ماذا يحدث في تركيا؟ اعتقالات لعسكريين وطلاب بعد مظاهرات حاشدة وأردوغان يجهز لانقلاب دستوري
يبدو أن نظام حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، ورئيسه رجب طيب أردوغان، قد اقتربا من حافة السقوط، بعد سلسلة من الأحداث العصيبة والاضطرابات التي تجتاح البلاد خلال الفترة الأخيرة، ما أدى لانفجار سياسي خلال الأيام القليلة الماضية.
وزادت، اليوم الثلاثاء، حدة التظاهرات الطلابية التي بدأها الطلاب وأعضاء هيئة التدريس في جامعة البوسفور بإسطنبول منذ ما يقرب من شهر، احتجاجا على قرار الرئيس رجب طيب أردوغان، تعيين مليح بولو رئيسا للجامعة، ما اعتبروه أمرًا غير ديمقراطي، وذلك بعد أن اقتحمت الشرطة التركية، مساء الاثنين، حرم "غوناي" التابع لجامعة "البوسفور"، واعتقلت 159 شخصً في مظاهرات جامعة البوسفور.
واشتبك المتظاهرون مع الشرطة، وهم يرددون شعارات مثل: "فلتخرج الشرطة" و"الجامعات لنا".
وأكد مكتب حاكم إسطنبول، في البيان، أنه تم اعتقال الأشخاص "لعدم إنهاء المظاهرات رغم التحذيرات".
وذكرت الشرطة أن عملية الاعتقال جاءت لعدم انصياع الطلاب لقرار حظر التجوال، ووقفتهم التي حاصروا من خلالها مقر رئيس الجامعة "غير قانونية".
ومع هذا واصل بقية الطلاب احتجاجاتهم داخل الحرم، مؤكدين عدم تراجعهم، مشترطين إطلاق سراح زملائهم لإنهاء الاحتجاج.
وتعليقًا على تلك التطورات قالت غوكتشه غوكتشن، نائبة رئيس حزب الشعب الجمهور، أكبر أحزاب المعارضة التركية، "بعد اعتقال الطلاب ومواجهة احتجاجاتهم بعنف، لن نترك أصدقاءنا فريسة لقمع القصر، الذي يستخدم الشعارات الدينية لمواجهتهم واستهدافهم".
وبدأت المعارضة التركية تحركاتها لدعم مظاهرات الطلاب، واعتبارها نواة لثورة شعبية ضد نظام أردوغان، الذي وصفته المعارضة بـ "المستبد".
وتزامنت حملة الاعتقالات ضد الطلاب مع حملة اعتقالات أخرى لعسكريين بالجيش التركي، في استمرار لمسلسل تصفية الجيش وتطهيره، الذي بدأ منذ محاولة الانقلاب المزعومة ضد أردوغان في يوليو 2016.
وأصدرت السلطات التركية، اليوم الثلاثاء، قرارًا باعتقال 294 عسكريا، على خلفية اتهامهم بالانتماء لجماعة رجل الدين، فتح الله جولن، المتهم من قبل أنقرة، بتدبير الانقلاب المزعوم عام 2016.
ونفذت عمليات الاعتقال فرق مكافحة الإرهاب من الشرطة والدرك في محافظة إسطنبول.
وقالت صحيفة "سوزجو" التركية المعارضة، إن قرارات الاعتقال صدرت عن النيابة العامة بمدينة إسطنبول، التي قالت إن المتهمين موظفون حاليون وسابقون وطلاب عسكريون ينتمون إلى جولن.
وجاءت قرارات الاعتقال في إطار التحقيقات التي تتولاها النيابة العامة بالولاية المذكورة ضد ما يسمى بـ"جناح حركة جولن داخل الجيش، وشملت عدة 42 ولاية.
ووفق الصحيفة فإن غالبية المعتقلين سبق فصلهم تعسفيًا من الجيش والكليات العسكرية، بتهمة العلاقة بجماعة جولن.
ويبدو أن ما يحدث في تركيا من قلاقل واضطرابات مستمرة في الفترة الأخيرة، بالتزامن مع الانهيار الاقتصادي الذي تمر به البلاد، والمطالبات الشعبية والحزبية بانتخابات رئاسية مبكرة، دفع أردوغان للخرج إلى الشعب التركي، مساء أمس، للحديث عن تعديل الدستور الحالي، في محاولة للإمساك بزمام الأمور، ومنح منصبه المزيد من السلطات للسيطرة على الرفض الشعبي له ولحزبه الحاكم.
وقال أردوغان: إن حزبه العدالة والتنمية وحلفاءه القوميين قد يبدأون العمل على صياغة دستور جديد وذلك بعد أقل من أربع سنوات من تعديل الدستور السابق لمنحه سلطات كاسحة.
وقال أردوغان بعد اجتماع للحكومة في أنقرة "ربما حان الوقت كي تبحث تركيا مرة أخرى وضع دستور جديد... إذا توصلنا إلى تفاهم مع شريكنا في الائتلاف قد نبدأ الجهود لصياغة دستور جديد في الفترة القادمة".
ومضى يقول: "بغض النظر عن حجم التغيير، ليس من الممكن محو إشارات الانقلاب والوصاية التي غُرست في روح الدستور".
وأضاف أنه يشعر بالإحباط لأن مثل هذه المحاولات تعثرت في السابق بسبب "الموقف المتصلب" من جانب المعارضة الرئيسية.
ووافق الأتراك على تعديلات دستورية عام 2017 قادت البلاد للتحول من نظام برلماني إلى نظام رئاسي تنفيذي على الرغم من ردود الفعل العنيفة من جانب أحزاب المعارضة والمنتقدين.
وانتُخب أردوغان رئيسًا بموجب النظام الجديد عام 2018 بسلطات تنفيذية كاسحة وصفتها أحزاب المعارضة بأنها "نظام الرجل الواحد".



