نواب بالكونجرس يستدعون ممثل البيت الأبيض اعتراضًا على صفقة أسلحة سرية لإسرائيل
قالت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية إنه من المتوقع أن يستدعي الديمقراطيون في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي مسؤولًا كبيرًا في إدارة بايدن إلى اجتماع عالي المخاطر في أقرب وقت اليوم الخميس، لمناقشة صفقة بيع أسلحة معلقة بقيمة 735 مليون دولار لإسرائيل، حيث يعارض بعض أعضاء الجناح الليبرالي بالحزب هذه الصفقة بشدة، ويطالبون بمنع إرسال أي أسلحة أخرى لإسرائيل يمكن أن تستخدمها في ضرب غزة.
وأثار الكشف عن الصفقة، الذي أوردته صحيفة “واشنطن بوست” لأول مرة هذا الأسبوع، رد فعل عنيف من العديد من نواب الكونجرس الديمقراطيين، الذين انتقدوا غض الطرف الرسمي من البيت الأبيض عن انتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة.
كما انتقد النواب المعارضون زملائهم بالكونجرس، الذين وقعوا على الصفقة بشكل غير رسمي، للسماح بإرسال هذا المخزون الكبير من الذخيرة إلى إسرائيل، في وقت يتم فيه تبادل إطلاق النار مع حماس، وقتل المدنيين في غزة.
ومن المتوقع بعد هذه الجلسة المزمع عقدها، أن يسجل غالبية مجلسي النواب والشيوخ اعتراضا رسميا بحلول يوم الجمعة على هذه الصفقة، ووقفها قبل تنفيذها.
وكشفت هذه الصفقة عن انشقاقات في الكونجرس قد تؤدي إلى تغييرات طويلة المدى، حيث يتجادل أعضائه حول ما إذا كان ينبغي على الولايات المتحدة أن تضع قيودًا جديدة على علاقتها المالية والعسكرية بإسرائيل.
وقال النائب خواكين كاسترو “ديمقراطي من تكس”، عضو لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، للصحفيين هذا الأسبوع: "لدي مخاوف جدية بشأن توقيت بيع هذه الأسلحة، والرسالة التي سترسلها أمريكا إلى إسرائيل والعالم حول الحاجة الملحة لوقف إطلاق النار، والأسئلة المفتوحة حول شرعية الضربات العسكرية الإسرائيلية التي قتلت المدنيين في غزة".
وقالت النائبة إلهان عمر “ديمقراطية” عبر موقع تويتر يوم الأربعاء: "يجب أن يتساءل الكونجرس عن مبيعات هذه الأنواع من الأسلحة لإسرائيل - أو لأي دولة في العالم ارتكبت انتهاكات لحقوق الإنسان" . "إشراف الكونجرس على مبيعات الأسلحة طال انتظاره". في إشارة لضرورة تدخل الكونجرس في إقرار صفقات السلاح للدول الآخرى، وهو حق أصيل للبيت الأبيض وفق القانون الأمريكي.
على الجانب الآخر، أجمع الجمهوريون على دعمهم الثابت لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد حماس، على الرغم من الأعداد الكبيرة من القتلى والجرحى الفلسطينيين.
وذهب زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ ميتش مكونيل “جمهوري من كنتاكي” إلى رفض وقف إطلاق النار لإنهاء إراقة الدماء واصفا المقاومة بالإرهاب.
جدير بالذكر أن الرئيس الأمريكي جو بايدن طلب من إسرائيل بشكل صريح أمس الأربعاء، عبر رسالة سرية، بإيقاف تصعيد الهجوم العسكري على غزة، ما خلق صدع نادر بين البلدين وأثار استياء بعض مؤيدي إسرائيل في الولايات المتحدة، بينما أثلج صدر الديموقراطيين الذين دفعوا بشكل متزايد من أجل موقف أمريكي أكثر صرامة تجاه إسرائيل.
