على مدى خمسة أيام استمتع جمهور الأوبرا بعرض الباليه العالمي (كسارة البندق)، والحقيقة أن هذا العرض هو عادة سنوية تحرص على تقديمها الأوبرا، منذ تسعة وعشرين عاما في مثل هذا التوقيت من العام، احتفالا بأعياد الكريسماس والعام الميلادي المجيد، حالها كحال مسارح العالم التي اعتادت تقديم العرض في ختام العام بالتزامن مع احتفالات الكريسماس، فقد رفع الستار لأول مرة عن رائعة المؤلف الروسي "تشايكوفسكي" عام ١٩٩٢ في مدينة سانت بطرسبرنج الروسية، وبعدها بعام بدأت العروض في القاهرة على المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية في شتاء عام 1993، ليدر على الأوبرا ربحا كبيرا، فوفقا لما صرح به "محمد منير"، المستشار الإعلامي لوزارة الثقافة، فقد حقق العرض إيرادات تجاوزت مليون جنيه، خلال أيام عرضه الخمسة هذا العام، لكن في الحقيقة، المكاسب الحقيقية لهذا العرض تتجاوز تلك الأرباح المادية، فالعرض الذي تقدمه فرقة باليه أوبرا القاهرة، بمصاحبة أوركسترا أوبرا القاهرة بقيادة المايسترو "ناير ناجي"، هو رسالة تنويرية قوية يمكن اكتشاف أثرها إذا ما نظرت إلى نوعية الجمهور الذي حرص على الحضور، حيث استقطب العرض فئات عمرية مختلفة من الجمهور، وهو أمر مبشر جدا أن يقبل الجمهور على تلك العروض الفنية الجادة، التي تساهم في زيادة وعيه وقدرته على استيعاب شتى الفنون، أما المكسب الآخر الذي لا يمكن أن نغفله فهو وجود هذا القدر من المواهب ضمن فريق باليه أوبرا القاهرة، وهو ما يعكس مدى اهتمام الأوبرا بأبنائها، ومدى التواصل الحاصل بين الأجيال المختلفة، وبراعة المايسترو "ناير ناجي"، الذي قاد فرقته بتناغم شديد مع أداء الراقصين على المسرح، بالإضافة إلى الملابس، والديكورات التي قدمت على أعلى مستوى ليخرج العرض في النهاية بشكل لا يقل عن أي عرض عالمي يقدم على أي من المسارح العالمية المهمة، أما عناصر الإبهار الفنية، والخدع البصرية التي تم توظيفها طوال فترة العرض، والتي خطفت أنظار الجمهور كما خطفت تصميم الرقصات قلوبهم، فتجعلنا نرسل ألف تحية للمخرج الراحل الدكتور "عبد المنعم كامل"، أول من قام بإخراج هذا العرض المبهر، ولأبنائه من بعده الذين أنجزوا هذا العمل الرائع، وجعلوا منه الحصان الرابح الذي تختتم به الأوبرا برنامجها هذا العام، وإذا ما كانت هناك أمنية، يمكن أن نتمناها في الختام، فهي أن تُقام رحلات مدرسية للطلبة، لحضور عرض (كسارة البندق)، والاستمتاع بكل هذا الرقي الذي تقدمه أوبرا بلدهم، حتى نغرز في نفوسهم منذ الصغر حب الفن والجمال.



