

د. طه جزاع
نفس الغنوة لأجمل وحدة !
بقلم : د. طه جزاع
ترددت قليلا قبل ان استجيب لدعوة الصديق الكريم عبد الجواد أبو كب رئيس تحرير بوابة " روز اليوسف " التي وصلتني برسالة خاصة على صفحتي في " الفيسبوك " تقول : بانتظار مقال أتمنى أن يكون اسبوعيا لنتشرف به في روزاليوسف .. وقل لي قبلها لنحتفي بك كما يليق بقدرك عندنا . وأزاء هذه اللطف والخلق الرفيع،وجدت نفسي بعد ساعات،ادرج بوابة " روز اليوسف " ضمن جدول التزاماتي المتمثلة حاليا بمقالين في كل اسبوع لجريدة " المشرق " البغدادية اليومية،ومقال لمجلة العائلة العراقية " ألف باء " الشهرية ،فضلا عن بعض المقالات المتناثرة هنا وهناك !
ولا أكتمكم سرا فأقول،ان الكاتب الصحفي العربي يعيش مرحلة " ذهبية " قلما توفرت للأجيال التي قبله،فهذه الفوضى " الخلاقة " التي عمت منطقة الشرق الأوسط برمتها،ولاسيما بلداننا العربية " من المحيط الى الخليج " قد أسهمت من قصد أو من دون قصد،في توفير بيئة مثالية لصيادي الأفكار والمواقف والأحداث الفنتازية على امتداد " وطني حبيبي .. الوطن الأكبر يوم ورا يوم امجاده بتكبر .. وانتصراته مالية حياته " على رأي الشاعر المصري الكبير الراحل أحمد شفيق كامل،الذي " تنبأ " منذ مايقرب من ستة عقود ان الوحدة ستجمع شعوبنا العربية،وان نغم النصر سيسري بين المحيطين .. بين مراكش والبحرين " في اليمن ودمشق وجدة .. نفس الغنوة لأجمل وحدة .. وحدة كل الشعب العربي " !
وهكذا " تحققت " الوحدة العربية، منذ العام 1958بقصيدة " الوطن الأكبر " التي لحنها موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب،وسمعها العرب شرقا وغربا بأصوات أشهر وأعذب المطربين في زمانهم " عبد الحليم حافظ،صباح،فايزة كامل،شادية،وردة الجزائرية،ونجاة الصغيرة" حتى اذا حلت علينا " نعمة " العولمة وما لحق بها من " نعم " اخرى مثل تدمير العراق،وصعود الارهاب،ونهاية الحرب الباردة،وخريطة الشرق الأوسط الجديد،و" الربيع " العربي،والحروب والخراب والتدمير والاقتتال في ليبيا وسوريا واليمن،والهجرة الى دول " الكفر " والموت على شواطىء البحر الأبيض المتوسط وبحر ايجة وشواطىء الجزر اليونانية،ونشوء مرض الاسلاموفوبيا في الدول الغربية،ونهاية خريطة سايكس – بيكو،والديمقراطية المسلفنة على الطريقة الأميركية،وتنامي التطرف الديني والعنصرية والطائفية،حتى وجدنا أنفسنا وسط زوبعة كونية،وكارثة حضارية،ومحنة وجودية،توحدنا قصرا وجمعا،من المحيط الى الخليج .. نفس الغنوة لأجمل وحدة!
ومما زاد في " جمال " هذه " الوحدة العربية " تلك " الثقة العمياء" بمواطني بعض الدول العربية،الذين لا يحتاجون الى جواز سفر ولا تأشيرة دخول الى " أقطار " وطنهم الكبير،فهم يستقبلون على الحدود الوهمية بالابتسامات وأكاليل الورود،وفناجين القهوة المهيلة،وأهازيج " ياهلا بالضيف ضيف الله" ولا أحد يجروء أن يسألهم ماذا ستفعلون،ولا في أي فندق ستقيمون،ولا كم ستبقون،ولا من تعرفون أولا تعرفون،ولا أحد يحجز جوازات سفرهم في المطار حتى يغادرون !
هي غنوة .. لأجمل وحدة .. وحدة كل الشعب العربي ..ورحم الله احمد شفيق كامل ومحمد عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ وصباح اللبنانية وفايزة كامل ووردة الجزائرية .. وأطال الله في عمر شادية الكبيرة ونجاة الصغيرة و ... جامعة الوحدة العربية!
*كاتب وأكاديمي عراقي