إسرائيل على صفيح ساخن.. تشكيل تحالف جديد للإطاحة بنتنياهو
يبدو أن إسرائيل أصبحت بالفعل على صفيح ساخن، بكل ما تحمله الكلمة من معان، حيث تشهد مؤخرا حالة شديدة الحدة من الإنقسام والصراع بسبب أزمة تشكيل الحكومة المقبلة.
وقال صحف إسرائيلية، أن الوضع في إسرائيل كارثي، بعد اقتراب تشكيل تحالف جديد مناهض لرئيس الوزراء نتنياهو، يهدف إلى إبعاده عن السلطة بعد أكثر من 12 عامًا متتاليًا في رئاسة الحكومة الإسرائيلية، وهو ما ينبأ باحتمالية وقوع انقسام حاد في المجتمع الإسرائيلي، بسبب سطوة نتنياهو وأنصاره وحزبه الليكود داخل البلاد، ونيتهم إشعال الأوضاع في حال خرج نتنياهو من السلطة، مما قد يتسبب في فوضى بالبلاد.
في خطاب ألقاه في وقت الذروة يوم الأحد، أعلن نفتالي بينيت، وهو رئيس الحزب القومي المتطرف، دعمه لزعيم المعارضة يائير لابيد، الذي بات بحاجة لأربعة نواب آخرين فقط لتشكيل ائتلاف حكومي جديد. قادر على طيّ صفحة حكم نتنياهو.
وكان لابيد قد حصل على تكليف من الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين ينتهي الأربعاء لتشكيل حكومة جديدة.
ويحتاج لابيد لدعم 61 نائبا للنجاح في تشكيل حكومة وإنهاء حقبة نتانياهو الذي لم يغادر رئاسة الحكومة في إسرائيل منذ 2009.
وأكد بينيت أن حزبه سيتعاون مع قادة المعارضة لتشكيل حكومة يقودها في البداية، مما يمهد الطريق لاستبدال رئيس الوزراء اليميني برئيس وزراء سابق.
ما يعزز احتمال تشكيل "حكومة تغيير" تنهي حقبة حكم بنيامين نتانياهو الأطول في تاريخ البلاد.
وفي حال فشل المعسكر المناهض لـ نتنياهو في تشكيل حكومة، يمكن أن يطلب 61 نائبا من رئيس الدولة تكليف عضو برلمان برئاسة الحكومة.
أما السيناريو الثاني الذي يخشاه الناخبون فهو الدعوة لانتخابات جديدة ستكون الخامسة خلال عامين.
وصرّح بينيت مساء الأحد بعد أسابيع من الغموض حول نواياه، "أعلن أنني سأقوم بكل ما هو ممكن لتأليف حكومة وحدة مع صديقي يائير لابيد".
وأضاف في خطاب متلفز "في لحظات الحقيقة هذه، عليك أن تعرف كيف تتحمل المسؤولية"، متابعا "لدي خلافات مع يائير لكننا نتشارك حبّ هذا البلد".
ويباشر الحزبان مساء مفاوضات لإنجاز اتفاقهما، وفق ما أعلنا في بيان. وقال أيضا أن "اليسار يقوم بتسويات أبعد من أن تكون سهلة، حين يطلب مني أن أكون رئيسا للوزراء".
من جهته، اعتبر نتنياهو في خطاب متلفز أن "هذه الحكومة ستكون خطرا على أمن دولة إسرائيل. وأسماها بـ عملية "احتيال القرن".
ولتشكيل حكومة، على يائير لابيد زعيم حزب "يش عتيد" (هناك مستقبل) ضمان دعم 61 نائبا. وقبل إعلان بينيت دعمه، نجح لبيد في جمع تأييد من اليسار والوسط وحزبين من اليمين (51 نائبا).
وحصل بينيت زعيم حزب "يمينا" على سبعة مقاعد في البرلمان في انتخابات 23 مارس الرابعة خلال عامين. لكن أحد أعضاء الكنيست من حزبه أعرب عن رفضه للتعاون مع المعسكر المناهض لنتنياهو.
وهذا يعني ستة مقاعد إضافية، لكن لا يزال يتعيّن على المعسكر الداعي لإنهاء حكم نتنياهو جمع أربعة مقاعد أخرى، وهو يعوّل على حزبي عرب إسرائيل اللذين لا تزال مواقفهما ضبابية.
وأعلن بينيت أن خطر إطالة فترة الركود السياسي يفوق التكلفة الأيديولوجية للانضمام إلى حكومة الوحدة. وإذا توصلوا إلى اتفاق، فإن بينيت سيصبح رئيسًا للوزراء حتى عام 2023، وعندها سيتولى لابيد، المنصب خلفا له.
وكان حزب نتنياهو، الليكود، لا يزال يمارس الضغط على نواب المعارضة اليمينية المتذبذبة، ويدعوهم إلى التخلي عن الكتلة المناهضة لنتنياهو، ومن المرجح أن يجبر البلاد على إجراء انتخابات أخرى قد تنتهي بشكل أفضل لصالح نتنياهو.
