السبت 20 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
بوابة روز اليوسف

"النقد" كلمة مشتقة من كلمة (نقود)، وتعني البحث عن الشيء الثمين، كما أنها تستخدم للتصويب، أما عن كلمة "النقض" فهو الهدم، ومن ذلك سميت محكمة النقض، لأن حكمها يبطل ما قبله من أحكام، وهنا السؤال يطرح نفسه.. هل تستخدم كل كلمة من الكلمتين السابقتين في مكانها الصحيح؟ أم أصبحت كلمة "النقض" هي السائدة بين من يدعي أنه "ناقد".

 

من حق كل شخص أن ينتقد كل ما هو مباح للنقد بالشكل الذي يليق بمعنى ومفهوم كلمة "النقد" من خلال كشف الجانب الإيجابي والإشارة إلى الجانب السلبي، وكيفية تصويبه وتحويله إلى إيجابي.

"النقد"، هدفه التصحيح والتقييم وإلقاء الضوء على الجانب المضيء دون تجريح أو تطاول على الآخر ، من حقك أن تنتقد طالما تمتلك آليات ومقومات النقد وأساليب التصويب، بما يتناسب مع الأسس العلمية والعملية ولا يتعارض مع التقاليد والعادات وما جاء بالرسالات السماوية، بالإضافة إلى تقديمه وطرحه بالشكل اللائق والمناسب.

لكن للأسف تحول "النقد" إلى "نقض"، و تحولت الآراء البناءة إلى اتهامات هدامة ليس لها أي علاقة بالنقد من قريب أو من بعيد.. الآن هناك من يستخدم "النقد" كوسيلة تحمل أهدافًا خفية تصب لصالح شخص أو مجموعة بعينها، مثل الدعاية غير المباشرة لفيلم أو منتج أو فكرة وغيرها من عمليات الترويج والتسويق لسلعة معينة، ويأتي هذا الشكل في صورة 

"نقد" في العلن وفي باطنه ترويج وتسويق ودعاية غير مباشرة.

 

"كل ممنوع مرغوب"، مقولة أو مثل يطلق على كل شخص ينجذب إلى أى شيء ممنوع، أو تم التحذير منه، هناك صناع أفلام قاموا بتطبيق هذه المقولة في عملية الدعاية لأعمالهم الفنية، من خلال استخدام أقلام خفية تهاجم العمل الفني على منصات التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى أن بعض الأقلام تبنت دعم فكرة الدعاية، وقاموا بنقد العمل، وأقلام أخرى انساقت خلف ما كتب ونشر دون التحري أو البحث، ونحن نسمي ما يحدث "بالون اختبار"، يجني ثماره  صاحب المصلحة.

 

علينا أن نستفيق كي نفرق بين الكلمتين المتشابهتين في عدد الأحرف  وربما النطق، ولكن حرفهما الأخير قادر على أن يبين لنا أوجه الاختلاف والخلاف بينهما. 

 

يجب ألا ننساق خلف كل ما يكتب على صفحات التواصل الاجتماعي، خاصة عندما يكون المصدر غير معلوم ومجهول للقارئ، فهناك من يريد أن يجعلنا أداة يسخرها لتحقيق أهدافه بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، الأهم عند صاحب المصلحة الوصول إلى مبتغاه وتحقيق ما تصبو إليه نفسه.

 

أخيرًا وليس آخرًا.. فقد أصبح التخفي وراء مضمون معين له أهداف يسعى صاحب المصلحة إلى تحقيقها بشكل شرعي أو غير شرعي، وهناك من يستخدم جانب العادات والتقاليد لتعبئة الرأي العام تجاه قضية ما، وهناك من يزج بالموضوع للناحية الدينية "الحرام والحلال"، كنوع قوي التأثير على القارئ أو المستمع من أجل تبني فكرته تجاه القضية المطروحة، ربما يكون النقد في محله، وأحيانًا يكون بعيدًا كل البعد.

 

من منا لم يتابع أو يقرأ قصة وحكاية الفيلم العربي، الذي أثار الجدل بين شرائح المجتمع المختلفة وشبع "نقد" و "نقض" إلى أن أصبح الفيلم حديث الساعة على جميع الوسائل الإعلامية، بالإضافة إلى ما تداولته مواقع التواصل الاجتماعي من آراء مختلفة ما بين مؤيد ومعارض، عندما نركز في الموضوع نكتشف أن القائمين على الفيلم وصناعه، لو قاموا بتنفيذ حملة إعلانية كبيرة تقدر بملايين بهدف الدعاية للعمل الفني، ما كانوا وصلوا للنجاح الدعائي الذي تم تحقيقه، نتيجة الهجوم ونقد الفيلم.. هنا السؤال: هل كانت النوايا خلف ما حدث هدفها "النقد"، أم الدعاية غير المباشرة للفيلم؟! 

تم نسخ الرابط