وقال البيت الأبيض لنتنياهو في الأيام الأخيرة أن الأرض تتغير في الولايات المتحدة، حتى بين بعض المشرعين الذين كانوا يدعمون إسرائيل منذ فترة طويلة.
وقال شخصان مطلعان على جوانب الرسالة السرية، تحدثا لواشنطن بوست شريطة عدم الكشف عن هويتهما، أن هذا التحول في الأرضية الداعمة لإسرائيل داخل الولايات المتحدة، هو الخلفية للاتصال الذي تم بين بايدن ونتنياهو أمس الأربعاء، وهو الاتصال الرابع بينهما منذ بدء القتال.
لم يشر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى أي وقف للقتال لمدة 10 أيام في تصريحات علنية للسفراء الأجانب لدى إسرائيل في 19 مايو، لكنه تعهد يوم الأربعاء بمواصلة الهجوم العسكري الذي يستمر 10 أيام "حتى يتم تحقيق هدفه"، أي حتى يتم تدمير المزيد من أهداف حماس.
وبعد زيارة المقر العسكري، قال نتنياهو إنه "يقدر بشدة دعم الرئيس الأمريكي" لكن إسرائيل ستمضي قدما "لإعادة الهدوء والأمن إلي مواطني إسرائيل"، حسبما ذكرت وكالة أسوشيتد برس.
أبرز هذا التحدي العلني للرسالة الأمريكية من قبل نتنياهو انفصال الجانب الإسرائيلي عن بايدن، وهو أمر جدير بالملاحظة لأن نتنياهو، الذي يتسم موقفه السياسي الداخلي المحفوف بالمخاطر، كان أكثر ديناميكية مع الرئيس السابق دونالد ترامب.
لا يملك بايدن سلطة مباشرة لفرض وقف إطلاق النار على إسرائيل، لكن الرسالة الصارمة للبيت الأبيض كانت واضحة: إذا واصل نتنياهو الصراع إلى أبعد من ذلك، فإنه يخاطر بفقدان دعم كبير في واشنطن.
على مدى العقد الماضي، شهد نهج الديمقراطيين تجاه السياسة الأمريكية الإسرائيلية تذبذبا على فترات مختلفة. حيث دخلت إدارة أوباما في نزاع علني مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والجزء الأكبر من اللوبي المؤيد لإسرائيل أثناء تفاوضها على صفقة لتقييد طموحات إيران النووية مقابل إلغاء العقوبات.
اتخذ هذا التوتر نزعة سياسية عندما دعا الجمهوري جون أ. بوينر، رئيس مجلس النواب في ذلك الوقت، نتنياهو لإلقاء كلمة في جلسة مشتركة للكونجرس في عام 2015، على الرغم من رفض أوباما مقابلة رئيس الوزراء الإسرائيلي خلال تلك الزيارة إلى واشنطن.
أصبحت معارضة السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل أسهل بالنسبة للديمقراطيين في الكونجرس تحت إدارة ترامب، حيث اتخذ الرئيس السابق خطوات مثيرة للجدل بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس وعكس السياسة الأمريكية القائلة بأن بناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية ينتهك القانون الدولي.
وفي عام 2019 ، وقع أكثر من 100 عضو ديمقراطي في مجلس النواب خطابًا إلى وزارة الخارجية في عهد ترامب يعترضون فيه على خطوة الاستيطان.
لكن المكانة المتميزة لإسرائيل كمتلقي للمساعدات العسكرية الأمريكية، والتي يحددها القانون الأمريكي للحفاظ على "التفوق العسكري النوعي" على منافسيها العرب، لطالما عوملت على أنها "لا يمكن المساس بها".
من غير المرجح أن يتغير هذا الاتجاه هذا الأسبوع، بسبب ضغوط النواب الديمقراطيين في مجلس النواب الذين أطلقوا ناقوس الخطر، لكن هذه التحركات قد تحد من العناد الإسرائيلي وتفرض واقعا جديدا ومختلفا عن ذي قبل، فيما يخص التساهل الأمريكي مع الممارسات الإسرائيلية العنيفة في المنطقة.