قال مسؤول في نيو هوب، وهو حزب يميني صغير لم ينضم رسميًا إلى الكتلة الائتلافية، إن نوابه الستة تلقوا وابلًا مستمرًا من المكالمات الهاتفية والرسائل طوال يوم الاثنين من أعضاء الليكود، لتشجيعهم على التخلي عن المفاوضات. .
وتجمع المتظاهرون المؤيدون لنتنياهو خارج منزل بينيت وحليفته أييليت شاكيد، وحثوهما على عكس المسار. بينما صعد نواب حزب الليكود من انتقاداتهم لبينيت وشاكيد، في محاولة أخيرة لإبعادهم عن التحالف مع لابيد.
تعود طبيعة المفاوضات المطولة جزئيًا إلى طبيعة النظام الانتخابي الإسرائيلي، الذي يخصص مقاعد برلمانية وفقًا لحصة كل حزب في التصويت، مما يسهل على الأحزاب الصغيرة دخول البرلمان، ويصعب على الأحزاب الأكبر تشكيل حكومات أغلبية.
لكن الأمر يعود أيضا إلى الانقسام الذي يعاني منه نتنياهو نفسه.
وأدى الانقسام إلى تفاقم الجمود السياسي الذي شهد سقوط إسرائيل في أربع انتخابات عامة غير حاسمة في غضون عامين. لم يكن لكتلة نتنياهو ولا خصومه أصوات كافية للفوز بالمنصب على الفور، مما سمح لنتنياهو بالبقاء في منصبه، في الغالب كرئيس وزراء مؤقت، ولكن ليس في السلطة بالكامل.
ثلاثة من الأحزاب التي يُرجح أن تشكل جزءًا من الائتلاف الجديد يقودها حلفاء سابقون لنتنياهو، بمن فيهم بينيت.
بسبب الطبيعة المطولة لمفاوضات الائتلاف، والاختلافات الأيديولوجية بين الأطراف المكونة له، لا يُتوقع من التحالف متابعة القضايا الخلافية مثل حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، أو الإصلاح القضائي. بدلاً من ذلك، من المرجح أن يركز التحالف على سياسات أكثر مباشرة، مثل إنشاء ميزانية جديدة للدولة، واستعادة الاقتصاد بعد الوباء وتحسين البنية التحتية.
إذا تم تشكيل الحكومة الجديدة، فسوف يقودها زعيم المستوطنين السابق، بينيت، الذي يعارض قيام الدولة الفلسطينية ويريد ضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية المحتلة. لكن من المرجح أن تحتوي على عناصر أكثر تؤيد حل الدولتين مقارنة بحكومة نتنياهو الحالية.
للبقاء في السلطة، قد تحتاج الحكومة أيضًا إلى الاحتفاظ بالدعم البرلماني لحزب رآم، الحزب الإسلامي العربي، الذي يسعى إلى مزيد من الحقوق والموارد للمواطنين الفلسطينيين في إسرائيل، الذين يشكلون حوالي 20 في المائة من السكان.
وتتردد أنباء عن احتمالية انضمام الحزب العربي لهذا الاتفاق لكنه لم يوقع رسميا عليه حتى الآن.
بالنسبة للبعض، لن يكون للمكوّنين اليساريين والوسطيين والعرب في التحالف الجديد المفترض سوى تأثير محدود على بينيت وغيره من أعضاء الجناح اليميني.
بالنسبة للإسرائيليين الأرثوذكس المتشددين، أو الحريديم، فإن الائتلاف الجديد المزعوم مزعج لأنه سيتم تشكيله دون مشاركة أي من الحزبين الرئيسيين الداعمين للحريديم، واللذين شاركا في معظم الحكومات الائتلافية خلال العشرين عاما الماضية.
وخرجت وسائل الإعلام الإسرائيلية بتقارير تعلق على تصريحات بينيت والتحالف الجديد، قائلة إن نتنياهو "سيجعل حياة هذه الحكومة جحيما" إذا غادر مكتب رئيس الوزراء، وسوف يذهب إلى المعارضة وسيتبعه أنصاره ولن يترددوا في استخدام أي كلمة أو سب أو احتجاج.
وأعرب محللون عن استيائهم من موافقة بينيت على التعاون مع أحزاب الوسط واليسار. وحذر كتاب مقالات يهود متشددون من إقامة حكومة "معادية لليهود".
وقالت صحيفة يديعوت أحرونوت إن نتنياهو سيستفيد إلى أقصى حد من كل ساعة من الساعات العديدة المتبقية لمحاولة إشعال النار. كل ساعة تمر تجعله أكثر يأسًا وأكثر تحريضًا وخطورة. خاصة أنه أحد أكثر رجال الدولة موهبة ودراية بـ إسرائيل.
فيما قالت صحيفة هأرتس إن "أنصار نتنياهو لن يتخلوا عنه". لأنهم مدمنون على الشعور بالنقص والتخيلات بالاضطهاد وتشهير الدم ونظريات المؤامرة، ولن يقبلوا تغيير النظام الذي تحقق نتيجة انتخابات ديمقراطية. ويقدمون نتنياهو في صورة الضحية النبيلة، والبطل المأساوي، الذي يعوضهم من تعاطف العالم بأسره.



