السبت 20 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

جحود أبناء..ولهفة قلوب آباء بمستشفى عزل الأحرار بالزقازيق

مراسلة روزاليوسف
مراسلة روزاليوسف مع مديرة مستشفي الأحرار للعزل

تستيقظ مبكرًا للحاق بعملها لتصل مع دقات الساعة الثامنة صباحًا وفي بعض الأحيان تحضر قبل السابعة ، لا ترتبط بمواعيد الحضور والانصراف،  فالواجب الانساني لديها لا يستوجب مواعيد محددة "حسب احتياج العمل" ، تبدأ يومها بمقر عملها بالاستلام من مسؤولين الشفت الليلي بعد ارتداء كافة ملابسها الواقية الثقيلة التي تظل بها منذ بداية اليوم وحتي الذهاب لحمايتها من تلك الفيروس " كوفيد19" ، ومتابعة احوال المرضي وعمل توزيع لزملائها ل عدد الحالات أثناء العجز او الزيادة ، بحسب بروتوكول وزارة الصحة.

 

وتباشر العمل يوميًا للوقوف علي المتطلبات الضرورية التي تساعد في خدمة المصابين ومحاولة تقديم خدمة تمريضية مناسبة ومنضبطة، وتوفير الأدوية اللازمة، كما يحرص الطاقم الطبي داخل مستشفى عزل الأحرار علي تقديم الدعم النفسي للمصابين لتخفيف الآمهم وطمئنتهم وعند تحول نتيجة التحاليل الي سلبية يسمح بزيارة ذويهم.

 

وتسرد ولاء صبحي، أخصائي ومديرة تمريض بمستشفي الأحرار التعليمي بالزقازيق، ل" بوابة روزاليوسف" في الموجه الأولي من جائحة فيروس كورونا المستجد " كوفيد 19" ،  عن فزع المرضي بمجرد طلب تحليل pcr وعند معرفة المصاب أنه إيجابي تصبح مشكلة أكبر وكأنها نهاية الحياة يتملكهم الخوف من كل جانب ، اما في الموجه الثانية بدأ المصابين بتقبل الوضع تدريجيًا واصبح التعامل معهم أكثر مرونه عن السابق.

 

وتابعت ولاء صبحي، منذ بداية الجائحة ظهر بعض أهالي المرضي كبار السن في حالة من الجحود والنكران وعدم الرحمة لم نراها من قبل لذويهم ، أثناء محاولة التواصل معهم لبعض المتطلبات التي تحتاجها المستشفى من متعلقات خاصة بالمرضي مثل الملابس ، او في حالة الوفاه للحضور لاستلام الجثمان، نتفاجأ بأن الاهالي تترك ارقام هواتف علي الملفات خاطئة او ترفض الاستجابة لتلبية احتياجات ذويهم وفي هذه الحالة تلجأ المستشفى لإبلاغ الشرطة من خلال البطاقة الشخصية للمريض، لافته أن في إحدي الحالات التي حدثت "سيدة " من كبار السن تماثلت للشفاء قمنا بمحادثة أحد أبنائها للحضور لاستلامها ، لكن كان الرد صادم وفي غاية الصعوبة قائلاً : " هي عندكم في المستشفى اعملو فيها الا انتو عايزينو او ارموها برا " تلك القسوة التي تملكت قلب فلذة كبدها في وقت هي في اشد الحاجة اليه لمن يحنو عليها ويقف بجوارها ويعطيها الامل لتخطي هذا الفيروس اللعين وهي في أواخر ايام حياتها.

 

واستكملت ، من المشاهد التي أثرت بنا عندما حضرت زوجة في حالة نفسية سيئة للغاية رافضة للاكسجين والدواء والطعام ، بعد ايام قليله من دخولها لحق بها زوجها بذات الغرفه علي أحد الاسره بجوارها دون أن تعلم بوجوده ، وارادت  الصدفه عند كشف الستار الذي يوجد بين الاسره وبعضها  اصابتها الدهشة عند رؤيته  ليطمئن قلبها وتهدأ روحها وتتقبل تناول بروتوكول العلاج وتتبع التعليمات اللازمة وبعد مرور عدة أيام توفي زوجها ، وحرص الأطباء والممرضين علي إخفاء الامر علي الزوجة خشية من سوء حالتها النفسية مبررين لها انتقاله لاستكمال العلاج بغرفه أخري مع طمئنتها طوال الوقت بتمتعه بصحة جيدة ، فيما حضرت ابنته العشرينيه لاستلام جثمان ابيها في حالة انهيار، وبعد عدة ايام تماثلت الزوجة للشفاء.

 

 

تروي الممرضة الثلاثينية تجربتها أثناء تأدية عملها بمستشفي العزل، منذ بداية الجائحة حرصت علي تطبيق كافة الإجراءات الاحترازية حتي انها أوقفت متابعة المذاكرة مع أبنائها لمراعاة التباعد بينهما ، وأثناء وقت الرضاعة لصغيرها كانت تحاول دائما حجب أنفاسها عنه، حتي ان  شعرت فجأة بتعب مصاحب بارتفاع درجة حرارتها لمدة يومًا واحدًا وتناولت الدواء علي اعتبار انها نوبه عادية لانها لم يظهر عليها اي اعراض أخري ، ونصحها احد الأطباء بإجراء التحاليل اللازمة وعمل أشعة مقطعية للاطمئنان علي صحتها لم يخطر ببالها انها أصيبت بالفيروس وان شعورها بالإرهاق نتيجة تأدية عملها طوال اليوم ، الامر الذي أثار الفزع لبعض زملائها لمخالطتهما يوميًا لها بالعمل وتخوفهم من اصابة أحدهم، مجرد علمها بإصابتها قامت بإرسال أطفالها الأربعة لوالدتها بعد محاولات إقناع لزوجها بأنه الحل الامثل، كي تتولي رعايتهما أثناء فترة عزلها ، مشيره ان لديها طفل عمره 9 أشهر ذهبت به شقيقتها للطبيب لتحويل نظام رضاعته الي " رضاعة صناعي" ، وتابعت العزل بالمنزل لمدة 14 يومًا كان يقف والدها خلالها يوميًا اسفل شرفة منزلها بعد الاتصال عليها هاتفيًا ، واستوقفت حديثها لحظات بعدما ذرفت عيناها بالدموع واستكملت، لتخرج له ليلقي نظرة إطمئنان عليها ، ليهدأ قلبه الذي فاض قلقًا عليها ،فضلاً  عن رفض زوجها ووالدته بترك المنزل لمساندتهما لها أثناء عزلها مع اتخاذ كافة الإجراءات الاحترازية وتجهيز غرفة بها جميع المستلزمات التي يمكن ان تحتاجها خلال هذه الفترة.

وتابعت، مع قلة الأكسجين وعدم القدرة علي التنفس ومهاجمة الفيروس، تم التواصل مع مدير مستشفى الأحرار بالتنسيق مع وكيل وزارة الصحة بالشرقية ، لإجراء عمل مسحة بمستشفي الصدر ظهرت ايجابيتها مرة أخري وتم حجزها بمستشفي الطوارئ حتي تمام الشفاء، حالة من التعب عايشتها علي مدار شهرًا كاملاً.

تم نسخ الرابط