نموذج ناجح من ذوي الهمم يحتذى بهم
رغم كل التحديات التي يواجهها في عناء السفر والتنقل من المنزل الي المدرسة والدروس ونبذه من قبل زملائه والنظرات الدونية التي لم يسلم منها سواء من بعض المارة او زملائه، لم تنل من إصراره وعزيمته علي مواصلة سبيل النجاح والتفوق.
طه محمود طه عامر ، 18 عاما، من قرية قمرونه مركز منيا القمح ، محافظة الشرقيه، منذ ان إلتحق بالمرحلة الابتدائيه، كانا مخصص له مقعداً وطاولة مختلفين تماماً عن غيرهم بذات الفصل الدراسي " يشبهون مثلهم في الحضانات" للجلوس عليهم لم يفارقوه طيلة ال 6 سنوات خلال الدراسة، لم يكفوا زملائه عن التنمر به " كانوا بيقولوا لبعض شوفو راسه كبيرة ازاي شوفو بيمشي ازاي" ما كان يثير غضبه ويكون رد فعله ،بكاؤه بجانب سخريتهم منه بسبب كبر حجم رأسه وقصر قامته وإنحناء ظهره، ويعود إلي والدته باكياً شاكياً لها ما حدث له من إهانه، قائلاً: "أنا ليه كده يا أمي وترد تقولي متزعلش دي إرادة ربنا انت كويس ومتشغلش دماغك بكلامهم الحمدلله علي كل حال" كثيراً ما ترافقه والدته مثل ظله و تدعمه وتشجعه وتتحمل غضبه وعصبيته وتقلباته، فضلاً عن مساعدتها بالمذاكرة والدروس، وإصطحابه الي مقر الدرس وتنتظره حتي الانتهاء، معبراً عن غضبه وكرهه لمادة اللغة الإنجليزية بسبب صعوبتها وخفض 14 درجة فيها من المجموع الكلي، بنتيجة الثانوية العامة، ومنذ إلتحاقه بالثانويه العامه، بدأ الاعتماد علي نفسه والمذاكرة بمفرده ، قدر إستطاعته، لأنه كان دائما يشعر بالارهاق والإجهاد من كثرة الدروس والمذاكرة، ولكن مع الصبر والتحمل والاجتهاد ومواصلة الليل بالنهار، حصل علي نسبة 93% في الثانويه العامه، ثم التحق بقسم تكنولوجيا التعليم بكلية التربية النوعية جامعة الزقازيق، وهي الكلية الأقرب إلى قلبه والتي يرغب بها، متمنياً أن يصبح صانع برامج ،وعميداً يومًا ما لكلية التربية النوعيه، ولا يرغب في أي شيء مادي.
تعلم استخدام الكمبيوتر، منذ الصغر من خلال شقيقه والمدرسة، بجانب أنه كان يتابع أحد أقرانه عند إستخدامه للحاسوب ببراعة، ما زاده حباً و شغفاً لمحاولة الغوص والتعمق في تفاصيله وكيفية التعامل معه، ولديه طموحاً أن يصبح مثله في استخدامه، ولهذا السبب إلتحق بهذا القسم، بحسب روايته، وعندما حان موعد الاختبار بالكلية، عرض أحد الأساتذة عليه الالتحاق بكليه أو قسم اخر ولكنه رفض رفضاً تاماً لرغبته وتمسكه الشديد بهذا القسم.
وخلال الاختبار بالكلية أشاد أحد الأساتذة، بجمال خطه، ورحب به قائلا: "أنت منور القسم يا طه"، متمنياً له النجاح والتفوق وحصوله على أعلى الدرجات لتحقيق حلمه.
