السبت 20 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

الخبراء يجيبون: كيف نجحت مصر في إحباط محاولات إثيوبيا لعزلها عن محيطها الإفريقي في "أزمة سد النهضة"؟ 

بوابة روز اليوسف

حسن أبو طالب: 3 مبادئ وضعتها القيادة السياسية لاستراتيجية استعادة متانة وزخم العلاقات من القارة السمراء

محمد عبد الواحد: مصر تمكنت من إثبات جديتها في تنمية إفريقيا عبر شراكات صادقة وحقيقية اعتمدت على إعادة بناء الثقة ودعم علاقات المودة والصداقة

د. أماني الطويل: القيادة السياسية عملت على تفعيل حزمة من السياسات ساعدت على استعادة إفريقيا لوزنها في الدبلوماسية المصرية

 

أكد خبراء وباحثون في الشأن السياسي والاقتصادي لـ"بوابة روزاليوسف"، أن إهمال الدبلوماسية المصرية لتقوية العلاقات المصرية- الإفريقية، خلال السنوات السابقة لتولي الرئيس السيسي مسؤولية قيادة مصر، أدى لتعقد أزمة سد النهضة، مشيرين إلى أن القيادة السياسية المصرية تسعى منذ 7 سنوات لتعزيز العلاقات المصرية-الإفريقية، وإعادة بناء الثقة مع دول القارة السمراء، وحققت في هذا الشأن نجاحات مؤثرة، وعملت على تحييد أصوات إفريقية عملت إثيوبيا على استقطابها ضد مصر، بادعاء أنها دولة عربية تسعى للاستحواذ على النسبة الأكبر من مياه إفريقيا، وأن الأزمة في حقيقتها (عربية- إفريقية).

قال الدكتور حسن أبو طالب، مستشار بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتجية لـ"بوابة روزاليوسف"، إن الرئيس عبد الفتاح السيسي، وضع منذ توليه المسؤولية استراتجية سياسية للخارجية المصرية، تعمل على إعادة العلاقات المصرية- الإفريقية إلى قوتها وفعاليتها، وتقوم على 3 مبادئ، أولها أن مصر لديها الرغبة والإرادة لوضع إمكانياتها وخبراتها البشرية والعلمية لخدمة الأشقاء الأفارقة في ملف التنمية، ويقوم المبدأ الثاني على أن التعاون مع الدول الإفريقية يعتمد على فكرة المصلحة المشتركة، والثالث أن عدداً كبيراً من التحديات المشتركة عقبات لا يمكن لأي دولة أن تواجهها بمفردها، ومنها التصحر، والتغيرات المناخية، والإرهاب، والتطرف، والتدخلات الخارجية، إلى جانب بعض النزاعات الداخلية القريبة من الحرب الأهلية، والتي تسمح بالتدخلات الخارجية السلبية، كما اقترحت مصر مجموعة من الآراء والأفكار والسياسات للمواجهة الجماعية لتلك التحديات. 

الدكتور حسن أبو طالب
الدكتور حسن أبو طالب

وأضاف "أبو طالب"، أن الدولة المصرية تعمل على تحقيق تلك الاستراتيجية التنموية مع الدول الإفريقية، التي لديها الرغبة في التعاون مع مصر، وقامت في هذا الصدد بإنشاء "سد روفيجي" بدولة تنزانيا، وهو عبارة عن مشروع تنموي مقام على نهر داخلي يغطي مساحة 600 كيلو متر مربع، ويهدف المشروع لتوليد الكهرباء بمعدل 2,1 ميجاوات، وأيضاً حجز ما يقرب من 34 مليار متر مكعب من المياه للاستفادة منها طوال العام للشرب، وأعمال الزراعة والصناعة، لافتا إلى أن المشروع يقدم رسالة لكل الأشقاء الأفارقة وللعالم بأن مصر تضع إمكانياتها في خدمة التنمية بالقارة السمراء، ويوضح الموقف المصري المتعلق بملف سد النهضة، قائلاً: "إثيوبيا متعنته إزاء التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم ينظم عملية ملء وتشغيل سد النهضة، بما لا يضر بمصالح مصر والسودان المائية، وتطلق دعايات سوداء وغير حقيقية بأن القاهرة ضد تنمية شعوب القارة، وأنها تتمسك بنظرة استعمارية قديمة وأشياء من هذا القبيل، لكن مشروع "سد روفيجي"، يؤكد كذب تلك الادعاءات، وأن مصر ستظل داعمة للتنمية في أي دولة إفريقية".

