

سهام ذهنى
عودة عايدة الأيوبى ومنى الشاذلى
بقلم : سهام ذهنى
ما الذى يجمع بين منى الشاذلى وعايدة الأيوبى، هل تجمع بينهما فقط «العودة»؟ حيث عادت الإعلامية الكبيرة منى الشاذلى إلى الجمهور عبر شاشة «إم بى سى مصر»، بعد غيابها منذ شهور عن قناة «دريم»، وحيث عادت الفنانة الكبيرة «عايدة الأيوبى» بعد حوالى ستة عشر عاما من البُعاد وطرحت ألبوما دينيا، وجاء ظهورها الأول إعلامياً على الشاشة بعد العودة مع «منى الشاذلى».
ليست العودة إلى الجمهور هى فقط ما يجمع بينهما، فالبساطة والتلقائية وعدم التكلف تجمع بينهما، الرغبة فى الإخلاص، والحرص على الإتقان، والدأب والصدق وإشعارك بالحميمية تجمع بينهما.
جمع بينهما أيضا أن كلا منهما تحرص على أن تكون هى نفسها بتغيرات أحوالها، ووضوح اختياراتها وتجدد مسيرتها.
حين شاهدت عايدة الأيوبى فى الحلقة المتميزة التى ظهرت فيها مع منى الشاذلى لم أشعر أن هناك اختلافا فى الجوهر بين عايدة الأيوبى وهى بالحجاب تتغنى بمدح المصطفى صلوات الله وسلامه عليه، وبين تلك الفتاة الرقيقة التى جذبت الجمهور بـ «على بالى» و «عصفور» زمان. فالحشمة سلوك، وليست فقط ملابس، وقد كانت عايدة الأيوبى محتشمة الأداء والمظهر ومحترمة فى اختيار الكلمات والألحان، ثم أكملت هذا بارتداء الملابس المحققة للمواصفات الشرعية.
هى فى كل أحوالها تقدم فنا راقيا يخاطب الوجدان وليس الغرائز، ويتناول المعانى الإنسانية النبيلة.
وعايدة الأيوبى منذ غنت «على بالى» كنت أشعر بأنها فتاة بينما كانت تدندن مع نفسها سمعها الناس وأعجبهم صوتها وغناؤها. ثم هى من جديد الآن تتغنى بأسماء الله الحسنى فتبدو وكأنها تذكر الله سبحانه وتعالى بينها وبين نفسها وأنه قد تصادف وجود مكبر صوت أمامها فسمعناها، وإذا بنا نجد أنفسنا كأننا نسبح الله معها وجدانيا ولسنا مجرد مستمعين معجبين بالصوت والصدق وإجادة التحكم تلقائيا فى درجات صوتها، فعلى الرغم من إمكانيات صوتها القادرة على أن تفتحها فتجعلها ممتدة كأنها صاعدة إلى السماء، فإنها لا تترك العنان لصوتها، إنما هى تجيد الهمس حين يقتضى المعنى الهمس. فأداء عايدة الأيوبى لأسماء الله الحسنى بلحن سيد مكاوى الذى أحببناه من قبل عبر صوت الشيخ النقشبندى ثم صوت هشام عباس، هو أداء عظيم بصوتها، وفى الوقت ذاته فإن الحالة التى تبثها وهى تتغنى بالأسماء الحسنى عبر لحن د. علاء صابر هى حالة متميزة ومتناغمة مع طريقتها الفريدة فى الغناء التى تبدو خلالها وكأنها بالفعل قد قامت بـ «تشفير» وجود آخرين حولها مُحلّقة مع ذكر المولى سبحانه، مع آلة القانون المصاحبة لصوتها التى تبدو كرقرقة مياه عذبة فى خلفية حركة مؤمن سابح فى ملكوت الله عز وجل.
هى أيضا تغنى بردة البوصيرى بالفصحى البليغة دون تردد، كأنها تستوحى جسارة أم كلثوم حين غنت نهج البردة لأحمد شوقى ورباعيات الخيام.
أما حين صدح صوت عايدة الأيوبى فى نهاية الحلقة «مدد يارسول الله»، وكان قد تصادف أن واكبت تلك الليلة بدء العدوان الإسرائيلى على غزة، فقد شعرت بأننا نطلب المدد من التزامنا بتعاليم الإسلام التى بلغها لنا الحبيب صلى الله عليه وسلم، وأننا نستغيث بأن يدفعنا حبه إلى أن يتقن كل منا فى عمله سواء فى مجال العلم أو الفن أو الجهاد.
إنها عايدة الأيوبى، من رائحة الأحباب الذين يرتبط اسمهم بالجهاد فهى حفيدة صلاح الدين الأيوبى، بكل ما يحمله اسمه من عبير تحرير القدس واستعادة المسجد الأقصى المبارك