

وفاء بوكيل
حتى متى؟
بقلم : وفاء بوكيل
منذ امد بعيد و نحن العرب في جدال و حجاج و سجال بيننا و بين انفسنا و غيرنا .. في غليان و هيجان و نحن نتباهى باننا اصل الفنون و منابع العلم و النحت و الرسم و الابتكارات على اشكالها و الوانها ..و ازمة الهوية تتعمّق في اصولنا و نحن غير مبالين فعلا هل لدينا ثقافة مستوردة في شكل معرّب ام هي ملفّقة ام مستوردة ام هي مغلقة و تارة تكون منفتحة ام ماذا ؟؟؟
اقدم العرب القدامى على مر العصور على التقليد و التجديد و تارجحوا بين الرجعية و الحداثة و الانا و الانا الاخر في عالم داخلي خارجي متقلّب زادته الانترنت عرضا و اتساعا ..و مصائب كثيرة ..و لو كان ابن خلدون شاهد عصر لوصف المغلوب المقلّد بالمعتوه لا بالمجبور على تقليد الغالب في كل شيء...
ان بذخ حضارة العرب و و امتداد ارثها المترامي الاطراف عبر الامبراطوريات و السلطنات و الحكومات جعلها غير مثبتة في شموخها و عليائها ..لان نزعة شباب اليوم الى العنف و التطرف اراه على علاقة وطيدة بانعدام حضور الثقافة كمعطى استراتيجي اساسي معرّف به في كل حكومة عربية لديها مكتسبات و تاريخ و موروث يانع مورّد في كل ركن من اراضيها ...فالثقافة ليست ''اكسسوارا'' او ''اوبشن '' يمكن الاستغناء عنه في كل لحظة ..ليست ايضا قطعة حلوى ناكلها عقب كل وجبه .. ''اكسترا'' لذيذ نتباهى به امام الضيوف او الجيران ..اننا في زمن ما بعد الانتفاضة أي بمعنى التاسيس و التفكير اثر الانتهاء من كل ثورة للعمل فعليا على ارض الواقع و الحقيقة الامرّ من الحنظل..
ان عمل كل وزراة فعّالة ناجعة في دولنا خاصة في هذه الظروف يجب ان يرتبط فعليا بالثقافة كركيزة اساسية صلبة و اولية للنهوض بالشباب و الاطفال و الكبار ..فلم يتبقى للعرب من اسلحة اشد فتكا و قوة من الثقافة الا العلم الذي هو ثقافة في حد ذاته ..ثقافة بناء و كد و تعمير ..
اننا امام تحدّ علينا ان نكسب رهانه و النجاح و الا فلن نعدو ان نكون مجرّد ''فيترينة '' يمر عليها الغرب ليلتقط صورة او يجرّب فيه مصلا او خطّة جهنّمية .
ان متمّمات حضارتنا اليوم تقتضي صحوة لانقاذ ما تبقى للصد عن اولادنا ببناء جدار يمنع المخاوزين و الارهابيين و المخربين في اوطاننا من التقرب الى اولادنا و شبابنا ..و تحصينهم لن يكون الا بالثقافة ..
عندما انظر الى هرم من الاهرام او اتامل عمودا قرطاجنيّا او اتقفّى اثر مدينة نوميدية اشعر بالخلط.. فنحن اصول الحضارات و منابتها المدهشة و ينخرني السؤال ..بل هي اسئلة كثيرة ..كثيرة ..اين نحن من هذه اللّخبطة التي تدور ؟
كيف نجعل من ثقافتنا يدا موجعة تضرب كل من تسوّل له نفسه المساس من قيم الحياة و التواصل ؟
الى متى سنشاهد صورا هجينة من العنف الذي مردّه اساسا استحقار الثقافة و الفنون في بعض الدول العربية بتفاوت لكننا سئمنا مناظر السواد و القتل ايضا ...متى ستعود عواميدنا الهرمة العاتية الى عليائها بانتعاش من جديد امام مطامع الكثيرين و مكائدهم ؟
كيف لنا ان نصنع من غدنا الناصع سلاحا نوويا بالفكر و الفكرة و العقل ؟
كيف لنا ان نصنع غدا اكثر املا مما نحن فيه اليوم ؟
اسالتي تدور بي كالحلقة المتوالدة الكثيفة التي لن تنتهي الا عندما تصل رسالتي الى مبتغاها ..مضمونة الوصل و الوصول ..كاملة تامة اين الى ؟؟ حتى متى ؟؟؟يعود لي رجع الصدى ..
هم صنّاع الموت ..و نحن صناع الحياة بامتياز و عن جدارة ...