ولفت "أبو طالب"، إلى أنه خلال السبع سنوات الأخيرة قام الرئيس السيسي باستقبال واستضافة العديد من القادة الأفارقة، في إطار تعزيز العلاقات الثنائية، وشاركت الدولة المصرية عند رئاستها للاتحاد الإفريقي في 2019 في القمم واللقاءات الثنائية التي تتعلق بالاستخدامات المتجددة للطاقة، وحسن استخدام الموارد الطبيعية المتاحة، إلى جانب تقديم خبراتها في المجال الصحي، والمشاركة في قوات حفظ السلام الدولية بالقارة السمراء، ما يؤكد الحرص على توطين الأمن والاستقرار.. وقال: "كل ذلك يؤكد حرص مصر على تعميق وتعزيز العلاقات الثنائية مع دول القارة السمراء، وأنها عضو فاعل ومهم في الاتحاد الإفريقى".

وحول توقعاته بشأن مستقبل العلاقات (المصرية- الإفريقية)، قال إن حال استمر حرص مصر على مساعدة الدول الإفريقية في المجال التنموي، والعمل على خروجها من عثراتها الاقتصادية، فسوف يزداد زخم تلك العلاقات.

في السياق ذاته قال اللواء محمد عبد الواحد، خبير الأمن القومي والشؤون الإفريقية لـ"بوابة روزاليوسف"، إن مصر استطاعت خلال آخر 7 سنوات تحقيق الكثير من أهدافها السياسية، خاصة في القارة السمراء، وذلك عن طريق تحركاتها الجادة والفاعلة إقليمياً وعالمياً، وتبدى ذلك في استعادة مكانتها إقليمياً برئاستها الاتحاد الإفريقي في 2019، ثم رئاسة لجنة المناخ به، ورئاسة الكوميسا (منظمة دول جنوب وشرق إفريقيا)، بالإضافة إلى أن مصر نالت عضوية مجلس السلم والأمن الإفريقي لفترتين، وعلى المستوى الدولي، تمكنت من اقتناص عضوية غير دائمة في مجلس الأمن، التابع للأمم المتحدة في عام 2017 لمدة عامين.

اللواء محمد عبد الواحد
اللواء محمد عبد الواحد

وأضاف "عبد الواحد"، أن مصر تمكنت من إثبات جديتها فى تنمية القارة السمراء، ودعم القضايا المشتركة، وذلك عبر شراكات صادقة وحقيقية، اعتمدت على إعادة بناء الثقة، ودعم علاقات المودة والصداقة الفاعلة، التي حرص الرئيس السيسي على إقامتها مع نظرائه من قادة القارة السمراء، خلال اللقاءات الثنائية على هامش المؤتمرات والفعاليات الإفريقية والدولية.

وأوضح خبير الأمن القومي، أن مصر تمكنت من الحفاظ على أسس الشراكة مع الدول العظمى فيما يخص الشأن الإفريقي، وشاركت في مؤتمرات (الصين- إفريقيا) و(اليابان-إفريقيا)  - "التيكاد"، وأيضاً (روسيا- إفريقيا)  و(إنجلترا – إفريقيا) و(أوروبا – إفريقيا)، كما شاركت في مجموعة العشرين، وهو منتدى دولي يجمع الحكومات ومحافظي البنوك المركزية من 19 دولة، بالإضافة للاتحاد الأوروبي، والذي عقد في اليابان وألمانيا، وتواجدت مصر في مؤتمر باريس الذي ناقش أعباء الديون في إفريقيا وكيفية معالجتها وإسقاطها، وأيضاً عملية التنمية في ظل جائحة كورونا.

وأشار إلى أن مصر تسعى- أيضاً- إلى توطين التكنولوجيا في القارة السمراء، وتقديم خبراتها الخاصة بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة لدعم دول القارة، بالإضافة إلى إدخال التكنولوجيا التي تتعلق بإعادة تصنيع المواد الخام الإفريقية وتصديرها إلى الدول الأوروبية.

وأضاف أن مصر تقوم بتدريب العديد من الخبراء في الدول الإفريقية في مجال الزراعة والري، وتقدم دعماً فنياً عن طريق إرسال خبراء من مجالات مختلفة إلى القارة السمراء، إلى جانب تقديم منح دراسية للطلاب الأفارقة، وهذه جهود تساعد على زيادة حجم التبادل التجاري والاقتصادي، خاصة بعد توقيع مصر على اتفاقية منطقة التجارة الحرة. 

وأوضح أن مصر استطاعت مؤخراً تحقيق قفزات في هذا الإطار، حيث تدفع بالسلع المناسبة للاقتصاديات الإفريقية، وتحصل في الوقت ذاته على منتجات صناعية وزراعية ومواد خام، وذلك في إطار تعزيز التبادل التجاري. 

وأشار إلى أن القيادة السياسية تسعى لزيادة مشروعات التنمية في القارة السمراء، ومن أمثلتها إنشاء مصر طريق (القاهرة – كيب تاون)، الذي يربط القارة الإفريقية بالكامل، وتشجع مصر المستثمرين الأجانب على العمل بالقارة السمراء، كما تعمل على تعزيز العلاقات العسكرية مع دول القارة، ومن بينها السودان الذي شارك في مناورة "سيف العرب" بمصر، وعقدت القاهرة اتفاقيات عسكرية مع بوروندي وأوغندا وجيبوتي، في إطار الحرص على تفعيل المصالح المشتركة.

من جانبها أوضحت د. أماني الطويل، خبير الشؤون الإفريقية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية لـ"بوابة روزاليوسف"، أن مصر تمتلك حزمة من السياسات التي تساعد على استعادة إفريقيا لوزنها في الدبلوماسية المصرية، وأيضاً تشجيع وتعزيز علاقات التعاون مع دول القارة، مشيرة إلى أن إهمال الدبلوماسية المصرية فيما مضى للعلاقات مع القارة السمراء أحد أسباب تأزم ملف سد النهضة، وأضافت: استمرار وتنامى العلاقات المصرية- الإفريقية يعتمد على الجهود التي تبذلها الدبلوماسية المصرية فى هذا الصدد، مشيرة إلى أنها تستخدم – حتى الآن - الأدوات الرسمية، لكننا بحاجة لتفاعل كل مكونات المجتمع المصري لدعم العلاقات مع القارة السمراء.

أماني الطويل
أماني الطويل

وحول هذه النقطة قال اللواء محمد عبد الواحد، خبير الأمن القومي والشؤون الإفريقية: "أعتقد أنه إذا استمرت مصر في بذل جهودها التنموية تجاه القارة  فستتمكن من كسر حواجز نفسية كثيرة، من بينها الحاجز المتعلق برؤية شعوب الدول الإفريقية لمصر على أنها دولة عربية وليست إفريقية، وهو حاجز تمت ملاحظته من خلال استغلال إثيوبيا له في أزمة سد النهضة، حيث حاولت حشد الدول الإفريقية في مواجهة مصر، بادعاء أن الأزمة عربية- إفريقية، وهذا أمر خطير عملت القيادة السياسية على تداركه، وأعتقد أن نتائج الجهود المصرية تبلورت في تحييد بعض الأصوات الإفريقية بحيث لا تقوم بالتصويت ضدها عند القيام بأي مشروع سياسي لحل الأزمة. 

وقال: "المشكلة أن أديس أبابا لا تتجاوب مع جهود حل الأزمة بحسن نية، وتستغل اللقاءات الإفريقية في هذا الشأن، لاستهلاك الوقت وتثبيت ما تراه حقها السيادي في مياه نهر النيل، دون التوافق مع دولتي المصب "مصر والسودان"، لافتا إلى أن الدولة المصرية ستلجأ لوسائل ومؤسسات دولية حتى تزيد الضغط على أديس أبابا، لتقبل ما يمليه عليها القانون الدولي فى هذا الشأن، من خلال اتفاقيات ملزمة وواضحة لا يمكن التنصل منها.

وعادت "الطويل"، لتؤكد أن أي تحسن في ملف سد النهضة لن يتأتى إلا من خلال التدويل (تحويله إلى قضية دولية)، وحسب رأيها: إذا تحملت الولايات المتحدة- أيضاً- مسؤوليتها الكاملة في هذا الأمر، وعملت على معالجته بتقدير موقف صحيح، فسيحدث "خلخلة" في الموقف الإثيوبي المتعنت.

وترى "الطويل"، أن مصر حققت نجاحات موثرة في المجالين الاقتصادي والتجاري مع إفريقيا، منها البدء في إنشاء مناطق لوجستية جديدة في دول القارة، مثل كينيا وجيبوتي، إلى جانب اهتمامها بالتجارة عبر البحر الأحمر وتطوير الأسطول البحري، كما طورت حركة الصادرات المصرية إلى القارة السمراء، وأسهمت بشكل فعال في إنشاء منطقة التجارة الحرة الإفريقية، لافتة إلى أنها تعقد كل عام مؤتمرا يتعلق بالاستثمار في القارة السمراء.

تم نسخ الرابط