أسرار مقتل رئيس تشاد وتفاصيل الساعات الأخيرة "القصة الكاملة"
حالة من الهلع وعدم الاستقرار تشهدها تشاد، بعد مقتل الرئيس إدريس ديبي في معارك، جاءت بعد إعلان فوزه بولاية سادسة في الانتخابات الرئاسية.
ومات ديبي، متأثرًا بجروح أصيب بها في اشتباكات مع المتمردين بشمال البلد مطلع الأسبوع، بحسب ما قاله الجيش عبر التليفزيون الرسمي الثلاثاء.
وقال الجنرال عظيم برماندوا أغونا، المتحدث باسم الجيش، في البيان، إن ديبي "لفظ أنفاسه الأخيرة دفاعًا عن دولة ذات سيادة في ساحة المعركة".
وبالأمس، أظهرت النتائج الأولية للانتخابات التي جرت يوم 11 إبريل أن ديبي، البالغ من العمر 68 عاما، في طريقه للفوز بفترة رئاسة سادسة، بحصوله على 80 % من الأصوات.
ونقلت مصادر مطلعة لصحف دولية تفاصيل الساعات الأخيرة في حياة الرئيس التشادي، وذلك نقلا عن زعيم المتمردين، رئيس "جبهة التغيير والوفاق" التشادية، محمد مهدي علي.
وقالت المصادر إن إدريس ديبي دخل في القتال يومي الأحد والاثنين، لافتا إلى أن القتال اندلع بالقرب من نوكو في كانم، وهي منطقة تقع في وسط غرب البلاد.
وأشارت المصادر إلى أن هذا هو المكان الذي أصيب فيه الرئيس التشادي في ساحة المعركة، الأحد.
ويزعم رئيس "جبهة التغيير والوفاق" التشادية، أنه شاهد طائرة هليكوبتر تهبط وسط المعركة، قامت بإجلاء قائد الحرب التشادي، ثم توجهت إلى نجامينا، على بعد 400 كيلو متر، لعلاجه.
وبعد ذلك، كانت الدبابات قد انتشرت على الفور حول القصر الرئاسي، وكان من المقرر أن يخاطب ديبي السكان مساء الاثنين في ساحة الأمة، لكنه لم يحضر.
يذكر أن كانم هي المحافظة رقم 6 في تشاد من أصل 14 محافظة، وعاصمتها ماو وأهم مدنها موسورو ونوكو، التي وقعت بالقرب منها المعارك.
وأفادت تقارير بفرض الجيش التشادي حظرًا للتجوال ليلا بين الساعة 18:00 والساعة 05:00. وأغلق المجال الجوي للبلاد وأغلق الحدود حتى إشعار آخر.
وكان ديبي، الذي بلغ السلطة في انتفاضة مسلحة عام 1990، من أطول الحكام بقاءً في السلطة في إفريقيا، وذهب إلى الخطوط الأمامية في مطلع الأسبوع لزيارة القوات التي تقاتل المتمردين المتمركزين عبر الحدود في ليبيا.
وبدأت الاشتباكات مع الجيش يوم السبت، ونقلت وكالة رويترز للأنباء عن جنرال في الجيش قوله إن 300 مسلح قتلوا وأن 150 آخرين أسروا.
وأضاف أن خمسة جنود من قوات الحكومة قتلوا، وأصيب 36 آخرون.
وكان ديبي قد ذهب إلى خط الجبهة، على بعد عدة مئات من الكيلومترات شمال العاصمة نجامينا، في مطلع الأسبوع لزيارة القوات التي تقاتل المتمردين المنتمين إلى جماعة تطلق على نفسها اسم "جبهة التغيير والوفاق في تشاد".
وقد تأسست تلك الجماعة في عام 2016 على يد ضباط سابقين في الجيش محبطين، وتتهم الجماعة الرئيس ديبي بالقمع في الفترة التي سبقت الانتخابات.
وأقام أفراد الجماعة قاعدتهم في ليبيا في جبال تيبستي، التي تمتد بشمال تشاد وفي جزء من جنوب ليبيا.
