منابت الذهب في تراث غانة القديم
يبدو أنه من أبرز أنماط حكايات "التراث الشفاهي" المرتبط بوجود المعدن النفيس أو الذهب في مناطق غرب إفريقيا (أي بلاد السودان الغربي)، الحديث عما يعرف بمنابت الذهب.
ومن اللافت أن بعض المصادر العربية القديمة تتحدث عن الـذهب في "مملكة غانة" وكأنه نباتٌ ينمو في أرضهـا، وليس معدنًا صلبًا، وربما يتوافق ذلـك مع طبيعة رؤيتهم لـ"مناجم الذهب" في أيامهم.
وعلى هذا فإن بعض المُؤرخين القُدامى يتحدثون عن "نبات الذهب"، وكذلـك "منابت الذهب"، بينما العُمَريُّ (المتوفى سنة: 749هـ/ 1348م): "وأما غانةُ، فإنه لا يملكها وكأنه مالكها... لأن بها وبما وراءها جنوبًا منابت الذهب..".
ولقد حفظت لنا الروايات الشفاهية العديد من التصورات الشعبية الخاصة بالذهب ومناجمه وتجارته في ممالك إفريقيا جنوب الصحراء، بل تحدثت بعض تلك الروايات عن التصور الخاص بأصل الذهب، وكيف ظهر في هذه البلاد، ولعل أبرزها حكاية الثعبان بيدا أو الثعبان وأمطار الذهب.
ولعل من الأمور اللافتة أن نجد مصر حاضرة في بعض روايات التراث الشفاهي في غرب إفريقيا القديمة، رغم بعد الشقة والمسافات الجغرافية بين الطرفين، ما بين أقصى الشرق الإفريقي (أي مصر) من ناحية، وأقصى الغرب الإفريقي (آرضي غانة) من ناحية أخرى، حيث تربط بعض الروايات السودانية (الإفريقية) القديمة بين كل من شعب السوننك من جانب، وأرض مصر من جانب آخر.
وتذكر تلك الروايات أن جماعات السوننك، وتحديدًا من سكان منطقة وكد (أو وجدو- وجادو) جاءوا في الأصل من أرض مصر.
ولعل ذلك يشير إلى قدوم هجرات مصرية قديمة إلى بلاد السودان الغربي، ثم اختلط هؤلاء المهاجرون بالسكان المحليين، ولعلهم من شعوب الماندنجو القدامى، وهو في الغالب ما شكل فيما بعد شعب السوننك.
متخصص في التاريخ والتراث الإفريقي



