت، والقتال محتدم، وبدأت عودة الطيارين الأبطال بسبب نفاد الوقود، إلا أن القدر لم يمهل أحدهم ليصاب ويحاول الهبوط بالطائرة سليمة ليهبط بمطار فايد ولكن مع نفاد الوقود لم ينج.
دمار المطارات والطيارون يتحدون المنطق
مع الدمار الذي حلّ بالمطارات المصرية، والذي أدى لشلل الطيران المصري بسبب القنبلة الفرنسية الصنع التي ألقاها الإسرائيليون على المطارات، وفشل احتواء أثر انفجار الممرات لكن الطيارين المصريين تحدوا المنطق والعقل، واستماتوا في الدفاع عن وطنهم وفي وسط كل هذا يخرج شاب لا يتعدى واحد وعشرين عامًا ليضرب طائرات العدو ليستشهد بصاروخ جوي من طائرة ميراج.
نبيل شكري وزميله
أقلع شكري مع صديقه حسن القصري، ليشتبكوا مع العدو وطار شكري بطائرة مخصصة للطيران الليلي، ولم يكن معه سلاح ليرى طائرة صديقه تحترق.
رضا العراقي وإيهاب
صدرت إليهما الأوامر لمهاجمة طابور مدرعات، قال اللواء طيار رضا العراقي: دخلنا منطقة رمانة لم نر طائراتهم الا عند اتجاهنا نحو البحر، وعند العودة بدأنا تفجير الدبابات.
معركة 14 -15 يوليو
الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عقب رفض الشعب المصري تنحيه بدأ في تعيين قادة مشهود لهم بالكفاءة وتم تعيين مدكور أبو العز كقائد للقوات الجوية.
وفي 14 يوليو حاول الإسرائيليون إنزال لنشات بقناة السويس ترفع علمهم في المنتصف فقامت القوات المصرية بالتصدي لهم، إلى جانب التصدي الشعبي، وتم تدمير أحد القوارب فاشتعل الجانبان.
قام مدكور أبو العز بالهجوم على مواقع العدو شرق القناة، وأحدث بهم خسائر كبيرة.
فوزي سلامة
قال اللواء طيار أحمد كمال المنصوري: لو كان عندنا 50 واحد مثل فوزي سلامة كان الإسرائيليون غادروا، فهو أسطورة من أجرأ الطيارين، الصغير يتعلم منه والكبير يحاول تقليده، أسقط أربع طائرات ميراج في معارك الاستنزاف دفعة واحدة في أقل من دقيقة.
كما وصفه زملاؤه ان قلبه حديد وشديد الوطنية ومتشوق للقتال، وحقق انتصارات كبيرة.
مدحت زكي ورفاقه
في معركة حامية ضمت فوزي سلامة ومدحت زكي وعادل المصري وفريد حرفوش وفاروق حمادة لتشتبك 6 طائرات ميج 21 مصرية مع 6 طائرات ميراج إسرائيلية.
ووصف اللواء طيار مدحت زكي المعركة قائلا اشتبكنا معهم وكانوا مثل سلسلة من طائرات الميراج وتم إسقاط أربع طائرات إسرائيلية من بين الست طائرات.
صدمة شعر بها الإسرائيليون بأن الطيارين المصريين يقاتلون بتلك القوة.
استقال مدكور وتولى أبو الغز شلبي الحناوي المسؤولية.