من جانبه أوضح الدكتور عادل سرايا ،رئيس قسم تكنولوجيا التعليم بكلية التربية النوعية جامعة الزقازيق، طه محمود حصل علي 93% في الثانويةالعامة ، كانت رغبته أثناء ملئ إستمارة الرغبات الالتحاق بقسم تكنولوجيا المعلومات ،وعندما إلتقيت به فوجئت انه من ذوي الهمم وهو مصطلح موجود علي أصحاب القدرات الخاصة وهو من فئة الاقذام ، طوله يبلغ حوالي 53 سم ، وبسؤاله لماذا ترغب في الالتحاق بهذا القسم عن غيره، أجاب لأنني أحب التعامل مع الكمبيوتر واتمني ان أصبح مبرمج ،وأصنع برامج تعليميه للطلاب وأرغب في أن أكون يوتيوبر، لافتاً: كنت أظن أن قدراته العقليه ضعيفه ، فسألته في مهارات التفكير، وما إذا كان يمكنه الكتابه علي الكمبيوتر ، واتضح لي ان تفكيره ناضج ، ولديه معرفه بإستخدام الكمبيوتر ، وطلبت منه الجلوس أمام الجهاز وأحضرت اللجنه المختصه بإمتحان الطلاب العاديين ، وقد إجتاز الاختبار بنجاح مشيراً ان لديه المهارات الأساسية في استخدام الحاسوب ما يؤهله للإلتحاق بالقسم، وأعتقدت أنه ليس لديه القدرة علي الكتابه بخط اليد، وتم اختباره ، "ورأيت خطه في منتهي الجمال"، وعرضت عليه ان يلتحق بقسم أخر ولكن رفض قائلا: "أنا معرفش أقف أدرس للطلاب لانه يخشي من التنمر كما انه شخص يعرف و يفهم مقوماته جيداً".
وتابع: الدكتور عادل سرايا ، تم تحديد موعد مع الدكتور عثمان شعلان رئيس الجامعة ، وقرر القسم إعفاءه من جميع المصروفات الدراسية "بالإضافة الي الكتب مجانا بإسمي ك عادل سرايا، علي مدار 4 سنوات وسوف يتم تسليمهم ل طه شخصيا بمكتبي بالكليه "، كما اتوجه الي أولياء الأمور ورجال الأعمال بالنظر الي طه ، لانه يعاني من مشاكل في الوصول للجامعه ، ووالدته متفرغه له ، متمنياً التواصل معه كنوع من الإنسانيه، لأنه يستحق كثيرا ، مشيراً ان الدروس والعبر التي أخرجها طه هي للأسوياء، لما لديه من هدف وطموح وتحدي لكل الظروف وتفوق في دراسته وحصل علي هذا المجموع ، أتمني ان يرعاه احد رجال الاعمال ويساعده ويتم تسليط الضوء عليه ،كنموذج للشاب المصري ذوي الهمم الذي يقدم دروساً للأسوياء والأصحاء ، ويتحدي كل الظروف المحيطة به ، فضلاً عن تحديد الكلية موعد لتكريمه من رئيس الجامعه ،مشيراً في حال تفوقه وصعوده لأوائل الطلبه سيحصل علي حقوقه كاملة " من الاخر وضعنا أعيننا عليه".
ولادته كانت غاية في الصعوبة، وحين رأيته لاحظت كبر حجم رأسه زيادة عن الطبيعي، بهذه الكلمات بدأت والدته حديثها، وبعد شهرين من الولاده، توجهت للطبيب لمعرفة السبب ، ونصحها بالذهاب الي طبيب مخ واعصاب حيث طالبها بإجراء عمليه جراحية ، حينها انتابني الشعور بالقلق ، فعرضته علي أكثر من طبيب وأجمعوا بعدم إحتياجه إلي اي جراحة، وهذا الإختلاف بسبب وجود نسبة من المياه علي المخ فقط ،و مع مرور الوقت لاحظت كبر حجم رأسه وعدم نمو جسمه ، وتاخر إستطاعته علي السير علي قدميه حتي سن الخامسه من عمره حيث انه تجاوز العمر الطبيعي للطفل في المشي وأجرينا عدة محاولات حتي تجاوزنا هذه المرحلة، وفي سن السادسه ، إلتحق بالمرحلة الابتدائيه ، وكانا برفقة والده باستمرار بإعتباره مدرس رياضيات بنفس المدرسة التي إنتقل لها ليكون بجواره دائماً، فضلاً عن أنه ينتهي من مراجعة المنهج معه قبل موعد الامتحانات بأسبوع ، مشيره في مرحلة الثانوية العامة "كانت سنة كبيسة وصعبة وأثرت عليه بسبب الملل والجلوس بالمنزل بسبب فيروس كورونا" أثناء إعلان النتيجة كنت اتمني إلتحاقه بكلية الصيدلة لكنه لم يحصل علي المجموع المناسب.
وتابعت ، ان الدولة بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي وفرت سيارات مخصصه لذوي القدرات الخاصه، وأثناء فتح الموقع سوف نتقدم بطلب سياره له ، نظراً لما يعانيه من صعوبة بالمواصلات العامة والتنقل من سياره لأخري، متمنيه أن يكون لديه لاب توب لمساعدته في مذاكرة دروسه.



