لقد كان عاما مليئا بكرم الله علينا، وكم لله من لطف خفي. كنا نعصيه فيسترنا، ولا نعبده حق عبادته فيرزقنا، ولا نشكره كما يليق بجلاله وكثرة نعمه فيزيدنا. لطفه شملنا في اللحظات التي كنا فيها لا نستحق أن ينقذنا .. ولما لا .. وهو سبحانه يفعل ما يشاء. اتمنى ان يكون 2021 هو الأجمل للجميع.
وداعاً 2020 .. حقاً .. كان عام صعب على الأقتصاد العالمي بأمتياز، ستظل البشرية تذكرة كثيراً مثلما نتذكر الى اليوم عام 1930 عام الكساد العالمي الكبير. فأغلقت فية الحدود والسدود. وشطبت الوظائف وارتفعات معدلات الباطالة وتوقفت عجلة الأقتصاد العالمي. وضرب الإنتاج الحقيقي في مفصل، وأربكت حياة وحركة البشر، وانتشرت حالة عدم اليقين في المستقبل، ولعل الخسائر الحقيقية للجائحة لن تظهر قبل توقف حزم الدعم الأقتصادي وسياسات التيسير النقدي وعودة الحياة الطبيعية، فمعدلات النمو العالمي أصبحت بالسالب وأقترب الأنكماش الأقتصادي العالمي من ال 5%، وخسائر أقتصادية زادت عن 12 ترليون دولار، ولولا حزم الدعم وسياسات التيسير النقدي لكنا أمام مشهد اقتصادي آخر.
لكن المنح تولد من رحم المحن .. ولو أردنا أن نرى الأيجابيات سنجدها كثيرة ومنها:
· أنخفاض معدل تلوث الهواء، فكانت البيئة المستفيد الأول، وقلت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
· التقارب الأسري الناتج عن قضاء المزيد من الوقت مع الأسرة، وأعادة اكتشاف الأبناء بعد أنشغال الأبوين في مشاكل الحياة اليومية. ولا ننسى زيادة روح التضامن بين الجيران.
· حققت شركات التكنولوجيا والدواء والتجارة الألكترونية (e.commerce) ارباح غير مسبوقة كان لا يمكن تحقيقها لولا جائحة كوفيد 19.
· عودة الكثير من غفلتهم واعادتهم الى جادة الطريق، وذكرت الغافلين منا بقدرة الله تعالى.
· الجائحة خلقت صحوة، وأصبح واضح للجميع انه يجب الأهتمام بالأنتاج الحقيقي، وعدم الأعتماد على الأستيراد من الخارج، فقد شاهنا القرصنة بين الدول للأستيلاء على السفن التي تحمل المستلزمات الطبية او الأغذية، و شاهدنا قصور الأنظمة الصحية وارفف خاوية في دول كنا نظن أنها متقدمة.
· تراجع معدلات الجريمة وأنخفاض مستوى السرقات وحوادث العنف والطعن نتيجة التواجد المنزلي، بالأضافة الى تراجع في تجارة المخدرات.
· انتشار التعليم والعمل عن بعد، والأستخدام الفعال لشبكة الأنترنت الفسيحة. والقفز على حواجز الزمان والمكان الى حيز رحب واوسع أعتقد ان العقل البشري كان يرفضة قبل الجائحة
أما عن مصرنا الحبيبة فأن الأقتصاد المصري نجح في تحمل صدمات الجائحة، على العكس من كثير من دول العالم. ليس الصمود فحسب بل تم تحقيق معدلات نمو أيجابية، وأنخفض الدين العام في مجملة كنسبة، وأنخفضت معدلات البطالة والتضخم، وتماسك الجنية المصري أمام عدد من العملات الأجنبية. ويكفي مصر انها كانت الأقتصاد الأفضل في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وذلك بشهادة المنظمات العالمية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي. فمصر هي الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط الذي حققت معدل نمو أقتصادي أيجابي. وساعد على تحقيق ذلك الأصلاح الأقتصادي الذي بدأته مصر في نوفمبر 2017م.
ويبقى الأمل .. في أعادة النظر في نظم التعليم وبما يلبي أحتياجات سوق العمل المستجدة، والتوسع في الأقتصاد المعرفي، وتوطين الصناعات الحديثة، والتوسع في التجارة الألكترونية.
خبير اقتصادي



