عاجل
الثلاثاء 3 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
باقي علي افتتاح المتحف الكبير
  • يوم
  • ساعة
  • دقيقة
  • ثانية
البنك الاهلي

المعتقدات التقليدية القديمة في إفريقيا

د. إسماعيل حامد اسماعيل
د. إسماعيل حامد اسماعيل

لقارة إفريقيا خصوصيتها الثقافية التي تميزها، لاسيما فيما يخص المعتقدات التقليدية القديمة، وهي قارة شاسعة الامتداد ومن ثم تعتبر أراضيها موطنًا للعديد من الثقافات واللغات التي ربما يصعب حصرها بشكل دقيق، وكذلك تتميز الشعوب والقبائل الإفريقية بأنماط متنوعة من العادات والتقاليد المحلية.



 

وعلى هذا، فإن لشعوب وقبائل إفريقيا تراثا إنسانيا فريدا ومتنوعا، وله خصوصيته تميزه عن غيره من أنماط التراث الثقافي البشري، ورغم عدم وجود مجموعة واحدة من التقاليد والأساطير الشعبية التي يمكنها توحيد هذا التنوع الديموغرافي والإثني، إلا أن العديد من الجماعات والمناطق الثقافية المختلفة في قارة إفريقيا تشترك في بعض العناصر الأسطورية الشائعة، والتي تعكس معتقدات الشعوب والقبائل وقيمها. 

 

ويُعتبر مصطلح المعتقدات الإفريقية التقليدية مصطلحًا شاملًا يستخدم لجميع المعتقدات العرقية، وكذلك العادات الدينية الشعبية الخاصة بـشعوب وقبائل إفريقيا القديمة، لا سيما تلك التي تقطن مناطق جنوب الصحراء الكبرى أو بلاد السودان القديم بحسب المصادر التاريخية الكلاسيكية، بما في ذلك التوفيق بين الأديان السماوية مع بعض التقاليد والطقوس الدينية الأخرى، خاصة مع الإسلام والمسيحية اللذان يعتبران أكثر الديانات انتشارا بين سكان القارة السمراء. 

 

وبسبب النطاق الواسع والتنوع الإثني في المنطقة الإفريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى، فلا يوجد مظهرًا واحدًا لتوحيد التقاليد والمعتقدات الدينية القديمة بعيدًا عما يسمى "ـالعالم الثقافي" لما بعد الحداثة على المستوى العالمي، بمعنى مظهر التاريخ الشفهي والإحيائي. 

 

وعلى أي حال، فإن المعتقدات الإفريقية التقليدية هي مجموعة من الأفكار شديدة التنوع، وتشتمل على مختلف المعتقدات ذات الطابع الثقافي والديني وكذلك العرقي والإثني، وبشكل عام فإن هذه التقاليد شفهية وليست كتابية، وتشمل الإيمان بعدة آلهة، بما في ذلك خالق أعلى في بعض الأحيان، وأيضًا الإيمان بالروح، وتكريم الموتى، واستخدام السحر والطب التقليدي.

 

وتتعامل بعض الأساطير الإفريقية مع موضوعات عالمية مثل أصل العالم ومصير الفرد بعد الموت، ولكل ثقافة أساطيرها الخاصة التي تم صياغتها لمساعدة الناس على فهم الظواهر التي تؤثر على حياتهم اليومية على المستوى العالمي، وهناك موضوعات ورموز مشتركة بين الأساطير المختلفة حتى بين الحضارات التي لم يكن لها اتصال مباشر مع بعضها البعض. 

 

ومن ناحية أخرى تعتبر "أسطورة أمطار الذهب" عند شعب السوننك (السوننكي) في مالي وغيرها من بلاد غرب إفريقيا من أشهر الأساطير الإفريقية القديمة التي تتحدث عن بعض أنماط العادات والتقاليد القديمة، حيث تتحدث الأسطورة عن تصور شعوب غرب إفريقيا لأصل الذهب في بلادهم في إطار أسطوري لافت، وبحسب بعض المعتقدات التقليدية القديمة من بقايا رأس "الثعبان المقدس" واسمه الثعبان "بيدا" الذي قتله الشاب ممادو (ربما يقصد به محمود) قبل أن تقدم خطيبته سيان للثعبان بيدا كقربان بحسب تقاليد الأسلاف لدى هذا الشعب الإفريقي القديم.

 

وعلى أي حال، فإن بعض الأساطير الأكثر شيوعًا هي الأساطير التي تتناول خلق الكون، وتتعامل الأساطير الأخرى مع الأبطال والآلهة وأصول البشر، وكذلك الموت والآخرة وتغير الفصول، كما أن هناك بعض الأساطير التي تتعامل مع أصل الشر، والفيضانات، والشمس، والقمر، والسماء، وكذلك الجحيم وحتى تسونامي، كما تغطي الأساطير أيضًا القيم الإنسانية المهمة، مثل قيم البسالة والشجاعة في المجتمع الإفريقي منذ القدم.

 

وتمتلئ الميثولوجيا الإفريقية بالحيوانات التي لعبت دورًا بارزًا في الأساطير بسبب استقرار العديد من الشعوب الإفريقية قرب الحيوانات البرية، وفي العديد من الأساطير الإفريقية ينسب الناس مشاعر ورغبات الإنسان إلى الحيوانات، وهم يستمدون السلوك الأخلاقي من تصرفات بعض الحيوانات، وبعض هذه الحيوانات الشعبية تشمل الثعبان، والعنكبوت، والحرباء، والظباء، وغالبًا ما يكون الثعبان مؤلهًا أو يُنسب إلى قوى إلهية في الأساطير الإفريقية.

 

أما بخصوص بعض المعتقدات الموجودة في القارة الإفريقية فإن لها أصولًا في أجزاء أخرى من العالم"، ويتوزع أتباع تلك المعتقدات والديانات التقليدية في قارة إفريقيا في مناطق جنوب الصحراء الكبرى على العديد من الدول، ويقدر عددهم- بحسب البعض- بأكثر من 100 مليون شخص، ويقال إنهم موجودون في أكثر من 40 دولة إفريقية. 

 

ورغم أن غالبية الأفارقة اليوم هم أتباع للديانة المسيحية أو الإسلام، إلا أن بعضهم ربما يجمعون بين ممارسة العديد من طقوس عقيدتهم التقليدية، وممارسة الديانات التوحيدية في ذات الوقت، ويوجد أتباع للديانات والمعتقدات الإفريقية التقليدية- أو القديمة من أيام الأجداد القدامى- في العديد من مناطق العالم، وتعتبر طقوس شعب (قبيلة) البمبارا في دولة مالي وكذلك عقيدة شعب اليوربا التقليدية أو ما يقال لها "العقيدة اليوربية" بنيجيريا بحسب البعض من المعتقدات والطقوس الإفريقية التقليدية الأكثر ذيوعًا.   

أستاذ جامعي وباحث في التاريخ الإفريقي  

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز