"المكنجية" .. مهنة تواجه الاندثار في الإسماعيلية
تتعرض بعض المهن والحرف اليدوية للاندثار والانقراض، نظراً لانتشار الحداثة التكنولوجية وتطوير الأجهزة والمعدات المستخدمة في مختلف الصناعات، وتأتي علي رأس تلك المهن "المكنجي" وهو عامل تفصيل الحذاء الذي ظل معتمدا عليه في صناعة"الأحذية " لسنوات طويلة قبل ظهور مصانع الأحذية وانتشارها.
وفي هذا المجال لم يعمل به إلا ٦ فقط داخل محافظة الإسماعيلية الصغيرة، منذ بداية الخمسينات وحتي اوائل التسعينيات، ثم يلجأ الأهالي لشراء "الاحذية" من المصانع الخاصة بها، وتبدأ تلك المهنة في التلاشي والاندثار شيئا فشيئا.
ومن خلال البحث في تلك المهنة، لم نجد إلا الحج محمد علي "باشا المكنجية " في محافظة الإسماعيلية، ذو العقد السابع من عمره، يروي قصة اختياره وعشقه لتلك المهنة، وسبب تركه لها عقب مرور أكثر من ٥٠ عاماً علي ممارستها.
يقول محمد علي آخر المكنجية بمحافظة الإسماعيلية: كان والدي من اكبر صنايعية المهنة في محافظة الإسماعيلية، ولكنه رفض تعليمي لها، مرددا : لم تتحمل تدريبي وتعليمي لك؟!، وقام بترشيح الاسطي متولي لتعليمي أصول المهنة، وبالفعل ومنذ ١٢ من عمري احترفت تلك المهنة التي أعشقها حتي النخاع، فهي وفي المقام الأول "مهنة فنية" ذات تذوق فني بديع.
فكنت حينما اري احدي التصميمات الخاصة بتفصيل وجهة الحذاء، تنشأ بيننا علاقة عشق تدفعني بشغف لإنتظار رؤية هذه اللوحة الفنية البديعة، عقب الإنتهاء من تصميمها.
فيري" الزبون " تصميم حذائه الذي اختاره ، فيبتهج فرحة لاحتراف صنايعي المهنة، ويطالبه بمعرفة تكلفة الحذاء، فيجيبه فقط ٥ جنيهات، في الوقت الذي ترتفع أسعار الاحذية بصورة مبالغ فيها.
ويقول اقدم "مكنجي للاحذية " في محافظة الإسماعيلية: لم ولن اتصور يوما ما، وان اترك تلك المهنة، ولكن المرض فقط من نجح وابتعادي عن عشقي الوحيد في الدنيا، فقد تعرضت لأزمة صحية كبيرة "وورم سرطاني" جعلني طريح الفراش لأكثر من ١٢ سنة، افقدني خلالها القدرة والعودة للعمل من جديد او تحمل مشقته، فتتطلب طبيعتي العملية وبذل مجهودا بدنيا كبيرا، لا سيما وانا اعمل بمفردي دون مساعدة من احد.
فيما يتمني الحج محمد علي باشا المكنجية في محافظة الإسماعيلية، وعودة تلك المهنية الفنية المتميزة من جديد وتدريب جيلا جديدا من الشباب للعمل بها وخلق فرص عمل اكبر واوسع انتشارا لهم، ومن داخل منازلهم، فلم تتطلب تلك المهنة سوي "قالب وابرة وخيط " والبسيط من الادوات المستخدمة في تلك المهنة اليدوية، بدلا من العمل في مصانع الاحذية فقط فهو مشروع بسيط التكلفه كبير المجهود، وله من الاثر النفسي الايجابي بصورة يندهش لها الجميع .