وشنت الجماعة يوم الانتخابات، هجومًا على نقطة حدودية وتقدمت تدريجيا نحو نجامينا، وساد الذعر المدينة الاثنين، وأخذ الآباء أطفالهم من المدارس إلى منازلهم، عندما انتشرت الدبابات على طول الطرق الرئيسية.
وأعلن الجيش التشادي أن الانتخابات ستجرى بعد 18 شهرًا بعد وفاة الرئيس ديبي.
وحُلت الحكومة وعُين نجل ديبي، محمد البالغ من العمر 37 عاما، وهو جنرال في الجيش، رئيسًا مؤقتًا.
وقال الجيش في بيانه إن محمد إدريس ديبي سيقود مجلسًا عسكريًا يحكم البلاد، لكن انتخابات "حرة وديمقراطية" ستجرى بمجرد انتهاء الفترة الانتقالية.
وأكد مراقبون أن هذه الخطوة غير دستورية، وأن رئيس البرلمان يجب أن يتولى المنصب عندما يتوفى الرئيس قبل تنظيم انتخابات.
وأضافوا أن الدستور ينص أيضا على أن ينظم رئيس المجلس انتخابات لا يكون مرشحًا فيها.
وفي سياق متصل، أعلنت جماعة "جبهة التغيير والوفاق" المتمردة في تشاد، التي قتلت الرئيس إدريس ديبي في اشتباك معها، عن رفضها للفترة الانتقالية في البلاد بقيادة نجل ديبي.
وقالت الجماعة في بيان لها إن "تشاد ليست مملكة ولا يمكن توريث السلطة ضمن العائلة في بلادنا".
وقد حثت بعض السفارات الأجنبية في العاصمة موظفيها على مغادرة البلاد.
وكان ديبي حليفا قديما لفرنسا وقوى غربية أخرى في معركتهم ضد الجماعات المتطرفة في منطقة الساحل الإفريقي. ولكن كان هناك استياء متزايد من إدارة حكومته لموارد النفط في البلاد.
وخلال الانتخابات، قاد ديبي حملته على أساس برنامج لتحقيق السلام والأمن في المنطقة.
وولد ديبي في عام 1952 بمدينة بفادة شرقي تشاد، وهو ابن أحد الرعاة من جماعة الزغاوة العرقية.
انضم إلى الجيش في سبعينيات القرن الماضي، وتلقى تدريبًا عسكريًا في فرنسا ثم عاد إلى تشاد في عام 1978.
شارك ديبي في حركة تمرد ضد حكم الرئيس السابق، كوكوني وادي، في عام 1982، وأظهر دعمه لحكم خلفه الرئيس حسين حبري، (1982-1990)، وتولى منصب القائد العام للقوات المسلحة.
فر ديبي إلى السودان بعد أن وُجهت له تهمة تدبير انقلاب على الحكم في عام 1989.
استطاع ديبي أن يستولي على السلطة في عام 1990، إذ قاد جيشًا من المتمردين الذين شنوا هجومًا استمر ثلاثة أسابيع من السودان المجاور بغية الإطاحة بحكم حبري، الذي اتُهم بالتحريض على عشرات الآلاف من جرائم القتل السياسي.
استطاعت حركة الإنقاذ الوطني التي تزعمها ديبي، في ذلك الوقت، إجبار حبري على التنحي عن الحكم ومغادرة تشاد إلى المنفى.
أعلن ديبي نفسه رئيسًا للبلاد في عام 1991، واستطاع الفوز في أول انتخابات رئاسية في البلاد عام 1996، بعد تأسيس نظام يهدف إلى التعددية الحزبية وصياغة دستور للبلاد.
أعيد انتخابه رئيسًا للبلاد في عام 2001، وأجرى تعديلات دستورية في عام 2005 أتاحت له فرصة الترشح لولاية رئاسية ثالثة.
فاز ديبي في عام 2006 بولاية رئاسية ثالثة بالفعل، بعد حصوله على نسبة 77.5 في المئة من الأصوات.



