عاجل
الخميس 11 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
اعلان we
البنك الاهلي
أزمة الأخلاق.. وثقافة الاستهلاك

أزمة الأخلاق.. وثقافة الاستهلاك

لطالما كتبت عن أزمة الأخلاق في مجتمعنا المصري، واضطراب السلوكيات وظهور عادات جديدة، لم نعهدها من قبل، وعنفوانية ودموية لدى الأطفال غير مسبوقة.



 

أصبح الكثير منا  يشعر بالضجر، على الرغم من رغد العيش وسعة الرزق، أصبحنا نشكو ولا نشكر، ونجحد ولا نحمد.

نئن ونتألم من منغصات خلقناها لأنفسنا، ثانويات  لا أساس لها، جعلناها لصيقة بحياتنا.

 

اسألوا أهلنا في القرى والنجوع، بل في المدن، كيف كان حالهم؟ وكيف كانت معيشتهم، وظروفهم الاجتماعية؟

 

ألم تسمعوا عن قانون مكافحة الحفاة، الذي سنه الرئيس عبد الناصر، لمكافحة عدم ارتداء الأحذية، اسألوا كيف كان الشعب يعيش أيام الاستعمار، وكيف كان ضيق الرزق؟

 

حتى الخبز، لم يكن من القمح، بل كان من  الذرة الرفيعة المريرة، قديدة الطعام لها غصة في الحلق، ولكن كان آباؤنا يجدون فيها الشهية لنظافة صدورهم، وطيب أخلاقهم وحميدة سريرتهم، 

 

ومع ذلك لم نر ما نشاهده الآن من انحدار أخلاقي شديد، وتدنٍ في الذوق العام، لم نقرأه أو نسمعه في أخبار السلف، وبالصدق أقول أصبحت الصدور خاوية، والعقول متحجرة، فارغة والأفئدة هواء، تدنٍ كبير في الثقافة وناقوس الخطر يدق. 

 

ماذا حدث؟ ما كل هذا الانفلات؟ ماذا أحدثت فينا ثقافة السوشيال ميديا؟

 

إن المعضلة الحقيقية، التي نواجهها الآن هي السوشيال ميديا، كارثة بكل المقاييس ساعدت في تدمير أخلاق المجتمع، خاصة  الشباب الصغير.

 

وهذا ما تؤكدة جرائم اليوم، نسبة كبيرة من الشباب ليس لهم معلومات جنائية مسجلة، دخلوا حديثًا إلى مسرح الجريمة، وهو ما يشكل صعوبات على أجهزة الأمن، فليس المسجلون فقط هم من يرتكبون الجرائم، بل شباب صغير دخلوا إلى مسرح الجريمة.. وغير مألوفين لأجهزة الأمن.

 

أرى أن برامج الفيس بوك، والتيك توك، واليوتيوب، وغيرها، تم استغلالها استغلالًا خاطئًا، بالأمس القريب شاهدنا طفل القاضي، وقبلها شباب ألقوا بعجوز في ترعة بسوهاج، وتم تصوير الواقعة ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، وهذه جرائم غير مألوفة على مجتمعنا، مواقع التواصل أصبحت تؤرق مجتمعنا المصري.

 

لا تجعلوني أقول إننا غير جديرين بهذه الحرية الواسعة على مواقع التواصل، فأصبح عدد كبير من أهلنا يُطالب بإغلاقها، والحقيقة أنا معهم، أنا ممن يطالبون بغلق مواقع التواصل الاجتماعي، التي جعلت عاداتنا وتقاليدنا هشة، اندفعنا إلى التقليد الأعمى في الملبس والمأكل والمشرب، حتي في الأخلاق، وللأسف الشديد أن الأخلاق العالمية الأمريكية، التي تسود العالم، أرى أنها أفضل مما نحن عليه الآن، أناس لا يعرفون الكذب، الكل يعرف ما له وما عليه، يقدسون قيمة الوقت والعمل.

 

يا سادة ظروف المعيشة، ليست شماعة لأخلاق المجتمع، نحن نعيش الآن أفضل عشرات المرات من ذي قبل، أفضل من معيشة الزمن الماضي، أقل دخل لأسرة مصرية لا يقارن مع أسلافنا.

 

الكبوة التي نعيشها، الآن، أننا خضعنا لذل ولذة ثقافة الاستهلاك، انحنت هاماتنا العالية أمامها، الأسر تتفنن اليوم في أنواع الطعام والشراب والملبس. 

 

وأصبحت الدخول تنحدر في قاع بحر ليس له قرار، في ثقافة استهلاك عمياء، مثل متطلبات الإنترنت وأنواع محروقات السيارات، وأشياء ثانوية يمكن لمئات الأسر الاستغناء عنها، شراء بلا حدود وبكميات في غير الحاجة، وعبث لا يصح، ثم إننا لا نقدر عليه. 

 

والحقيقة، أننا المسؤولون، ولا بد أن نقف عند هذا الحد، نحن من أغرقنا أنفسنا، وفرضنا على الأبناء، ما هم في غنى عنه وما نحن لا نطيقه، فأصبح المعتاد عادات، وأصبحت الثانويات لوازم.

 

وأنا هنا لا أطالبكم بالتأكيد بالعودة للوراء وزهد السلف، ولكن فقط أطالبكم بالعودة إلى العادات والأخلاقيات وتربية الأبناء، ولا تتركوهم في الهواء الطلق لموجات التطرف وفساد الأخلاق. 

 

علموا أولادكم الوسطية، وصحيح الدين والاعتدال في المأكل والملبس والذوق العام، وحسن المظهر، والنظافة الشخصية والبرستيج في التعامل واحترام الآخرين، وكيفية إدارة الحوار وحسن الاستماع.

 لا تنجبوا الأطفال، وتلقوا بهم خارج المنزل، لراحة رؤوسكم، لا تهتموا فقط بالبطون ولو حرصنا على تغذية عقولهم نصف الحرص على تغذية بطونهم، لما عشنا ما نحن فيه.. ربوا أولادكم.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز