السبت 20 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
بوابة روز اليوسف

لم يكن المدير الفني للأهلي بيتسو موسيماني مقنعًا بالنسبة لي على الصعيد الفني يوما ما، فهو مدرب خاوٍ أجوف، أخذ أكبر من حجمه، وهي عادة الأهلي أن يضيف ويرفع من أسهم من يتولى قيادته، لكنني ما زلت عند رأيي الذي أؤمن به حتى والأهلي في كأس العالم للأندية، بعد أن فاز على الزمالك في نهائي إفريقيا، والزمالك هو حالة خاصة أثبتتها الأيام أنها باتت مستعصية، وبالدليل القاطع ظهر أن تفوق موسيماني ليس من دهاء فكره الماكر، وإنما لتواضع المنافس الذي أرهقه رغم تواضعه في نهائي القرن، وكانت الحجة ذهبية عندما واجه بايرن ميونيخ في المونديال، حتى يكون خير ساتر لأخطائه، وهو يقابل أعظم فريق في العالم.

 

مرور الوقت يكشف الجنوب إفريقي موسيماني أكثر، ليس لخسارة هي الأولى في الدوري أمام سموحة، فقد سبقه بإنجاز أهم هو تكرار الفوز على الزمالك، إذا ما اعتبرناها بطولة خاصة محببة إلى قلوب الجماهير، لكن الأزمة الحقيقية تكمن في الأخطاء المتعمدة التي اعتاد على ارتكابها، أبرزها وبوضوح شديد إصراره على شل طموح لاعبيه، فلولا إصرار المهاجم محمد شريف لضل الطريق وقت رغبة موسيماني في الاعتماد على والتر بواليا، وكثيرا ما أبطل مفعول مهاجم المنتخب الوطني الشاب لصالح المحترف الإفريقي، محاولا إزاحته وإخلاء المساحة لبواليا، إلا أن الحظ العثر وتركيز شريف كانا السبب المباشر وراء إعادة الأخير، بعد أن نادى الجميع بخطئه الفادح في وضع محمد شريف على دكة البدلاء لصالح بواليا.

 

ظهر شريف ولم يخيب الظن به يوما ما، وكان في الموعد بكل كفاءة، حتى القمة أمام الزمالك 121 كان كفيلا بها بمفرده إذ سجل هدفي الفوز للأهلي (2/1)، وكان خروجه بداعي إراحته، لكن تكرر الأمر في المباراة التالية أمام سموحة، وخرج شريف لصالح بواليا، رغم أنه الأخطر دائما في صفوف الأهلي، ليس لأنه القادر على التهديف دواما، إنما لأنه الأذكى تحركا، فشريف يملك مهارة فائقة وقدرة بدنية رائعة في الضغط على الثلث الأخير من الملعب، وكثيرا ما سجل من أنصاف فرص بهذه العملية، سواء مع المنتخب في أول ظهور له أمام توجو هناك، أو مع الأهلي كما فعل في الهدف الثاني في مرمى الزمالك، وهنا تكمن قوة الأهلي هجوميا في وجود شريف صاحب اللمسات القاتلة والمتقنة، وكذلك في مجدي أفشة الذي يلعب نفس دور الضغط لكن بشكل مختلف على صعيد التأمين الدفاعي وصناعة الألعاب، دون أن يخلو الأمر من تجربة التهديف عبر التصويب من خارج المنطقة كما اشتهر بها افشة، لذا في وجودهما يحدث مزجا وانسيابية رائعة في الجزء الأمامي لهجوم الأهلي.

 

ما يفعله موسيماني أنه يحرم فريقه، ويمنح منافسه متنفسا غير عادي، عندما يسحب محمد شريف، كما فعل أمام سموحة، رغم أنه المهاجم أو الجناح الوحيد الذي يستطيع أن يلعب لنفسه دورين صانع الألعاب والهجوم بفعالية متقنة، على عكس بواليا الذي لا يملك إلا الاستسلام لأحضان قلب دفاع وحارس مرمى الخصم، ففكره مغلق وروتيني بحت أن يتمركز في منطقة العمليات، في حين يعكس محمد شريف فكرا ناضجا بالسقوط لمنطقة التحضيرات تارة، واللعب في العمق تارة أخرى، كلا بتوقيته ومتطلباته، لكن، هل استوعب موسيماني الدرس؟ بالطبع لا، عاد ليكرر مشهد هدم النجوم، بالدفع بمحمد الشناوي في حراسة المرمى، وهو عائد من جائحة «كورونا»، على حساب حارس واعد لم يقصر، بل كان سببا مباشرا في الفوز على الزمالك، وهو علي لطفي، الأحق بالتجربة من ناحية زيادة الدوافع ورفع روحه المعنوية من ناحية، ومنح الشناوي المخضرم فرصة للراحة والتقاط الأنفاس من ناحية أخرى، بدلا من الحاجة لعلي لطفي مستقبلا وقت شدة، ومعنوياته في الحضيض.

 

التعامل مع نفسية اللاعبين له دراسات وعلوم توازي بل تتفوق أحيانا على علوم التدريب، وليس البرتغالي الأسطوري مانويل جوزيه ببعيد، فكنا نسمع عنه ومنه قصصا في كيفية التعامل مع اللاعبين على الصعيد النفسي، وكيف كان يحول اللاعبين إلى طاقة إيجابية بناءة، وكيف يشحذ الهمم، بحيث عند الحاجة إليه تجده دائما في أعلى معدلات الكفاءة والإنتاج، لذا لم نلحظ معه أزمات على دكة البدلاء، فكان مدربا مقنعا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، بعكس موسيماني الذي تتوافر معلومات مؤكدة لكاتب هذه السطور، أنه مكروه بين لاعبيه إلا فيما ندر، فالجميع مستاء منه، كونه غير مقنع على الصعيد الفني أو حتى في أسلوب التعامل الذي يفترض أن يقدمه للاعبيه، سواء من على دكة البدلاء أو الأساسيين، وهو ما يفسر سيل الصدامات التي تعرض لها في الفترة الأخيرة، قبل أن يقف للدفاع عنه مدير الكرة سيد عبد الحفيظ وحمايته عبر تطبيق اللوائح المعروفة بصرامتها داخل جدران الأهلي.

 

ليس وقت التغيير في الأهلي، فالوقت حساس جدا بالنسبة لبطولة دوري أبطال إفريقيا التي ستكون اختبارا قاسيا وفاصلا لموسيماني، لكن على من يتعامل معه ألا ينخدع فيه، ويعلم أنه لا يضيف شيئا على صعيد التطوير الفني وهي مهمته الأولى والوحيدة تقريبا، فهناك مدرب أحمال معه من بلده لجزئية النواحي البدنية، إذن أين التطوير الخططي والفني، ويكفي أن منافسه أحمد سامي مدرب سموحة لعب على قدراته، هكذا يكون المدرب الفاهم الذي يعرف حدود وامكانيات لاعبيه، فما بالك بمدرب الأهلي الذي تتوافر لديه أفضل عناصر في القارة السمراء على الإطلاق.

 

تم نسخ الرابط