عاجل
الجمعة 8 أغسطس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
البنك الاهلي
عرب محمد عبده.. وعرب فيفي عبده!

عرب محمد عبده.. وعرب فيفي عبده!

بقلم : د. طه جزاع

يتخيل بعض ما تبقى من المثقفين العرب المنتمين الى القرن الماضي،ويتخيل معهم جمهور واسع من العرب العاربة والمستعربة الذين يرفضون مغادرة ذلك الماضي الذي يصفونه بشتى الأوصاف الجميلة،ان الأمة مازالت كما كانت في حقبة فتوتها ونضجها الفكري وثورتها الكبرى، وأنها ذات الأمة التي كانت في نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين،حيث اليقظة العربية،وثورات الانسلاخ والخلاص من سطوة الامبراطورية العثمانية وسطوة الدول الغربية الاستعمارية التي قادها ساسة العرب وأبطالهم وثوارهم الكبار،وحيث حركة التجديد والاصلاح التي قادها أئمتهم ومفكريهم أمثال جمال الدين الافغاني وعبد الرحمن الكواكبي ومحمد عبده ومحمد رشيد رضا، وصولا الى عمالقة الشعر والفكر والأدب والثورة والاصلاح من أمثال رفاعة رافع الطهطاوي وقاسم أمين وسلامة موسى وأحمد شوقي وطه حسين وعباس محمود العقاد وزكي نجيب محمود وحافظ ابراهيم وخليل مطران وميخائيل نعيمة وجبران خليل جبران وجميل صدقي الزهاوي ومعروف الرصافي ومحمد مهدي البصير وأحمد الصافي النجفي ومحمد مهدي الجواهري،لذلك فأنهم يستنكرون ان تفوز فيفي عبده في برنامج "اسأل العرب" الذي تبثه قناة " MBC 1 " وتقدمه المغنية وعارضة الأزياء اللبنانية المثيرة للجدل " الفكري " مايا دياب وذلك لتطابق أفكار السيدة فيفي مع أفكار الغالبية العظمى من المشاهدين والمتسابقين العرب!



وبرنامج " اسأل العرب " الذي بثت حلقته الأخيرة الاسبوع الماضي باستضافة فيفي عبده في تنافس مع الممثل الكويتي حسن البلام والممثلة الكويتية منى شداد حيث فازت الفنانة المصرية الظريفة الواثقة من نفسها ومن معلوماتها،وحدسها العفوي لما يفكر فيه العرب، بمبلغ 120 ألف ريال سعودي،هو برنامج تفاعلي أكتسب جمهورا كبيرا من المتفاعلين و " المنفعلين " على امتداد مساحة التواصل العربي،وقد اطلع الذين اشتركوا في البرنامج أو تابعوا حلقاته لمجرد الفرجة والمتعة والاستمتاع،على الكثير من الأجوبة المتنوعة التي " أتفق " عليها العرب بنسبة غالبة تجاه الكثير من القضايا الاجتماعية والسياسية والحياتية المهمة،ومن ذلك اتفاق النسبة الأكبر منهم على ان الخطاب الديني هو السبب الرئيس للأرهاب،وأن القضية الفلسطينية لا تحل الا بقرار دولي،وان القضية الأكثر اهتماما عند العرب هي ارتفاع المعيشة ثم البطالة،كما اتفقوا على اجابات اجتماعية من نوع ان الطلاق اصبح مقبولا في مجتمعنا العربي،وان المال هو الهاجس الأهم في حياة الرجل،وان الوظيفة هي التي تجعل المتقدم للزواج مناسبا للأهل،وان البخل هو السبب الذي يدفع بالمراة لأن تترك الرجل،فضلا عن اجابات لاسئلة طريفة منها ان نسبة الجريمة سترتفع لو أصبحت الشرطة كلها من النساء!

إن الذين "استنكروا" فوز فيفي عبده بقدرتها على معرفة ما يفكر به " العرب " مازالوا يتحصنون خلف متاريس الزمن الذي لا يتمنون مغادرته،كما انهم لا يرغبون بالاعتراف ان  " الجيل العربي الجديد " الذي فتح عيونه على " البلي ستيشن" و " رضع " من شبكة الانترنت و " شب " على تطبيقات برامج التفاعل والتواصل،وعاش معطيات العولمة والحوكمة والمقرطة والفوضى الأميركية " الخلاقة " التي جعلت امة العرب برمتها ترقص " عالوحدة ونص "  لم يعد يفرق بين المفكر التنويري الأزهري "محمد عبده " والمطرب السعودي  "محمد عبده " ولا بين الكاتب المصري الراحل  " أنيس منصور " والمراسل الاعلامي والصحفي اليمني الشاب  " أنيس منصور" ولا بين الشاعر العراقي الكبير الراحل  " الجواهري " ومحلات  " جواهرجي  " الحجاز لبيع الذهب والمجوهرات في القاهرة الجديدة بجوار مستشفى رابعة العدوية!

العرب اليوم، هم غير عرب الأمس،ولو قدر لفقيه عصر النهضة " محمد عبده " ان يبعث حيا،ولو قدر له ان يشارك في برنامج " اسأل العرب " الى جانب الفنانة الطيبة  " فيفي عبده " لرمى عمامته،ومزق جبته،ونتف لحيته،وولى هاربا،مستعجلا العودة الى منطقة المدافن بشارع صلاح سالم  ... حيث قبره الذي يقال انه محاط بأكوم القمامة وروائح الزبالة من كل الجهات!
 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز